فيلم «old».. الإنسان فى مواجهة الزمن المتسارع

أحيانًا يكون الزمن خير معالج للجراح، وقد يظهر مرور الأيام أسوأ ما فى داخلنا.. يحدث هذا فى الزمن الطبيعى، الزمن الثابت الخاضع لقوانين نيوتن، الذى لا يعرف التسريع أو الإبطاء.

لكن ماذا إذا انتقلنا لعالم أينشتاين وقوانين النسبية، التى اكتشفت أن الزمن هو البعد الرابع، وأن سرعة الزمن تتغير وفقًا لقياس حركة الجسم مقارنة بسرعة الضوء، فعلى سبيل المثال يمر الزمن على رائد فضاء أبطأ من الزمن على الأرض بعدة ثوان، ورواد الفضاء الذين يسبحون فى الفضاء بسرعات قد تبلغ ٢٩.٠٠٠ كيلومتر فى الساعة، هؤلاء يمر عليهم الزمن أبطأ مما يمر على سكان الأرض، وعند عودتهم إلى الأرض يكون الرائد أصغر عمرًا ممن على الأرض، معتمدًا على حقيقة الزمن النسبى.

يقدم مخرج الإثارة الأمريكى ذو الأصل الهندى «إم. نايت شيامالان» فيلمه الجديد «old» عجوز، و«شيامالان» هو إحدى أيقونات أفلام الرعب النفسى منذ قدم فيلمه الأشهر «الحاسة السادسة»، الذى رُشح لست جوائز أوسكار، وأخرج عدة أفلام منها «غير قابل للكسر» و«الإشارات والقرية».

فى فيلم «old» المأخوذ عن الرواية الفرنسية المصورة Sandcastle، من تأليف بيير أوسكار ليفى وفريدريك بيترز، يطرح شيامالان فكرة مواجهة الإنسان الزمن المتسارع، الذى يمر دون أن يعيشه أو يعيش تغيراته الطبيعية فى أوانها ووقتها، عندما يمر الزمن سريعًا دون أن يشعر به الإنسان يجد نفسه بلا ذكريات، بلا خبرات، بل إن الحياة نفسها تختفى وتصبح محاصرة بين كلمتى ميلاد ووفاة.

تدور أحداث الفيلم حول مجموعة من اﻷسر تقضى عطلتها فى إحدى الجُزر الاستوائية، لكن هذه الجزيرة تحوى سرًا مظلمًا، وهو شاطئ محاط بالجبال الصخرية يحتوى على قوة غامضة تجعل اﻷشخاص يكبرون فى العمر سنة كل نصف ساعة.

تظهر التغيرات البيولوجية لهذا الزمن المتسارع على المسنين سريعًا فيموتون بمجرد مضى وقت بسيط على وجودهم على الشاطئ، وتظهر على الأطفال الذين يتحولون لمراهقين وشباب فى خلال ٣ ساعات من تواجدهم داخل دائرة هذا الزمن، ويقدم الفيلم لقطة مركزية، حيث يحدث حمل وولادة لطفل ثم وفاته خلال دقائق قليلة من زمننا على الشاشة، التى تساوى نحو ٢٠ دقيقة فى زمن الشاطئ الغامض، فعلى هذا الشاطئ لا توجد حياة بكل تفاصيلها وصراعاتها وحلوها ومرها، فقط هو ممر سريع للشيخوخة التى ينهار فيها الجسم البشرى تحت وطأة الأمراض والمخاوف، فتنهار الأجساد مع تقدم العمر، كما تنهار قلعة الرمال فى الهواء.

قبل بدء المغامرة غير المتوقعة، يتجادل الزوجان ويظهر خلافهما حول رؤية كل منهما للزمن. 

باتريشا: أنت تفكر دائمًا فى المستقبل، وهذا يجعلنى أشعر بأنك لا ترانى.

جاى: أنت دائمًا تفكرين فى الماضى، أنت تعملين فى متحف ملعون.

فى قلب التجربة وقد فقدت الزوجة سمعها وفقد الزوج حدة بصره، تقول الزوجة: أنت الرجل الوحيد الذى أرغب أن أكون معه الآن. 

ويقول الزوج: لقد نسيت الكلمة التى أعبر لك بها عن مشاعرى.

تربت الزوجة التى لا تسمع على يده: أعرف.. أعرف.

مشاهدة فيلم «old» تجعلنا نطرح أسئلة، مثل: ما هو المهم بالنسبة لنا عندما تكون الحياة قصيرة؟ ما الذى يعلمه لنا الزمن؟ وما الذى يأخذه منا؟

وما يجعلنا نطمئن قليلًا أن فرضية تسارع الزمن على الأرض هى فرضية لم يتم تأكيدها علميًا، بل إن العكس هو الصحيح، فقد أثبتت دراسة حديثة أن طول اليوم قد تغير على الأرض عبر مليارات السنين، وأنه قبل ١.٤ مليار سنة، كان اليوم على كوكب الأرض حوالى ١٨.٧ ساعة فقط، وبالتالى اليوم على الأرض يزداد طولًا مع مرور الزمن، ويرجع ذلك إلى أن القمر يبتعد عنا ببطء بمعدل ٤ سم تقريبًا فى السنة، مما يجعل الأرض تبطئ فى دورانها حول محورها»، وبالتالى يزداد طول اليوم.

وبالتالى فعلميًا هذا المكان غير موجود، ولنستمتع بأوقاتنا ونعيش حياتنا دون منغصات أو مشاحنات، فلا أحد يعرف كيف سيمر الآتى عليه.