«المخلفات الصلبة- كنز يحتاج إلى إدارة».. دراسة للمركز المصري للفكر
نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان "المخلفات الصلبة في مصر كنز يحتاج إلى إدارة"، مؤكدة أنه تتزايد كميات النفايات في مصر مع تزايد النمو السكاني والأنشطة الاقتصادية، وعلى الرغم من أن هذه النفايات بداخلها كنز مدفون يدر ويفتح الطريق أمام العديد من المشروعات كـ(إنتاج الأسمدة، انتاج الطاقة، مشروعات إعادة التدوير وغيرها)، إلا أن عملية التخلص من النفايات تدار بشكل عشوائي في كثير من الأحيان، وينتهي المطاف بمعظم النفايات في مقالب عشوائية من قبل المواطن، ثم حرقها أو جمعها في مدافن بعضها صحي والغالبية الأخرى غير صحية، وتفوت الفرصة على عملية إدارة النفايات واستغلالها الاستغلال الأمثل.
وأوضحت الدراسة، أن مشكلة القمامة شهدت تطور ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، فقبل 9 سنوات من الآن، خاصة بعد انتهاء تعاقدات الشركات الأجنبية التي كانت تدير المنظومة، كانت أكوام القمامة تناطح السحاب وتنتشر بكل ربوع البلاد، فالمخلفات تسد الشوارع المدن، وتعطل السيولة المرورية، والأمراض تواجه الأطفال، دون تفرقة بين الأحياء الريفية أو الحضرية أو بشوارع العاصمة أو حتى بالميادين العامة.
وأشارت إلى أنه تتنوع المخلفات الصلبة بمصر، وفقًا لأخر بيانات منشورة بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء 2017- بين مخلفات زراعية، وهي النسبة الأكبر بين مجموع المخلفات الصلبة بنسبة 35%، يليها مخلفات الترع والمصارف بنسبة 28%، وتأتي في المرتبة الثالثة المخلفات البلدية (وهي المواد الصلبة أو شبه الصلبة التي تتخلف عن الأنشطة الإنسانية اليومية العادية ويتم التخلص منها عند مصدر تولدها كنفايات ليست ذات قيمة تستحق الاحتفاظ بها، وإن كان من الممكن أن يكون لها قيمة في موقع آخر أو ظروف أخرى بما يوفر الأوضاع المواتية لعمليات إعادة الاستخدام أو التدوير) أو بكلمات أخرى هي المخلفات المنزلية اليومية، وتمثل 23.2% من حجم المخلفات الصلبة الناتجة، يليها كلا من المخلفات الصناعية والهدم والبناء، والحمأة، بنسبة إجمالية تقدر بـ 13.8%.
واستطرد أنه وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء عن عام 2019 فيتولد في مصر حوالي 36.6 ألف طن قمامة يوميا، وتعتبر محافظة الدقهلية يليها القاهرة المحافظات الأكثر تخلصا من النفايات، مضيفا أنه يقوم مجلس المدينة أو الحي بالتخلص من النسبة الأكبر منها والتي تصل إلى حوالي 70%، يليها التخلص من خلال الجمع السكني بنسبة 18%، وفي المرتبة الأخيرة من خلال شركات جمع القمامة بنسبة 12%.
وأكدت الدراسة أن عملية إدارة المخلفات الصلبة بمصر عملية غير مجدية وغير فعالة بمصر، لعدة عوامل والتي سبق ذكرها، ولحل هذا الوضع المتأزم يجب إقرار إنه تقع مسئولية حل الأزمة على كلا من المواطن، وأجهزة الدولة مجتمعة، فمسئولية الفرد، يجب عليه الالتزام بإلقاء القمامة في أماكنها المخصصة لذلك، على أن تجري شرطة المرافق دوريات تفتيش مستمرة خاصة بأوقات الصباح الباكر، بأماكن تجمع القمامة وتوقيع غرامات فورية مناسبة على المخالفين، لكن هذا يتطلب في المقام الأول توفير صناديق لجمع القمامة بعدد كافي.
أما عن مسئولية الحكومة أو من ينوب عنها من شركات قطاع خاص، فيجب عليها:
بالنسبة لوزارتي البيئة والتنمية المحلية: يجب توفير صناديق جمع القمامة على مسافات متقاربة مع مراعاة الكثافة السكانية للمنطقة، والمناطق المؤدية للشوارع الرئيسية والميادين والمواقف العامة.
توفير عربات نقل القمامة الألية للحفاظ على سلامة الصناديق وعمرها الافتراضي.
حال عدم توافر الاعداد الكافية، يمكن دراسة إجراء بروتوكول تعاون مشترك مع مصنع سيماف ووزارة الإنتاج الحربي لزيادة نسبة المكون المحلي بمنظومة إدارة المخلفات، أو توطين صناعة عربات جمع المخلفات الآلية وغيرها من الآلات، لتغطية الاحتياجات المحلية وتصدير الفائض.
العمل على استيعاب مقاومي التغيير، كالنباشين، وجامعي القمامة الفرديين “الزبالين، العربجية” بالأماكن العشوائية، وإدخالهم بمنظومة المخلفات كموردي قمامة لمصانع إعادة التدوير، أو تدريبهم وتحويلهم لأصحاب مصانع تدوير، من خلال تقديم قروض ميسرة لهم، على أن يتم إجراء متابعات دورية لهذه المصانع للتأكد من الالتزام بالاشتراطات البيئية.
الاستفادة من خريجي مدرسة “إعادة تدوير المخلفات” المقامة بحي الزبالين بالمقطم وتفعيل دورها، وجعل طلابها سفراء لنشر الوعي بين مجتمع الزبالين، باعتبارهم أكثر المخالطين تجانسًا مع المجتمع.
تعميم الفكرة بكافة الأحياء حتى وإن تم ذلك على نطاق أضيق كمدارس الفصل الواحد وتتبع طريقة التعليم غير النمطي، خاصة أن نسبة لا بأس بها من القمامة لا يتم توجيهها إلى حي الزبالين ويتم فصلها وتدويرها بمصانع بدائية تضر البيئة أكثر من فائدتها في التدوير.
يجب رفع الوعي البيئي لدى المواطنين، وخاصة بين الأطفال والشباب بمراحل العمر المختلفة من خلال إضافة مواد ومسابقات دراسية تهتم بالنظافة وتنمية الوعي البيئي للفرد والمجتمع.
وعلى الرغم من إطلاق وزارة البيئة عدة مبادرات للحفاظ على البيئة كمبادرة “كن مثل أدم”، أو بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، لحث طلاب المرحلتين الابتدائية والاعدادية على فصل المخلفات من المنبع بالمدارس وذلك في الحاويات المخصصة لكل نوع من أنواع المخلفات والتوعية بمفهوم إعادة الاستخدام وإعادة التدوير؛ إلا أن هذه المبادرات لم تؤتي بنتائج ملموسة. على العكس من ذلك كانت نتائج مبادرة “أنتي البداية”، وذلك لرجوع عوائد مادية على المواطن، فقد يتطلب الأمر أحيانا التضحية بحفنة من المال لزرع ثقافة بيئية سليمة، وجني ثمار مستدامة مستقبلا.
تبني حملات إعلامية توضح خطورة انتشار القمامة كمشكلة أمن قومي لما يمكن أن يؤدى إليه تراكمها من انتشار الأوبئة والأمراض، وإمكانية تحويل الأزمة إلى قيمة مضافة، وتحول إدارة المخلفات إلى صناعة تستوعب أعداد هائلة من البطالة وتدر عوائد مالية كبيرة.
ضرورة التوعية بأهمية الفصل من المنبع، بعمل زيارات منزلية لربات البيوت لإيضاح كيفية عملية الفصل وأهميتها، ومن الممكن توزيع أكياس مجانية بألوان متنوعة ومكتوب عليها نوع المخلفات كتشجيع للمواطنين على عملية الفصل، ويمكن أن يقوم بهذا الدور الرائدات الريفيات، والمطلوبين لأداء الخدمة العامة، فمن الصعب الاستفادة من المخلفات الصلبة دون الفصل من المنبع للاحتفاظ بالقيمة المضافة لكل عنصر على حدة، لأن في الغالب خلط المخلفات يتسبب في إفسادها جميعا.