فى ذكراه.. كيف هزم محمد حسين هيكل «سعد زغلول» فى معركة جريدة السياسة؟
تحل اليوم الذكري الثالثة والثلاثين بعد المائة لميلاد الكاتب والمفكر والسياسي المصري محمد حسين هيكل، صاحب أول رواية عربية "زينب"، رغم اختلاف المؤرخين حول هذا الأمر والتي عنونها بــ"مشاهد من الريف"، وهو رئيس تحرير جريدة "السياسة" الأسبوعية أسسها حزب الأحرار الدستوريين في مصر، وعُيِّن محمد حسين هيكل في رئاسة تحريرها سنة 1926 وهي جريدة سياسية وثقافية اهتمت بالسياسة عمومًا كما نشرت مواضيع فلسفية وفكرية واجتماعية، صدر العدد الأول منها في 13 مارس 1926 واستمرت حتى 28 مايو 1949 بعد أن أصدرت 624 عددًا، وكان مقرها في تلك الحارةوالتي تحمل اسم "جريدة السياسة"، المتفرعة من شارع الكومي بحي السيدة زينب، والتي حملت اسم الجريدة فيما بعد.
وفى مذكراته المعنونة بــ"مذكرات في السياسة المصرية"، يشير محمد حسين هيكل إلى هذه التجربة الصحفية في حياته وذكرياته عن العدد الأول منها فيقول: “عشية ذلك اليوم هيأنا لإصدار العدد الأول في الساعة العاشرة صباحا، إذ يبدأ عدلي باشا بإلقاء خطاب الافتتاح، لتتلي بعده مبادئ الحزب، وقد سهرت يومئذ الليل كله، فلم أطمئن حتي كان هذا العدد الأول بين يدي في بكرة الصباح، وفي الساعة العاشرة ذهبت إلي فندق شبرد حيث اجتمع عدد عظيم من المثقفين والأعيان لسماع الخطاب، فلما فرغ عدلي باشا من إلقائه، وفرغ محمد علي علوبة بك من تلاوة مبادئ الحزب، انتخب أعضاء مجلس إدارته”.
وتباع: “وزع العدد الأول من (السياسة) مصدرا بخطاب عدلي باشا، ولشد ما فرحت حين رأيته بين أيدي باعة الصحف، ورأيت الخارجين من فندق شبرد، بعد سماع الخطاب يقبلون علي شرائه، ولشد ما ابتهجت، وآن لي أن أعود إلي منزلي لأستجم، وزنال من نومي قسطا أعتاض به عن سهر الليلة الماضية بطولها، فلما استيقظت، وآن لي أن أذهب للعمل بالسياسة شعرت بالعبء الجديد الذي ألقي علي كاهلي، وبما يجب علي من بذل غاية الجهد لنجاح الجريدة، مقدرا في الوقت نفسه ما سيعترضنا ن عقبات وصعوبات”.
ــ لماذا حرم سعد زغلول جريدة السياسة من تغطية افتتاح البرلمان
وعن الحملة التي قادها محمد حسين هيكل لمقاطعة سعد زغلول رئىس الوزراء يتابع "هيكل" في مذكراته: “حددت الوزارة يوم ١٥ مارس لافتتاح البرلمان، لأن يوم ١٥ مارس هو اليوم الذي أعلن فيه جلالة الملك فؤاد مصر دولة مستقلة ذات سيادة، ولأن هذا اليوم أعتبر عيد الاستقلال، فعطلت الحكومة مصالحها احتفاءا به في سنة ١٩٢٣، أما سعد باشا كان يري قبل توليه الحكم أن إعلان الاستقلال كان نتيجة لتصريح ٢٨ فبراير سنة ١٩٢٢ ، وكان يعلن يومذاك أن هذا التصريح نكبة وطنية كبري، فقد أراد أن يتحاشي الاحتفال بهذا الاستقلال من غير أن ينكره، ولهذا اختار يوم ١٥ مارس لافتتاح البرلمان، ليقول هو وأنصاره أنهم يحتفلون بهذا اليوم لحساب الدستور لا لحساب الاستقلال”.
واختتم: “حرم سعد زغلول على جريدة (السياسة) حفلة افتتاح البرلمان، فلم يدعها أحمد زيور باشا، رئيس مجلس الشيوخ الأول، إلي حضورها، ورأيت أنا في ذلك اعتداء علي حق ليس يجوز لأحد أن يعتدي عليه إلا أن يكون ظالما، وكنت أحد أعضاء مجلس نقابة الصحافة يومئذ، فاتصلت بزملائي من أعضاء المجلس، واتصلت بغيرهم من الصحفيين المصريين والأجانب الذين يصدرون في مصر صحفا بلغة عربية أو بلغة أجنبية، وعرضت عليهم أمر هذا الحرمان وما فيه من تمييز مجحف، ووافقوني جميعا وندبوا منهم أقرب الناس إلي قلب سعد ليحدثوه في الأمر، لكنه أبي ورفض بحجة أننا نعارضه، على أن هذا الجهد لم يذهب عبثا، فبعد أن انتخب أحمد مظلوم باشا رئيسا للجمعية التشريعية لمجلس النواب، ساوي بين جريدة السياسة وغيرها من الصحف، فتسلمت بطاقتها الدائمة لحضور جلسات مجلسي الشيوخ والنواب، وقد اخترنا صديقنا الزميل محمود عزمي، ليكون مراسلنا البرلماني بمجلس النواب”.