فش غل
شايف كدا موجة استنكار شديدةلـ اهتمام الشعب المصري بـ الكورة، وإنه سايب الحاجات المهمةوبـ يتكلم في تفاهات، مع محاولات استنباط تفسيرات، زي إنه دا مقصود لـ إلهاء الشعب عن أموره، أو إنه الناس نفسها انشغلت عن عظائم الأمور بـ سفاسفها.
من موقعي هذا أحب أطمن القلقين على الشعب ومستوى وعيه ودرجة ثقافته، ومدى قدرته على تقييم الموضوعات، إنه الجدل الدائر حاليامالوش دعوة بـ كرة القدم: لا فنياتها ولا أبجدياتها، ولا تاريخها ولا أرقامها، ولا فلسفتها ولا خلفياتها، سواء كانت رياضية أو اجتماعية، أو سياسية أو اقتصادية.
كما إنه يا أصدقائي، دول يومين وهـ يعدوا، ما الناس كانت بـ تهري في الثانوية العامة، وخناقة شاكوكش ورضا البحراوي، وسقوط أفغانستان في يد طالبان، وأيام الانتخابات الأمريكيةالناس اهتمت، وأريقت آلاف البوستات والتحليلات، وبرضه لما سعر النفط انخفض، ولما إعلامي بـ يتجوز اتجوز.
برضه أيام حي الشيخ جراح، وفي رمضان كان كله بـ يحلل أداء الممثلين، ومدى تماسك الحبكة الدرامية، وساعة حادثة الشابين اللي اتهموا الكمساري بـ رميهم من القطر، والوزيرة الهولندية بايناللي مستنية القطر، وبـ تاكل ساندوتش هامبورجر، وطول الوقتالناس جايين في أي حاجة.
ليه؟ لـ إنه فعلياالأغلب الأعم من مستخدمي فيسبوكمش بـ يستخدموهلـ طرح ما هم مهتمين بيه في الواقع، ولا لـ إضافة قيمة ما. إنما بـ الأساسلـ فش الغل وتخفيف الضغوط.
كل واحد في حياتهعنده أمورهاللي هو معني بيها فعليا وبـ جد: مسئوليات العمل، أعباء البيت، الهموم الاجتماعية، اللي بـ يخلص ورق، واللي بـ يعزل من بيته، واللي داخل نزاع على ورث، واللي بـ يسعى في سفر، واللي راجع من سفر، والمريض، واللي عنده حد مريض، واللي أخوه عامل مشاكل، واللي أمه في خلاف دايم مع مراته.
اللي ما اتجوزتش، واللي اتطلقت، واللي عايز تخلع من جوزها، يووووووه، وكل قلب في قلق، ولـ كل واحد كاس.
المشكلة الأكبرإنه حتى الحاجات والمحتاجاتوالأنشطة وخلافه، اللي دورها الأساسيهو تخفيف الضغوط وتجديد الطاقة، هي نفسهابـ تتحول لـ أعباء، في ظل إنه العادي بتاع البشر(على الأقل عندنا)هو إنهم مش بـ يفكروا في الغاية الفعلية من أي شيء، وإنما بـ ينساقوا لـ السباق الاجتماعي.
ما يختارش مثلا مكانيقدر يفصل فيه ويشد الفيشة، إنما لازم المصيف الفلاني، لـ إنه أنضف وأوجه وأشيك، فـ يتولد عن دا مصاريف وتكاليف ووسائل انتقال، وحجوزات وإيميلات وحسابات بنكية.
أو النادياللي لازم تبقى عضو فيه، عشان ما ينفعش تبقى مع الرعاع، وكل واحد عنده "رعاع" حريص على عدم مخالطتهم، حتى اللي بـ يروح أبو قيربـ يبقى عشان يتجنب جمصة.
فـ يعنيالسوشيال ميديا بـ النسبة لـ أغلب البشر، فرصة لـ تحقيق انتصارات على أي مستوى، وهي انتصارات مجانيةلا تكلفه سوى الشتيمة في دا، والنرفزة على دوكهه، وإثبات إني صح، وإنهم غلط، وإني حطيت عليهم، ودوست على وشهم، لـ حد ما صاحوا، وكان صياحهم طرب.
إيه بقى الموضوعاللي سويت فيه كل الهوايل دي؟
مش مهم، ومش فارق: أهلي/زمالك، دولجي/ثورجي، علماني/سلفي، ملحد/متدين، مسلم/مسيحي، بـ يحب الصيف/بـ يعبد الشتا، لا إنجابي/عايز عزوة، أي حاجة أي حاجة.
طبعاالأدوات هنا بـ تكون إيه؟
السخرية، السب واللعن، شير صور وفيديوهات حراقة، نشر أخبار ومعلومات دون تدقيق، تكوين ألتراس وشلل، متابعة المهرة في قصف الجبهات، وتكبير شعبيتهم، وتوسيع أرضيتهم.
كل ما ينطرح موضوعنهري فيه بـ نفس الطريقة، وذات الآليات، مش فارق هنا بقىمجال هذا الموضوع، ومدى اهتمامي أنا شخصيا بيه، وإلمامي بـ جوانبه، وقدرتي على الإضافة فيه، مش مهم.
هـ تتكلموا في التطور؟ معاكم. في علوم الفضاء؟ راشق. في البورصة؟ ما بـ أقولش لأ. في الكورة؟ لعبتي؟ في الفن؟ أنا أصلا ممثل قديم. في السياسة؟ أنا الشعب.
وبعد ما أضرب البقين، أو أشيرهم من عند حديعرف يقولهم أحسن مني، أقفل الفيسبوك أو تويتر، وأبدأ أفكر في اللي بـ جد بقى، قسط المدرسة: أعمل فيه إيه؟
