رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تبرع لـ الغلابة


مشجع زملكاوي تبرع لـ النادي بـ نص مليون جنيه، قوم إيه: الدنيا طبعًا والعة، مش كان يتبرع بيهم لـ الغلابة؟
فيه ناس قليلين عقلاء ردوا وقالوا: فلوسه وهو حر فيها، والكلام اللي بالك فيه دا. وناس تانيين أعقل بس عددهم أقل شوية، قالوا: ومين قال لك إنه مش بـ يتبرع؟ ما يمكن يجوز بـ يعمل كدا، مفيش دليل أو أمارات إنه عشان تبرع لـ النادي، يبقى ما عملش كدا في حتة تانية.
بـ النسبة لي، كل هاتيك الردود ظريفة، ومتفق معاها من حيث المبدأ، إنما فيه حاجة تانية، بـ أشوفها أهم، وهي: ومين قال لـ حضرتك إنه لما يتبرع لـ مؤسسة زي نادي كورة، يبقى كدا ما اتبرعش لـ الغلابة؟
لأ، هو عمل كدا فعلًا، ومن ناحيتين كمان.
أولًا، هو نادي الزمالك دا أو الأهلي أو غيره، مفيهوش غير اللاعيبة اللي بـ تاخد ملايين؟ ما فيه موظفين وإداريين وعمال وأمن و"غلابة" ياما، ولما بـ يبقى فيه أزمة، مستحقاتهم هما كمان بـ تعطل.
يعني ممكن تلاقي موظف في الحسابات، بقى له شهرين ما قبضش، فـ لما تيجي فلوس زي دي، ممكن يبقى فيه فرصة يقبض. 
حتى لو قلنا إنه النادي هـ يدفع لـ اللاعبين، ما اللاعبين دول هـ يصرفوها في التزامات تعود بـ النفع برضه على "الغلابة": هـ يدفع لـ سواق ومطعم وكافيه، ولو عنده شقة تشطيبها متوقف عشان الفلوس هـ يتيح فرصة تشغيل لـ عمال وسباكين ومبيضين محارة.
الغرض هنا أي فلوس بـ تتحرك بـ تعود بـ النفع على دايرة ما، من ضمن الدايرة دي فيه كتير غلابة.
قد يقال هنا: طب ما هي عنده كانت كدا.
الإجابة: كلا البتة، اللي اتبرع بـ نص مليون دا، عنده رقم ما من الجنيهات، خلينا نقول 10 مليون، اللي بـ يتحرك منها نسبة معينة، سواء هو بـ ينفقها بـ شكل مباشر، أو مودعها في بنك والبنك بـ يحركها، لكن دايمًا فيه نسبة من الأموال دي متجمدة، مجرد رقم متداول على ورق، أو إلكترونيًا كمان، أصفار ووحايد على أجهزة.
هو لما ياخد من الجزء المتجمد دا، ويحركها في دواير، يحصل اللي قلنا عليه.
النادي مش هـ ياخد الفلوس دي يحطها في البنك، أو في خزينة النادي، ويقعد يعد فيهم.
ممكن حد تاني يقول: بس هو لو اداهم لـ ناس غلابة مباشرة كدا، هـ يستفيدوا أكتر، لـ إنهم هـ ياخدوا الأموال دي، ومش هـ يقدموا قصادها حاجة، إنما لو دفعهم في حاجات تتيح فرص عمل، فـ الناس هـ تشتغل بـ الفلوس دي، يبقى فين "التبرع"؟
طيب: اسمح لي أقول لـ حضرتك إنه الكلام دا شوية قاصر، إتاحة فرص عمل، وتحريك الأموال في دواير، دا ينفق ودا ينفق ودا ينفق، أفيد ميت مرة من إنك تدي حد فلوس في إيده، الشغل بـ يجيب شغل، والحركة بـ تجيب حركة، والقرش اللي بـ يلف، بـ يفيد قطاع أكبر من البشر.
أكيد أنا مش ضد إنه يتبرع مباشرة، ويجوز، زي ما قلنا، بـ يعمل كدا. إنما الكلام هنا عن إنه التبرع لـ مؤسسة شغالة، هو تبرع لـ الغلابة برضه، أيًا كان شكلها، أو طبيعة دورانها.
الناحية التانية بقى:
خلينا نفترض إنه تبرعه دا، ما نتجش عنه أي حاجة، غير إنه النادي جاب لاعيبة أجود، فـ الأداء بقى أحسن، والنادي بقى بـ يكسب.
ما النادي دا في حد ذاته مصدر سعادة لـ الجموع، يمكن أكتر من اللحمة ذات نفسها.
الغلبان دا مش آلة بـ تاكل وتشرب وتنام، وفيه جوانب في حياته لا تقل أهمية عن الأنشطة "الأساسية" بيولوجيًا، زي الكورة والفنون، فـ لو حد تبرع لي واداني فلوس أعيش بيها، يبقى كتر خيره، وعداه العيب وقزح.
لو حد تبرع لي وجاب لنا ميسي الأهلي، والله أكون مبسوط أكتر من الفلوس.
المهم يعني، أي حد بـ يحل كيسه، أيًا ما كان اللي بـ يحله عشانه، هو أمر ظريف، والأغراض لا تتعارض، ويا سيدي، لما يبقى معاك نص مليون جنيه تتبرع بيه، ابقى اديهم لـ الغلابة، ربنا يديك ويديهم.