إلياس خوري ورحلة «غاندي الصغير» مع الحركة الوطنية الفلسطينية
الروائي إلياس خوري واحد من أبرز الكتاب العرب، ولد في بيروت سنة 1948 الحاسمة، ونشر روايته الثانية، «الجبل الصغير» (1977)، في بدايات الحرب الأهلية الطويلة في لبنان، والتي حارب فيها إلى جانب قوات موالية للفلسطينيين ضد أبناء دينه المسيحيين من الكتائب.
أعمال خوري المبكرة معاصرة بشجاعة، حيث خاطبت الصراع اللبناني حتى خلال تكشف الأحداث. وفي رواياته «الوجوه البيضاء» (1981) و«رحلة غاندي الصغير» (1989)، حمل مرآة خياله المكسورة لبلد على حافة الانهيار.
أما رواية خوري الأكثر شهرة فهي «باب الشمس» (1998)، التي وصفتها نيويورك تايمز بـ«التحفة الصادقة» والتي كانت ثمرة قضاء خوري سنوات عدة في المخيمات الفلسطينية في لبنان حيث سمع خلالها قصص اللاجئين عن سقوط قرى الجليل أثناء النكبة.
وفي حوار صحفي لإلياس خوري نشر بالإنجليزية في مجلة ذا باريس ريفيو، أجراه الصحفي روبين كريسويل وترجمة للعربية الثنائي إبراهيم الطراونة وجابر جابر، يسأل "روبين" عن علاقة خوري بالحركة الوطنية الفلسطينية فيقول: لديك تاريخ طويل مع الحركة الوطنية الفلسطينية، متى قرّرت الانضمام إليها، ولماذا؟
وجاءت إجابة خوري على النحو التالي: "كانت مسألة متعلّقة ببيئتي. نشأتُ في الأشرفية، شرقي بيروت، في وسط مسيحيّ للغاية، [وسط] مسيحي بمعنى أنه يأخذ حب الآخر والاعتناء بالفقراء بشكل جاد جدًا. عندما كنت طالبًا في الجامعة اللبنانية في الستينيات انخرطت بالمجموعات المسيحية، مع أننا بالطبع كنّا نسمي أنفسنا ماويّين وجيفاريّين، وندعم الفيت كونج. وقتها في العام 1966، قتلت المخابرات اللبنانية فدائيًا فلسطينيًا يدعى جلال كعوش، هنالك حلقة من رواية وجوه بيضاء تشير إلى هذه الحادثة.
نظّم الطلبة مظاهرة، وكانت هذه هي المظاهرة الأولى التي أشارك بها في حياتي. أطلق الجيش النار علينا فقتل عددًا من الأشخاص. مع ذلك، أستطيع القول بأن مشاعر التضامن التي حملتُها تجاه الفلسطينيين حينها كانت بالأساس أخلاقية، ومجرّدة بعض الشيء".
ويضيف إلياس في حواره مع مجلة باريس ريفيو: "بعد هزيمة العام 1967، شعرت أن علينا فعل المزيد. خلقتِ الحرب موجة من اللاجئين الهاربين من الضفة الغربية. معظمهم توجهوا إلى الأردن، وأقامت مجموعة منهم مخيّمًا خارج عمّان، في منطقة تسمّى البقعة. مجموعة منّا، طلبة مسيحيّون من لبنان، ذهبنا إلى زيارة المخيم. الظروف كان من غير الممكن وصف سوءها، وكفيلة بجعلك تنتحب. ولذا انتهى بنا المطاف بالبقاء لتقديم المساعدة؛ طبخنا الوجبات، وبنينا البيوت، ونظّفنا. عندما عدنا إلى بيروت، افترضت أن الفعل الأخلاقي الوحيد هو الانضمام لحركة فتح، وهذا ما فعله بعضنا".