القصة الكاملة لأزمة تطبيق قانون ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة
أثارت تصريحات وزير المالية، الدكتور محمد معيط، بشأن اقتراب تطبيق المادة الرابعة من القانون الصادر رقم 199 لسنة 2020، التي تفرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية على البورصة نهاية العام الجاري، جدال داخل مجلس النواب، بسبب الأوضاع المنزعجة التي تمر بها البورصة المصرية وتحقيقها يوميا لخسائر كبيرة.
وعلى إثر ذلك أعلن عدد من أعضاء مجلس النواب تقديم مشروع قانون بتعديل القانون الصادر للمطالبة بتأجيل تطبيق العمل بهذه الضريبة لنهاية 2022 بدلا من نهاية 2021، واستبدالها برسم تنمية موارد تعوض حق الدولة في الحصول على موارد جديدة، مؤكدين أن الهدف من التعديل هو دعم المستثمرين وعدم فرض أي أعباء جديدة عليهم في ظل الركود الذي يحول أمام الاقتصاد المصري بسبب جائحة فيروس كورونا.
من جانبه قال النائب محمود الصعيدي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إنه بالتعاون مع عدد من أعضاء مجلس النواب تم العزم على التقدم بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون 199 لسنة 2020، بشأن ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة، وذلك لعدم تكبيل المستثمرين في مجال البورصة أعباء جديدة، في ظل مواجهة التحديات التي فرضتها جائحة فيروس كورونا على العالم.
وأوضح الصعيدي، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن مشروع القانون الذي سيتم تقديمه فور انتظام جلسات مجلس النواب في الانعقاد الحالي، يتضمن النص على تأجيل تطبيق العمل بالضريبة على الأرباح الرأسمالية التي يحققها المقيمون من الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين من الأوراق المالية المقيدة ببورصة الأوراق المالية المصرية حتى نهاية 2022.
وأكد أن البرلمان السابق أصدر قانون رقم 199 لسنة 2020، مقدم من الحكومة تضمن تأجيل تطبيق الضريبة لنهاية عام 2021، ومع اقتراب انتهاء تلك المهلة وبدء تفعيل هذه المادة من القانون، مهد وزير المالية عن تطبيق أحكام القانون مما يشكل عبء على المستثمرين لا سيما في ظل استمرار حالة من الركود تصيب الاقتصاد المصري بل وعدد كبير من اقتصاديات العالم، الأمر الذي سيشكل خطورة وسيحدث حالة من تباعد المستثمرين الأجانب والعرب عن الاستثمار في البورصة في مصر بسبب فرض هذه الضريبة، في الوقت الذي تعاني منه البورصة من خسائر يومية تصل لمليارات الجنيهات.
وكشف أن مشروع القانون الذي سيتقدم به النواب لن يجور على حق الدولة في البحث عن موارد جديدة لها، حيث نص المقترح المقدم من النواب على تأجيل الضريبة عام واحد فقط، وسيتم استبدالها هذا العام برسم تنمية موارد يضمن في الوقت ذاته للدولة دخول موارد جديدة لها تغطي بها احتياجاتها.
وعلى صعيد آخر تقدم بعض النواب بطلبات إحاطة بشأن تأجيل تطبيق فرض الضريبة العام الجاري، حيث تقدم النائب عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل، وعضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بطلب إحاطة بشأن التداعيات المترتبة على تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على ناتج التعامل في الأوراق المالية فالبورصة، والمقرر بدء العمل بها في مطلع يناير ٢٠٢٢.
وأكد إمام، في طلبه أن سوق الأوراق المالية المصري يعاني من إنخفاض أحجام وقيم التداول اليومي على مدى الخمس سنوات الماضية، فضلا عن قلة عدد الشركات المقيدة في سوق الأوراق المالية، والتي وفقا لأحدث التقديرات الصادرة عن البنك المركزي لم يتجاوز عددها ٢١٨ شركة بنهاية يونيو٢٠٢٠.
وطالب إمام بإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على ناتج التعامل في الأوراق المالية، نظرا لكونها مقيدا لحركة الاستثمار في سوق الأوراق المالية، وكذلك من شأنها تقويض فرص طرح شركات جديدة في سوق الأوراق المالية.
وأشار عضو لجنة الخطة إلى تناقض النص التشريعي مع الهدف المتعلق بمكافحة الازدواج الضريبي، إذ أن الضرائب تخصم فعليا من أرباح الشركات قبل إجراء إية توزيعات، ونظرا لكون المساهم شريكا ومالكا في الشركة، فأن ذلك يعني حدوث ازدواج ضريبي ما بين الضرائب التي فرضت بالفعل على ناتج نشاط الشركة، وكذلك تفرض أيضا على توزيعات ارباحها، وخاصة أن ضريبة الأرباح الرأسمالية على ناتج التعامل في الأوراق المالية تفرض بدون خصم إية تكاليف أو مصروفات.
من جانبه تقدم النائب محمد مصطفى السلاب، وكيل لجنة الصناعة بمجلس النواب، بطلب إحاطة لوزير المالية بشأن إعلان بدء تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة اعتبارا من أول يناير المقبل.
وأشار النائب في طلب الإحاطة، إلى أن هذا القرار تسبب فى حالة كبيرة من البلبلة بسوق رأس المال، وهبوط متتالى لأسعار الأسهم بالسوق الذى يعانى العديد من المشكلات التى يصعب معها تطبيق القانون فى الوقت الحالي.
وأشار السلاب إلى أن إعلان وزارة المالية دليل استرشادي لتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة، اعتبارا من بداية العام المقبل، فى الوقت الذى ما زال الاقتصاد والشركات المصرية تعانى من تأثيرات أزمة كورونا، وحالة الضعف الكبيرة التى يمر بها سوق رأس المال، والذى لا يتخطى حجم رأس المال السوقى به نحو 10% فقط من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2021، انخفاضا من 105% عام 2007، كما تراجع عدد الشركات المقيدة فى البورصة من 1151 شركة عام 2002 إلى 238 شركة فقط حاليا.
وأوضح وكيل لجنة الصناعة بالبرلمان، أن الحكومة تسعى لبدء طرح حصص من نحو 5 شركات حكومية فى البورصة خلال العام الحالي وفقا لتصريحات وزير المالية، وهو ما تم تأجيله لوقت طويل نتيجة الأزمات المتتالية التى أثرت سلبا على سوق رأس المال، ويتنافى هذا الطرح تماما مع بدء تطبيق الضريبة، التى تمثل عبئا إضافيا على الشركات المدرجة بالبورصة، فى الوقت الذى يجب العمل على خطة متكاملة لجعل سوق المال المصرى جاذبا للاستثمارات وزيادة عدد الشركات المدرجة فى البورصة وليس طاردا لها، وخاصة مع السعى الحثيث للعديد من الدول المجاورة لجذب استثمارات كبيرة، وتعد سوق رأس المال أحد أهم طرق جذب هذه الاستثمارات فى المجالات الاقتصادية المختلفة.
وقال محمد السلاب: "هذه الضريبة يتم تطبيقها في دول عديدة، ولكنها تتميز بوجود أسواق مال قوية بحجم رأس مال سوقى وتداولات كبيرة، كما يتم تطبيق هذه الضريبة بنسبة منخفضة منعا لهروب الاستثمارات إلى أسواق أخرى، مثل الهند وجنوب أفريقيا وفرنسا والصين، والتى تقل فيها نسبة الضريبة المفروضة عن 1%".
وتابع النائب: "هناك حاجة لإعادة دراسة النسبة الأمثل للتطبيق فى حالة الأسواق الناشئة التى تحتاج لمزيد من الجهود لرفع قيم رأس المال السوقى والتداولات، فى الوقت الذى نص فيه القانون على نسبة ضريبة 10% على البورصة المصرية".
وطالب عضو مجلس النواب، بدراسة العائد المتوقع من فرض الضريبة، في مقابل الآثار السلبية المتوقعة حال فرضها، وهو ما يتطلب دراسات يتشارك فيها جميع الجهات المعنية من وزارة المالية والبورصة المصرية والشركات العاملة بالسوق، وتحديد نسبتها بما يتسق مع أسواق الدول المنافسة لمصر فى جذب الاستثمارات، حتى لا تكون البورصة المصرية طاردة للاستثمار، ولتحقيق العدالة الضريبية فى نفس الوقت، واختيار التوقيت المناسب للتطبيق تكون فيه البورصة المصرية فى وضع قوة يسمح بذلك وليس فى وضع ضعف وتراجع نتيجة العديد من المتغيرات، وهو ما يتطلب تأجيل تطبيق الضريبة فى الوقت الحالي.