وزارة التربية.. المشاكل و الحلول
هل توجد مشكلة بلا حل ؟
لا أعتقد ؛ فلا شيء في هذه الدنيا مستحيل مع مواجهة المشاكل و دراسة تفاصيلها و أسبابها و جذورها و الحلول العملية و العقلانية المتاحة ؛ و الإيمان بان الهرب منها و تجاهلها لا يعالجها بل يزيد من أسقامها و يترتب عليها ما هو أفدح من الوضع القائم.
و وزارة التربية ألقت إلينا ببعض المشاكل التي تواجهها بدء من عجز معلمين وصل إلى رقم مذهل هو 350 ألفا ما كان احد ليتصوره او يحلم به في أسوأ كوابيسه ؛ ثم عدد المدارس التي لا يتناسب طرديا مع عدد الطلاب الضخم ؛ مما ولد ثلاث مشاكل: كثافة عددية داخل الفصل وصلت إلى سبعين طالبا فأكثر ؛ وجود أكثر من فترة دراسية وصلت في بعض المناطق التعليمية إلى العمل على ثلاث فترات ؛ عجز في الهيئة التعليمية بسبب وقف التعينات لتخفيف الجهاز الإداري للدولة ؛ ثم مشكلة صيانة المدارس التي تحتاج ميزانيات تقول الوزارة أنها تفوق إمكاناتها.
و دعنا نبدأ من كثافة الفصول خصوصا في الجائحة الحالية ؛ و الحل بسيط و ليس من اختراعي و لا إبداعي ؛ انما رأيته مطبقا في دول الخليج حيث كثافة الصف الواحد لا تزيد بحال من الأحوال عن 25 طالبا ؛ فتم تقسيم حضور الطلاب إلى مجموعتين تتناوبان الحضور يوما و يوم مع تخفيف المنهج المقرر بحذف بعض الوحدات ؛ فما بالك بمدارسنا التي وصلت كثافة فصولها إلى العدد المعلوم؛ فهي اولى بتطبيق التجربة.
أما صيانة المدارس و هي مهمة الأبنية التعليمية فالموضوع يحتاج إلى إجرائين: أولا جرد المخازن و المهمات للوقوف على المتوفر و تقدير العجز تقديرا دقيقا ؛ لأن ما حدث في مدرسة الخانكة من جلوس الطلاب على الأرض ثم فرش الفصول بالأثاث بين عشية و ضحاها أمر يثير الريبة و يشير إلى إهمال و تقاعس و تجاهل مشكلة مع توافر إمكانات ظهرت في وقت قياسي بسبب ظهور المشكلة بالصوت و الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي ؛ ثانيا الاستعانة بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة بما يتوافر لها من إمكانات و طاقات بشرية و سرعة و دقة في الإنجاز. و الاستعانة ببند التبرعات العينية؛ كل مدرسة في محيطها تعلن حاجتها لعدد الطاولات و المقاعد و ادوات السباكة و الأحواض لحمامات الطلبة. و لو احتاج الأمر بناء مدارس يتم التيسير في الإجراءات و فتح باب التبرع لمن يرغب في بناء المدارس ؛ فالذين ينفقون بكرم و بذخ على بناء دور العبادة لن يتوانوا عن بناء دور للعلم.
أما عجز الهيئة التعليمية فلا يمكن ان نعفي الوزارة و لا الدولة من مسئوليتها لما آلت إليه الأمور في هذه النقطة ؛ فلا يمكن بحال من الأحوال أن أعتبر الهيئة التعليمية موظفون يجري عليهم مشروع تخفيف الجهاز الإداري للدولة لأنهم ليسوا بعمالة زائدة و لا بطالة مقنعة ؛ بل أصحاب مهنة لا يمكن الاستغناء عنها ؛ بل من الإنصاف اعتبار وزارتهم وزارة سيادية و هم من ذوي الوظائف الحساسة ؛ بسبب خطورة المنتج النهائي الذي يقدمونه ؛ فهو إما منتج لشخص مثقف واع أو شخص جاهل متطرف او إرهابي.
ما كان يجب على الوزارة ان تتقاعس عن منتسبيها حتى يصل العجز لهذا الرقم ؛ كما أن وقف التعينات مع خروج المعلمين الكبار إلى المعاش ؛ يجعل المخزون البشري لمعلمي الوزارة في تآكل و سينضب هذا المخزون بعد ان يصل للرقم صفر في خلال سنوات معدودات. و الاعتماد على التعاقد او التطوع لا يحل المشكلة ؛ لأن التعليم لا يقوم على المعرفة فقط ؛ انما يقوم على المعرفة و الخبرة ؛ فتراكم سنوات من العمل يزيد المعلمين خبرة في طرق التدريس و تقديم المعلومة و التعامل مع الطلاب تربية و تعليما. و التعاقد يوفر معلمين جدد لديهم المعرفة لكنهم يفتقدون الخبرة ؛ و بالوضع الحالي لن يكون بالوزارة خبرات من المعلمين القدامى.
و الحل له أكثر من شق : اولا استغلال الدرجات الشاغرة بالخروج معاش او استقالة او معاش مبكر في التعيين ؛ ثانيا الاستعانة بخريجي الآداب و التربية و دار العلوم و اللغة العربية و الألسن و العلوم و الهندسة المجندين في القوات المسلحة للتدريس بالتربية و التعليم فترة تجنيدهم لسد العجز و اعتبارها فترة خدمة عسكرية كاملة.
المشاكل في مصر كثيرة ؛ و الحلول أكثر ؛ لكن كل شىء يتم بالإرادة و الرغبة في الحل.