رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«سد النهضة وحرب تيجراى».. جهود واشنطن للانخراط فى مسار المفاوضات بالقرن الإفريقى

جيفري فيلتمان
جيفري فيلتمان

تواصل الولايات المتحدة الأمريكية انخراطها في قضايا المنطقتين العربية والإفريقية، من خلال جولات مبعوثها للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان، وزيارته المتوالية إلى عدد من الدول العربية والإفريقية والخليجية، وذلك في إطار جهود الولايات المتحدة الدبلوماسية لبحث ملفات المنطقة، ومن بينها ملف سد النهضة الإثيوبي، بالإضافة إلى التغييرات السياسية في السودان، فضلًا عن احتدام التوترات في إقليم تيجراي الإثيوبي.

جولة جديدة

وفي أحدث جولاته بالمنطقة، يتوجه المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان، إلى جيبوتي، وإثيوبيا، والإمارات العربية المتحدة، في الفترة من الأحد المقبل الموافق 15 أغسطس وحتى 24 أغسطس الجاري.

وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني مساء أمس، أن المبعوث الخاص فيلتمان سيلتقي كبار المسئولين في الدول الثلاث لمناقشة فرص الولايات المتحدة المتاحة لتعزيز السلام ودعم استقرار وازدهار القرن الإفريقي.

من جانبه، أكد مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، في تغريدة عبر صفحته الرسمية بموقع «تويتر» أمس الخميس، أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، طلب من فيلتمان العودة إلى إثيوبيا «في هذه اللحظة الحرجة».

وتابع: «الحرب المستمرة لأشهر جلبت إلى هذه الدولة المعاناة والتفرقة الهائلتين، ولا يمكن معالجة ذلك من خلال المزيد من القتال.. ندعو جميع الأطراف إلى العودة لطاولة التفاوض فورًا».

جولة خليجية سابقة

جولة «فيلتمان» المقبلة ليست الأولى من نوعها في المنطقة، وإنما سبقتها جولات أخرى خليجية وإفريقية خلال الأشهر القليلة الماضية، ففي أوائل يونيو الماضي، أجرى المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي جولة خليجية شملت كلا من «المملكة العربية السعودية، ودولة قطر، والإمارات العربية المتحدة»، بحث خلالها النزاع حول سد النهضة مع كبار المسئولين بالدول الخليجية الثلاث.

وخلال زيارته إلى الإمارات، التقى فيلتمان، ولي عهد أبوظبي، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وجرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الاستراتيجية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع في القرن الإفريقي وسبل تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة ودعم جهود التنمية في القارة الإفريقية.

وفي المملكة العربية السعودية، التقى المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي، وزير الدولة للشئون الخارجية عضو مجلس الوزراء عادل الجبير، حيث استعرض الجانبان، في بداية اللقاء، جهود المملكة في ترسيخ الأمن والسلام والاستقرار في القارة الإفريقية، خاصةً في منطقة القرن الإفريقي.

وفي قطر، اجتمع جيفري فيلتمان، مع المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري للشئون الإقليمية، علي بن فهد الهاجري، وجرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات الثنائية وآخر التطورات في منطقة القرن الإفريقي، كما استعرض الجانبان سبل التعاون بين قطر والولايات المتحدة في القرن الإفريقي للمساهمة في استقرار وتنمية وازدهار المنطقة.

زيارة إلى مصر والسودان

وفي مايو الماضي، سافر المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي، جيفري فيلتمان، إلى مصر وإريتريا وإثيوبيا والسودان في الفترة من 4 إلى 13 مايو 2021. 

وجاءت جولة المبعوث الأمريكي في مايو الماضي، بعد أيام من إعلان إثيوبيا قرب اكتمال أشغال بناء سد النهضة وبدء التعبئة الثانية في موعدها رغم الرفض السوداني والمصري.

وخلال اجتماعه مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، في الخامس من مايو الماضي، أكد فيلتمان تثمين الولايات المتحدة العلاقات الاستراتيجية مع مصر، وذلك في ضوء الثقل السياسي والدور المحوري الذي تتمتع به مصر في محيطها الإقليمي، بما يسهم في تحقيق التوازن بالمنطقة، وحرص الولايات المتحدة على دفع أطر التعاون بين البلدين الصديقين ثنائيًا وإقليميًا.

وشهد اللقاء التباحث حول عدد من الملفات الإقليمية في منطقة القرن الإفريقي، في مقدمتها تطورات ملف سد النهضة، حيث أكد فيلتمان أن الإدارة الأمريكية جادة في حل تلك القضية الحساسة نظرًا لما تمثله من أهمية بالغة لمصر وللمنطقة والتي تتطلب التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة. 

بيان الخارجية الأمريكية

وفي نهاية جولة المبعوث الأمريكي إلى مصر وإريتريا والسودان وإثيوبيا، قالت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيانٍ لها منتصف مايو الماضي، إن القرن الإفريقي يمر بنقطة انعطاف، وسيكون للقرارات التي تتّخذ في الأسابيع والأشهر المقبلة تداعيات كبيرة على شعوب المنطقة وكذلك على المصالح الأمريكية، كما أعلنت الولايات المتحدة عن التزامها بمعالجة الأزمات الإقليمية المترابطة ودعم القرن الإفريقي ليكون منطقة مزدهرة ومستقرة.

وذكرت «الخارجية الأمريكية»، في بيانٍ أصدرته بتاريخ 14 مايو 2021: «إننا نشعر بقلق عميق إزاء زيادة الاستقطاب السياسي والعرقي في جميع أنحاء البلاد (إثيوبيا)، فالفظائع التي ترتكب في تيجراي والحجم الهائل لحالة الطوارئ الإنسانية هي أمر غير مقبول»، مشيرة إلى أن الأزمة في تيجراي هي أحد تجليات مجموعة أوسع من التحديات الوطنية التي تهدد مصير الإصلاحات الهادفة. 

وفيما يخص السودان، أوضح بيان «الخارجية الأمريكية» أن «الانتقال السياسي في السودان فرصة لا تقع سوى مرة واحدة في كل جيل، ويمكن أن تكون بمثابة نموذج للمنطقة». 

وأكد المبعوث الخاص فيلتمان، لقيادة السودان، أن الولايات المتحدة ستستمر في دعم الانتقال الجاري لهذا البلد إلى الديمقراطية، كيما يتمكن السودان من المطالبة بمكانته كلاعب إقليمي مسئول بعد ثلاثة عقود كان فيها قوة مزعزعة للاستقرار.

كما أكد المبعوث الخاص فيلتمان، في مناقشاته مع القادة في القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، أنه يمكن التوفيق بين مخاوف مصر والسودان بشأن الأمن المائي وسلامة وتشغيل السد مع احتياجات التنمية في إثيوبيا من خلال مفاوضات جوهرية وهادفة بين الأطراف في إطار قيادة الاتحاد الإفريقي، والتي يجب أن تستأنف على وجه السرعة. 

وأشار البيان الأمريكي، في ختامه: «نعتقد أن إعلان المبادئ لعام 2015، الذي وقّع عليه الطرفان، وبيان يوليو 2020 الصادر عن مكتب الاتحاد الإفريقي، قد أرسيا الأساس لمهمة لهذه المفاوضات، والولايات المتحدة ملتزمة بتقديم الدعم السياسي والفني لتسهيل التوصل إلى نتيجة ناجحة».