رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«التمصير» خسرنا كتير.. خبراء: تجاهل حكايات الأجداد وراء فشل «الرعب المصرى»

الرعب المصرى
الرعب المصرى

تشهد الأعمال الفنية المصرية ما يمكن اعتباره «صحوة» لتيمة الرعب، سواء على مستوى السينما أو التليفزيون، بعدما ظلت لسنوات مقتصرة على بعض المحاولات، والتى كان أغلبها مجرد «تمصير» لأعمال أجنبية، ولهذا السبب لم يذهب الجمهور إلى هذه الأعمال، فى ظل وجود أصحاب القصص الأصلية.

كما أن هذه القصص تُناسب بشكل أكبر تلك المجتمعات الغربية التى صُنعت فيها، فلماذا نقدمها لجمهورنا هنا ونترك تراث الأدب العربى والمصرى الملىء بالأساطير دون بحث دقيق والخروج منه بقصة جيدة تليق بتيمة «رعب مصرى»؟

وتزامنت هذه «الصحوة» مع دخول العرب عالم المنصات الرقمية، التى أعادت تيمة الرعب إلى الظهور من جديد.

ورأى الكاتب والسيناريست محمد سليمان عبدالمالك أن السينما المصرية لا تملك رصيدًا حقيقيًا فى سوق أفلام الرعب، وكل ما أنتجته حتى الآن مجرد محاولات وتجارب، معتبرًا أن هذه النوعية من الأفلام غير مطروقة فى مصر ولا الدول العربية، مثل أفلام الأكشن والكوميديا.

مع ذلك، يعتقد «عبدالمالك» أن المشكلة ليست فقرًا فى الإبداع أو الأدوات، بل هى «فارق ثقافى» فقط، موضحًا أن أدب الرعب لم يتطور منذ القرن ١٨، مثلما تطور فى أوروبا، بداية من الروايات القوطية وأعمال مارى تشيلى الشهيرة مثل «فرانكنشتاين» و«دراكولا»، فى المقابل تأخر عندنا، وبالتالى انتقاله إلى السينما والوسائط الأخرى لم يحدث، خاصة أن أدب الرعب غير متغلغل فى الثقافة المصرية.

واعتبر أن أفلام المخرج الراحل محمد شبل كانت تجربة جيدة ومبشرة، لكن لم يتم البناء عليها، ولم تتطور بالقدر الكافى، مشددًا على أن أفلام الرعب عامة لا تهدف إلى إرعاب المشاهدين، لكن ينبغى أن يكون هناك معنى وعمق معين فى الشخصيات والأجواء، بحيث إن المشاهد يصدق وتحدث حالة من الاندماج فى قصة الفيلم.

ولذلك وصف «الموجة الجديدة» من أفلام الرعب بأنها ما زالت فى مراحل التجريب، مضيفًا: «المشكلة أن هذه الأفلام تأخد الشكل الأجنبى، متجاهلة التمعن فى العمق وما وراء الصورة والتقنيات، ولأننا صرنا نستورد النوع الفيلمى، فمن الطبيعى ألا يصدقه المشاهد بما فيه الكفاية، وينشأ حاجز بين المتفرج والشاشة».

واقترح على صُنّاع أفلام الرعب الجدد أن تكون أعمالهم حقيقية، وليست مجرد نقل عن تيمات غربية، قائلًا: «يُمكن عند البحث فى تراثنا العثور على تيمات موجودة منذ آلاف السنين. ستكون أقرب للناس»، معتبرًا أن هذا ما حدث فى تجربة مسلسل «أبواب الخوف».

وتعجبت الناقدة السينمائية صفاء الليثى من غياب الأفكار الأصلية، والتمسك بـ«الفانتازيا» التى نشاهدها فى الأفلام الأجنبية، فى حين أننا نمتلك مصادر عديدة مميزة، مثل كتاب: «ألف ليلة وليلة»، إلى جانب كتاب شعبى قديم بعنوان: «أساطير من الغرب وأساطير من الشرق»، وفيه تحتوى القصص الشرقية على حكايات مثل: «أمنا الغولة»، تلك القصة التى أخافتنا صغارًا، وصارت مثلًا شعبيًا ضمن المستحيلات الأربعة: «الغول والعنقاء والخل الوفى».

وأضافت متسائلة: «كيف لا نستغل هذه القصص التراثية والثقافة الشعبية القديمة؟ كيف لم نستغل حكايات الأجداد، وبدلًا عن ذلك نبحث عن مقتبسات من القصص الأجنبية ونعمل على تمصيرها، فتصبح غير قابلة للتصديق؟».

ورأت أن المشكلة ليست فى التقنيات أو الإمكانات، لكنها كذلك فى الأفكار الإبداعية، على الرغم من أنها موجودة فى حياتنا وتراثنا، والكثير من الأفلام الأجنبية شبيه بتراثنا، مثل رحلات «السندباد»، متابعة: «هذه قصص موجودة ونعرفها، لماذا لم تُستخدم إذن؟».

واعتبر المخرج أحمد خالد أن العمل فى أفلام الرعب و«الفانتازيا» ليس سهلًا، بل يحتاج لطريقة تفكير وطرق مختلفة لتنفيذه، بشكل يختلف عن الأنواع الدرامية الأخرى، كما أنه يحتاج إلى مجهود كبير من كل صُنّاعه، وتحديات كثيرة يجب التغلب عليها.

وأرجع عدم إنتاج السينما المصرية أفلام رعب ذات مستوى فنى جيد إلى صعوبات إنتاج الفيلم الجيد من الأساس، مضيفًا: «من أجل إنتاج فيلم جيد نحتاج إلى مقومات وعوامل كثيرة، بما يساعد على نجاحه، سواء على المستوى التجارى أو الفنى».

وقال «خالد» إن أفلام المخرج محمد شبل، مثل «التعويذة» و«أنياب» وغيرهما، كانت تجربة ناجحة وبداية لإنتاج أفلام رعب مصرية.