دعت واشنطن إلى فرض عقوبات على الحكومة لضمان وصول المساعدات إلى الإقليم المحاصر..
باحثة أمريكية: الصراع في تيجراي يهدد استقرار إثيوبيا
قالت فاندا فلباب براون، المحللة الأمريكية والباحثة البارزة بمعهد بروكينجز، إن الحصار الذي يفرضه النظام الإثيوبي على إقليم تيجراي يمثل تهديدًا خطيرا لاستقرار إثيوبيا وسلامة أراضيها وتعايشها العرقي، وينذر بكارثة إنسانية ضخمة وحرب أهلية معقدة ومتعددة الجوانب لها آثار كارثية على القرن الأفريقي الأوسع مما يؤدي إلى جذب الرعاة الإقليميين من الشرق الأوسط.
وأضافت براون، في مقال نشر على الموقع الرسمي للمركز البحثي الأمريكي، إنه بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر، لا يزال الصراع في تيجراي مستمرا ويتفاقم بشكل متزايد حيث امتد إلى المناطق المجاورة للإقليم الشمالي مما أدى إلى زعزعة الاستقرار في البلاد، داعية واشنطن أن تكون مستعدة لتهديد وفرض إجراءات عقابية ضد الجهات الفاعلة في الحكومة الإثيوبية لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الإقليم الذي دمره الحرب والمجاعة.
واستنكرت الباحثة الأمريكية إغلاق القوات الفيدرالية كل النوافذ التي كانت في أمس الحاجة إلى المساعدات الإنسانية في تيجراي، مشيرة إلى أن الجيش الإثيوبي يعاني انهيارا في قوته وإمكاناته وهو ما دفع النظام إلى تكثيف جهوده لتشكيل ميليشيات إقليمية قائمة على أساس عرقي.
وتابعت في مقالها: "قدرة أديس أبابا أصبحت محدودة للغاية للسيطرة على قوات تيجراي، وبمرور الوقت، ستشكل تهديدًا أخطر على استقرار إثيوبيا وسلامة أراضيها"، داعية الولايات المتحدة إلى فرض أدوات لدحر تلك الديناميكيات الخطيرة المستمرة، لافتة إلى أن مسألة تخفيض المساعدات الأمريكية لإثيوبيا كانت مطروحة على الطاولة خلال زيارة سامانثا باور، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، أديس أبابا الأسبوع الماضي.
النظام الإثيوبي أصبح أكثر تشددًا
وأشارت إلى أن النظام الإثيوبي أصبح أكثر تشددًا في مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية، وعزت ذلك إلى تصاعد التوترات العرقية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك في المناطق التي تحظى باهتمام دولي أقل، خاصة بين عرقيات تيجراي وأمهرة وأورومو، ما أدى إلى ظهور التوترات وحوادث العنف والاغتيالات والمذابح والنزوح الداخلي لالاف الأشخاص.
وأضافت: "اتخذت الحكومة، منذ عام 2018، موقفًا تصادميًا تجاه القادة السياسيين التيجرايين على وجه الخصوص، وسعى إلى الحد من سلطتهم، وإخضاعهم للمساءلة عن الجرائم الاقتصادية والسياسية التي ارتكبها الائتلاف الحاكم (الجبهة الديمقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية) في ظل الإجراءات القمعية المتزايدة"، مشيرة إلى أن النظام الإثيوبي كان دائما يرفض التفاوض معهم ويصر على اعتقالهم ومحاكمتهم، وهو ما يمثل بداية الصراع العرقي في تيجراي.
وتابعت أن هذا الصراع تفاقم بدخول الجهات الفاعلة الإقليمية، مثل القوات الإريترية، ساحة المعركة لدعم القوات العسكرية الفيدرالية ، وهو ما يمثل أحد العوامل لترسيخ وثقل قوة الدفاع عن النفس بين القدرات العسكرية لجبهة تحرير تيجراي لا سيما مع عدم إظهار النظام اي استعداد لإجراء مفاوضات تسوية، ومع انسحاب القوات الفيدرالية من تيجراي، توغلت القوات التيجراية في منطقتي عفار وأمهرة مطالبين بتشكيل حكومة انتقالية واستقالة الحكومة الحالية.
كوارث إنسانية
وأوضحت الباحثة أنه في غضون هذا الصراع، كانت مخاطر المذابح بين العرقيات تتزايد بشكل كبير في إثيوبيا، مضيفة أن البلاد معرضة لحرب أهلية عرقية معقدة ومتعددة الجوانب كارثة إنسانية ضخمة ولها آثار كارثية على القرن الأفريقي الأوسع مما يهدد بزعزعة الاستقرار الإقليمي.
ووصفت المحللة الأمريكية المخضرمة الأزمة الإنسانية في منطقة تيجراي بـ "الرهيبة" ، مع الحصار الذي تفرضه أديس أبابا، وعرقلتها وصول الأغذية والأدوية والإمدادات الإنسانية، لا سيما بعد أن تراخيص العمل لاثنين من الفاعلين الإنسانيين الرئيسيين ( أطباء بلا حدود والمجلس النرويجي للاجئين) متهما إياهما بالانحياز إلى الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي.
وتابعت: "يعاني 400 ألف شخص من ظروف بالمجاعة، ويحتاج 4.8 مليون آخرون إلى مساعدات عاجلة ، وستزداد هذه الأعداد في سبتمبر في ظل استمرار منع دخول المساعدات".
واختتمت مقالها: "نداءات واشنطن لأطراف النزاع من غير المرجح أن يتم الالتفات إليه ما لم تكن الولايات المتحدة مستعدة لتهديد وفرض إجراءات عقابية ضد الجهات الفاعلة في الحكومة الفيدرالية وقادة الميليشيات الإقليمية، وتكون العقوبات في شكل حظر تأشيرات وعقوبات ومحافظ اتهامات جنائية"
واستكملت "قد يكون التهديد بمثل هذه العقوبات ضروريًا أيضًا لإجبار قواتهم على العودة إلى مناطقهم الأصلية وضمان إيصال المساعدات الإنسانية، وقد يصبح قطع المساعدات غير الإنسانية لإثيوبيا قريبًا أداة يجب أن تمارسها واشنطن أيضًا".