تحذيرات ومناورات.. كيف يتحرك الغرب وطالبان في أفغانستان؟
تتواصل التحركات الغربية فيما يخص ملف أفغانستان بعد سيطرة طالبان على العاصمة كابول وعلى معظم أراضي البلاد، وبدورها تتحرك أيضا الحركة لتثبيت أقدامها بشكل أكبر، وسط تحذيرات ومناورات من الجانبين.
وترصد «الدستور» في التقرير التالي كيف يتحرك الغرب وطالبان لتحقيق أهدافهم:
القوى العظمى تجتمع غدًا لتحديد أولوياتها
تعقد مجموعة السبع "جي 7" غدا الثلاثاء، اجتماعا استثنائيا عبر الإنترنت لبحث الأوضاع في أفغانستان والتعاون في عمليات الإجلاء الحالية من مطار كابول.
وقبل ساعات من الاجتماع، كشف وزير الدفاع البريطاني بن والاس عن أن رئيس الوزراء بوريس جونسون سيطلب من الرئيس الأمريكي بايدن تمديد تاريخ الانسحاب من أفغانستان بعد 31 أغسطس.
وأضاف بن والاس في تصريحات لصحيفة الديلي ميل البريطانية أن واشنطن ستحصل على كل الدعم من بريطانيا في حال قرروا البقاء لمدة اطول في أفغانستان، مشيرا إلى أن عملية الإجلاء ستتواصل ما دامت الحالة الأمنية تسمح بذلك بالتنسيق مع الحلفاء الأمريكيين.
جاءت تصريحات بن والاس بعد مياحثات هاتفية مع نظيره الأمريكي لويد أوستن مساء الأحد، حسبما قالت وزارته التي أكدت أن عملية الإجلاء ستتواصل ما دامت الحالة الأمنية تسمح بذلك بالتنسيق مع شركائنا الأمريكيين.
كانت صحيفة التلجراف البريطانية قد نشرت تسريبات حول نية جونسون في أن يطلب بشكل شخصي من بايدن اليوم تأجيل الموعد النهائي للانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من أفغانستان.
وذكرت الصحيفة أن جونسون سيضغط على بايدن خلال اجتماع مجموعة الدول السبع لمواصلة رحلات الإجلاء من مطار كابول.
فيما قالت مصادر لوكالة "رويترز" إن بريطانيا تسعى أيضا لدفع زعماء العالم لبحث فرض عقوبات جديدة على حركة طالبان في اجتماع مجموعة السبع المقرر غدا.
وأكد مسؤول بريطاني رفيع المستوى لرويترز دون الكشف عن هويته، إن بريطانيا ستطلب من مجموعة السبع بحث فرض عقوبات اقتصادية ووقف المساعدات، إذا ارتكبت طالبان انتهاكات ضد حقوق الإنسان وسمحت باستخدام أراضيها كملاذ آمن للمتطرفين.
من جهته، قال دبلوماسي غربي لوكالة "رويترز" إن من غير المرجح تبني قرار فوري بفرض عقوبات على طالبان.
يذكر أن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب هو أول من أثار إمكانية فرض عقوبات على طالبان الأسبوع الماضي.
وفي مقابل التصريحات البريطانية، كان قد ألمح بايدن مساء الأحد في كلمة له إلى احتمال بقاء الجنود الأمريكيين في أفغانستان بعد 31 أغسطس، كاشفا عن وجود مباحثات جارية بالفعل في هذا الشأن.
وقال بايدن أن هناك مناقشات جارية بين الإدارة الأمريكية والجيش بشأن التمديد، ولكنه أعلن ايضا أنه لا يتمنى أن يضطر إلى التمديد.
فيما كشف جيمس هيبي وزير القوات المسلحة البريطانية وجيمس كليفرلي وزير الدولة بوزارة الخارجية البريطانية إن جونسون سيطلب من بايدن تمديد المهلة النهائية للرحيل عن أفغانستان اليوم الثلاثاء.
وأضاف الوزيران أن بريطانيا تضغط لتمديد المهلة النهائية لما بعد 31 أغسطس لزيادة عدد من يمكن أن تقدم لهم المساعدة للخروج من أفغانستان.
وقال هيبي في تصريحات لسكاي نيوز البريطانية، أن نحو 4 آلاف شخص مؤهلون للقدوم للمملكة المتحدة لا يزالون في أفغانستان، وأن الحكومة تريد إجلاء آلاف آخرين إذا كان بوسعها ذلك.
بينما قال كليفرلي لشبكة بي بي سي البريطانية "أعتقد أن ما تعلمناه خلال الأسبوع الماضي أو نحو ذلك هو أن الجداول الزمنية التي نضع خططنا على أساسها ليست دوما تحت سيطرتنا.. الآن من الواضح أنه كلما أتيح لنا مزيد من الوقت، زاد عدد الأشخاص الذين نستطيع إجلاءهم وهذا ما نضغط للقيام به".
وسيبحث اجتماع مجموعة السبع أيضا عمليات الإجلاء وكيفية معالجة الوضع في كابول حيث يحتشد الآلاف من الراغبين في الفرار من أفغانستان إلى المطار بعد سيطرة طالبان على البلاد.
استمرار عمليات الإجلاء وسط فوضى مطار كابول
وتستمر عمليات الإجلاء رغم ما سببته الفوضى الناجمة عن تدفق عشرات آلاف الأفغان إلى المطار بوفاة 20 شخصا على الأقل، بحسب مسؤول في حلف الناتو.
وقال الجيش الألماني على تويتر الإثنين أن أحد أفراد قوات الأمن الأفغانية لقي حتفه وأصيب 3 آخرون في اشتباكات شاركت فيها أيضا قوات أمريكية وألمانية في مطار كابول، مضيفا أنه لم تقع إصابات بين جنود الجيش الألماني.
طالبان تحذر الغرب وتظهر تسامحها للأفغان
وحول التلميحات والتصريحات التي أثيرت بشأن تمديد بقاء القوات الأمريكية والأجنبية، حذر مسؤول في طالبان في تصريحات لوكالة رويترز الاثنين، من أن انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان خط أحمر.
وأشار سهيل شاهين المتحدث باسم حركة طالبان، اليوم، إن الحركة أصدرت تحذيرا بشأن انسحاب القوات الأجنبية من أراضيها.
وأضاف شاهين "هذا خط أحمر. لقد أعلن الرئيس جو بايدن أنه سيسحب كل القوات العسكرية في 31 أغسطس. وإذا جرى تمديد ذلك فإن هذا معناه أنهم سيطيلون الاحتلال من دون أي داع".
وتابع: "إذا كانت الولايات المتحدة أو بريطانيا تسعى لطلب وقت إضافي لمواصلة الإجلاء فالإجابة ستكون لا وإلا ستكون هناك عواقب"، مشيرا إلى أن ذلك "سيخلق حالة من عدم الثقة فيما بيننا. وإذا كانت نيتهم مواصلة الاحتلال فذلك سيكون له رد فعل".
وداخليا، تواصل حركة طالبان إظهار تسامحها، حيث أعلنت الإثنين، أنها منحت عفوا لجميع مسؤولي الحكومة الأفغانية السابقة، بمن فيهم الرئيس أشرف غني، وأكدت لهم أنه يمكنهم العودة والعيش في أفغانستان.
وقال خليل الرحمن حقاني، المسئول في حركة طالبان في حوار لقناة "جيو" الباكستانية، إن طالبان تعفو عن الرئيس الأفغاني أشرف غني ونائب الرئيس عمرو صالح، وتدعوهم للعودة إلى البلاد إذا رغبوا في ذلك.
وأضاف: "لا عداوة بين طالبان والرئيس المخلوع أشرف غني ونائب الرئيس عمرو الله صالح ومستشار الأمن القومي حمد الله محب".
ووعد حقاني بالأمان لجميع الجنسيات التي تعيش في البلاد، وأكد أن "الطاجيك والبلوش والهزارة والبشتون جميعهم إخواننا".
ووزعت طالبان أيضا مشاهد مصورة لقيام وزير شؤون القبائل والأقوام السابق غل آغا شيرزي بإعلان تأييده وولائه لها رغم أن شيرزي كان ضمن من ساعدوا واشنطن في الإطاحة بطالبان من قندهار عام 2001، إلا أن مباعيته للحركة تعد أمرا مهما حيث أن شيرزي عنصر فاعل داخل المجتمع البشتوني.
وقام وفد من المكتب السياسي لطالبان بلقاء النائب السابق لمجلس الشعب ظاهر قدير، والرئيس السابق لمجلس الشورى العالي للمصالحة الحاج دين محمد، لمناقشة الأوضاع في البلاد بالإضافة إلى طمأنتهم، وتأكيد ضمان أمنهم وسلامتهم.
وكان وفد من أعضاء المكتب السياسي لطالبان التقى مع الرئيس السابق حامد كرزاي، ورئيس مجلس المصالحة عبد الله عبد الله، وعدد من المسؤولين السابقين في كابول.
ومن جانب آخر، قال متحدث باسم طالبان، اليوم، إن الحركة تتفاوض مع المسلحين في بنجشير لتجنب الحرب وإراقة الدماء. وأضاف المتحدث "استعدنا المناطق جميعها في بغلان التي سيطر عليها مسلحون سابقا".
وأعلنت حركة طالبان الأحد شن هجوم واسع النطاق على وادي بنجشير، المنطقة الوحيدة التي لا تزال خارج سيطرتها في أفغانستان.