استمرار إغلاق مدارس الفلبين بإصرار من الرئيس دوتيرتى
ذكرت دورية ذا دبلومات المتخصصة في الشئون الآسيوية، أن المدارس في الفلبين لا زالت مغلقة منذ مارس 2020 بسبب إصرار الرئيس رودريجو دوتيرتي على أن إعادة الطلاب إليها يمثل مخاطرة لا يمكن للبلاد تحملها في ظل انتشار وباء "كوفيد-19".
وأضافت دورية (ذا دبلومات) أن دوتيرتي رفض في البداية اقتراح وزارة التعليم بإعادة فتح المدارس في ديسمبر 2020 نظرا لتصاعد حالات الإصابة بكورونا المرتبطة بمتغير ألفا، رغم أنه كان قد سمح للمراكز التجارية وساحات مصارعة الديوك باستئناف عملياتها في ذلك الوقت.\
وجاء رفض دوتيرتي الثاني لنفس الاقتراح من جانب وزارة التعليم في فبراير من العام الجاري، عندما أكد أنه يجب على الدولة أولاً تطعيم المعلمين والطلاب من أجل حماية الصحة العامة.
وكان الرفض الثالث في يونيو الماضي عندما أصدر دوتيرتي أوامره لوزارة التعليم الفلبينية بإسقاط الاقتراح بإقامة فصول تعليمية وجهاً لوجه بسبب التهديد الذي يمثله متغير دلتا الأكثر عدوى. وبسبب هذا التوجيه، قامت الوزارة بالتحضير للعام الدراسي الجديد دون النظر في إمكانية إعادة فتح المدارس تدريجياً.
ومن المتوقع أن يبدأ أكثر من 25 مليون طالب فلبيني بالمدارس الابتدائية والثانوية الحصول على حصص دراسية الأسبوع الجاري، حتى لو كانت المدارس لا تزال مغلقة. كما سُمِح لعدد قليل من الكليات بتجربة الفصول الدراسية وجهًا لوجه، غير أن بقية المؤسسات التعليمية في البلاد تواصل الاعتماد على التعليم عبر الهاتف المحمول والإنترنت.
وفي أغسطس الماضي، كانت الفلبين واحدة من خمس دول في العالم لم تعِد فتح المدارس أثناء الوباء.
ويدرك خبراء التوعية التأثير الضار للإغلاق المطول للمدارس، وهذا هو السبب الذي دفع وزارة التعليم الفليبينية لاقتراح إعادة فتح حوالي 1900 مدرسة في المناطق منخفضة المخاطر، ثم خفضت العدد إلى أقل من 200 بسبب متغير دلتا، غير أن دويترتي لا يزال يرفض الاقتراح.
ونوهت "ذا دبلومات" إلى أن وزارة التعليم لم تُكلِف نفسها عناء مناقشة طلبها بقوة مع الرئيس حيث تقبلت رفضه على الفور، حتى لو كان هناك عددًا من الأبحاث الكافية التي كان يمكنها الاستشهاد بها لإقناع دوتيرتي بأنه من الممكن إعادة فتح المدارس بأمان أثناء مكافحة الوباء.
ومنذ العام الماضي، استقال العديد من المسئولين الذين اختلفوا مع وجهات نظر الرئيس وسياسات الحكومة في التعامل مع الوباء من مناصبهم، كما أدى أسلوب دوتيرتي إلى إثناء خبراء التعليم الآخرين عن التقدم بآرائهم وتحدي قراره.
ووفقاً لدورية "ذا دبلومات"، لا تعتبر تلك هي المرة الوحيدة التي تتخذ فيها الفلبين تدابير لمكافحة الوباء بناءً على ما يعتقد دوتيرتي وحده أنه الأفضل للمواطنين، إذ أصدر أوامره باستخدام دروع الوجه كإجراء وقائي إضافي ضد كورونا، وهو ما شكك خبراء طبيين من فرقة العمل الحكومية في صحته.
إلا أن هذه السياسة لا تزال قيد التنفيذ، حتى بعد الكشف بالفعل أن أساسها العلمي ضئيل، وتؤدي لتفاقم مشكلة التلوث البلاستيكي في البلاد.
وقد يكون لدى دوتيرتي نوايا حسنة في منع المدارس من إعادة فتح أبوابها، إلا أن هذا القرار له تداعيات سلبية طويلة المدى على الاقتصاد ورأس المال البشري في البلاد، ناهيك عن أنه تسبب في أزمة تعليمية وعزز عدم المساواة الاجتماعية التي قد تستغرق سنوات لحلها.
وأظهر استطلاع محلي أن 46 في المئة فقط من الآباء أو الأوصياء الذين لديهم أطفال في التعليم الأساسي قالوا إن أطفالهم يتعلمون في إطار برنامج التدريس المدمج التابع لوزارة التعليم، مما دفع ممثلة اليونيسف في الفلبين، أويونسيخان ديندفينوروف، للتحذير من تأثير إغلاق المدارس على الأطفال، موضحة أن ذلك قد يؤدي إلى فقدان التعليم والاضطراب العقلي وعدم الحصول على التطعيم وزيادة خطر التسرب من الدراسة وعمالة الأطفال والزواج المبكر.
وبينما أظهرت تجربة البلدان الأخرى أنه يمكن للمدارس العمل مع توخي احتياطات عدم نشر عدوى كورونا، ويمكن للطلاب العودة بأمان إلى المدارس والحرم الجامعي من خلال ممارسة البروتوكولات الصحية، كما يمكن للمجتمعات العمل في ظل "الوضع الطبيعي الجديد" حتى لو تم تخفيف القيود في التجمعات المدرسية، ولا يزال دوتيرتي مقتنع بشدة بأن السماح للمدارس بالعمل من شأنه الإضرار بالبلاد.