رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دروس فى الوفاء والأصالة

كنت دائمًا ضيف على حفلات ذكرى إنتصار أكتوبر العظيم فيما قبل يناير 2011 بحكم طبيعة عملى أنذاك والحقيقة فإننا أعتدنا على توقع فقرات تلك الإحتفالات قبل البدء فيها حيث لم تكن تتعدى سوى إحتفالية فنية يشارك فيها معظم المطربين المتواجدين على الساحة فى هذا التوقيت بالإضافة إلى بعض التابلوهات الراقصة المعبرة عن بعض أحداث حرب أكتوبر وسرعان ما تنتهى الإحتفالية وتنتهى الليلة التى يكون قد سبقها صباح نفس اليوم وضع أكاليل الزهور على النصب التذكارى لشهداء تلك المعركة وأيضًا على قبر الزعيم الراحل قائد الحرب والسلام الرئيس أنور السادات.
ولا تسعفنى الذاكرة خلال تلك الفترة أن قامت القيادة السياسية فى هذا الوقت بتكريم أى من قيادات أو أفراد القوات المسلحة التى شاركت فى تحقيق هذا الانتصار العظيم وهذا لا يعنى بطبيعة الحال اننى أنتقد ذلك بأى صورة من الصور ولكننى أجد نفسى عندما أقارن بين ما كان يحدث فى هذه المناسبة وبين ما يحدث الآن أجد أن هناك اختلافًا كبيرًا جدًا على كافة محاور تلك الاحتفالية بل أننى ومعى معظم من عاصروا المرحلة السابقة والحالية أصبحنا لا نتوقع ما سوف يسفر عنه برنامج الاحتفال فى كل عام اعتبارًا من 2014 وحتى يومنا هذا.
أصبحنا فى كل عام ننتظر الندوة التثقيفية التى غالبًا ما يشارك فيها أحد ابطال تلك المعركة ومعه مجموعة من رجال الفكر والثقافة والشباب حيث يتحاور معهم السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أمور هى أبعد ما تكون عن التوقعات حيث يتحدث مع كل منهم فى موضوعات لا نعلم عنها الكثير منها أو من تفاصيلها إلى أن جاء احتفال هذا العام حيث كان كل من السيد اللواء دكتور سمير فرج، والأستاذ الدكتور مفيد شهاب على رأس المتحدثين عن حرب أكتوبر ومن بعدها مباحثات طابا الشاقة التى أسفرت عن استعادة كافة الأراضى التى أحتلتها إسرائيل عام 1967.
إلى هنا الأمور تسير وفقاً لمجريات الذكريات العظيمة والسرد المنطقى للأحداث وسير المعركة، إلا أن فوجئنا بمداخله للسيد الرئيس مع اللواء دكتور سمير فرج يعلن فيها أمام العالم أجمع الذى كان يشاهد تلك الندوة أنه كان قائده عندما كان برتبه الملازم أول وكان سيادته برتبة المقدم وأرتأى فيه أنه صاحب رؤية وقرار منذ كان فى هذه الرتبة الصغيرة وأستعرض موقفين يؤكدان صحة رؤيته وهو الأمر الذى جعله يحصل على تقدير امتياز من بين أربعة قادة فى كتيبته حصلوا على هذا التقدير، وأيضًا عمل مع سيادته وهو رئيس أركان الفرقة 33 ثم قائدًا لها، ثم تزاملا معًا أثناء قيام المجلس العسكرى بإدارة شئون البلاد عام 2012 وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى مديرًا للمخابرات الحربية وكان أحدث ضابط بالمجلس، كنت أرى لمعة العين فى وجه السيد الرئيس وهو يتحدث عن قائده ودمعة الاحساس بالوفاء فى عين اللواء دكتور سمير فرج الذى كان حريصًا ألا يبوح بتلك المعلومات طوال هذه الفترة حرصًا على سريتها وأهميتها ولئلا تفهم بطريق الخطأ.
لقد رأيت درسًا عظيمًا من دروس الوفاء بين الضابط وقائده حتى ولو كان هذا الضابط قد أصبح رئيسًا وزعيمًا للبلاد، ويكفى هنا دليلاً على صواب رؤية اللواء سمير فرج أن الملازم أول عبدالفتاح السيسى كان صاحب قرار وفكر وجرأة ورؤية فى إتخاذه قرار إزاحة جماعة الاخوان المسلمين التى كانت جاثمة على صدورنا جميعًا خلال ذلك العام الأسود التى أستولت فيه على حكم البلاد.
أصبحت اليوم لا أتعجب عندما يصدر السيد الرئيس تعليماته بإطلاق أسماء ذوى الفضل من العسكريين والمدنيين كل فى مجاله على تلك الكبارى العملاقة التى تنشأ فى البلاد لتسهيل حركة المرور، ولا أتعجب فى اتخاذ سيادته قرارًا تاريخيًا غير مسبوق بعمل جنازة عسكرية للسيدة جيهان السادات التى شاركت الزعيم أنور السادات مشوار الكفاح والحرب والسلام وأيضًا فى تكريم الشهداء قيادة وأفراد وكذلك المصابين والاستماع إلى مطالبهم وشكواهم، أصبحت لا أتعجب إطلاقاً فى هذا التركيز والصمت قبل اتخاذ أى قرار يتعلق بأمن وأمان البلاد فسيادته قد تعلم من قائده أنه لا توجد مشكلة بدون حل ولا يوجد شئ اسمه المستحيل.
ما أعظم الوفاء بين البشر وبعضهم وما أجمل الاحترام بين القيادات ومرؤوسيهم، وما أنبل تلك الرسالة التى وجهها لنا الرئيس عن معنى الاحترام العسكرى وأسلوب التعامل الراقى بين الضباط وبعضهم والتى تحمل أدبيات وأخلاقيات كبيرة أتمنى أن تكون قد وصلت لقيادات الدولة فى مختلف مواقعهم الأمنية والإدارية أسوة بما هو موجود فى المؤسسة العسكرية قال تعالى فى كتابه العزيز "ولا تنسوا الفضل بينكم" صدق الله العظيم.
وتحيا مصر