رئيس «الأورومتوسطى لدراسة الإسلام»: التصوف يهدف لمواجهة مظاهر التخلف الديني والتعصب
أكد الدكتور منير القادري بودشيش، مدير المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، ورئيس مؤسسة الملتقى العالمي للتصوف، أن مفهوم "المواطن الصالح" الذي تسعى كل الأدبيات التربوية والثقافية في العالم لإنتاجه بشتى الوسائل، فتنجح حينا بصورة نسبية، وتفشل أحيانا أخرى؛ إنما هو مفهوم "الإنسان الكامل"، الذي تسعى التنمية الروحية والأخلاقية إلى تحقيقه عبر إصلاح الأنفس وتطهيرها وتزكيتها، والانتقال بها من السلبية إلى الايجابية، وأن هدفها التغيير الايجابي لحياة الأفراد والمجتمعات.
وفي ذات السياق، أورد " القادرى" خلال مشاركته فى فعاليات الليلة الرقمية رقم 72من ليالى الوصال الصوفية، مقتطفا من الرسالة الملكية السامية التي وجهها للمشاركين في الدورة الأولى للمناظرة الوطنية للتنمية البشرية في 19 سبتمبر 2019 بالصخيرات، حيث قال " إيمانا منا بأهمية التصور الجديد للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الذي يجعل من الاستثمار في الجوانب اللامادية للرأسمال البشري أولوية الأوليات، باعتبارها منطلق الإصلاح، وقاعدة بناء المستقبل، فإنه ينبغي تعميم هذا التوجه في بلورة وتنفيذ السياسات العمومية الاجتماعية، من أجل إيجاد حلول ناجعة للمشاكل الحقيقية للساكنة، من خلال اختيار أفضل المقاربات، وابتداع أنجع السبل الكفيلة بتجاوز معيقات التنمية البشرية الشاملة .
وتابع : كما نتوخى أن يشمل منتداكم بالنقاش والتحليل، الجوانب المتعلقة بالحكامة والتمويل والتكوين، من أجل الارتقاء بجودة الخدمات، وتشجيع روح المبادرة والإبداع، ونشر الوعي لدى الفئات المستهدفة ".
وأورد "القادرى" أيضا من ذات الرسالة السامية " وتلكم بعض المقومات الأساسية لنجاح هذا التوجه الاجتماعي الجديد، الذي يجعل من تنمية الجوانب اللامادية خيارا لا محيد عنه، من أجل كسب رهان هذه المرحلة الحاسمة في نمو الفرد، وضمان انفتاحه على المستقبل، في إطار من التوازن والعدالة والإنصاف، بعيدا عن معوقات الفقر والإقصاء الاجتماعي، وهو ما لا يتأتى إلا باعتماد أسلوب ناجع في حكامة وتدبير السياسات الوطنية المعتمدة في الميدان الاجتماعي، من خلال التركيز على الاستثمار في الرأسمال البشري والاجتماعي، الذي يعتبر منطلقا لاعتماد جيل جديد من المبادرات الإصلاحية، الهادفة إلى زرع الأمل وبناء مغرب الغد".
وفي الختام أكد "رئيس مؤسسة الملتقى العالمى للتصوف، على أنه لإنجاح المشروع التنموي الجديد لابد من الانطلاق بالتنمية من الإنسان أولا لأنه هو محورها، موردا قول الإمام الجنيد : "التصوف هو التخلق بكل خلق سني والتخلي عن كل خلق دني"، موضحا أن التصوف -مقام الإحسان الذي هو ثابت من ثوابت الهوية الدينية والوطنية للمغاربة، كان دائما "يهدف إلى مواجهة مظاهر التخلف الديني والتعصب ومحاربة الغلو والتطرف وتحصين الهوية الثقافية والوطنية والدينية للمجتمع من كل الاختراقات وتلقين مبادئ الوطنية الصادقة وأهمية الغيرة على مقدسات الوطن، والسعي في خير وصلاح البلاد والعباد تحقيقا لمقاصد التنمية الروحية، وصناعة رجال بأخلاق سامية وهمم عالية يطوعون صعاب الواقع بكفاءتهم ويساهمون في إنجاح كل مشاريع التنمية، مخلصين لوطنهم وملكهم".