«سد النهضة وعودة الرحلات».. أبرز رسائل السفير الروسى بالقاهرة للمصريين
بعث السفير الروسي بالقاهرة جيورجي بوريشينكو، اليوم الخميس، عدة رسائل للمصريين في بيان مطول نشره على صفحة السفارة الروسية الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تؤكد رغبة بلاده القوية في تطوير العلاقات مع مصر.
وترصد الدستور في التقرير التالي أبرز رسائل سفير روسيا بالقاهرة:
مصر مركز ومفتاح الاستقرار في منطقة معقدة ومضطربة
وقد أكد السفير الروسي بالقاهرة أن العلاقات بين البلدين تشهد فترة من التطور الديناميكي.
وقال إنه بناءً على تجربته الخاصة وحياته في مصر الذي وصفها بالبلد الجميل خلال العام الماضي، أراد أن يشارك بعض الحقائق والتقييمات التي توضح أن روسيا ومصر صديقان حقيقيان وشريكان مهمان.
وأوضح أنه في 23 يوليو احتفلت مصر بالذكرى 69 لثورة 1952، والتي بدأت بعدها عهد الجمهورية، ومنذ ذلك الحين تسير بثقة على طريق التنمية الديمقراطية السيادية، مهنئا المصريين بالتقدم الهائل الذي تشهده البلاد في مختلف المجالات الاقتصاد، والمجال الاجتماعي، والعلوم، والتعليم، والثقافة.
وأشار إلى أنه منذ ذلك الحين اكتسبت مصر نفوذا قويا في المنطقة وعلى الساحة العالمية، وأخذت زمام المبادرة في الشرق الأوسط وأفريقيا، مضيفا أنه دون مبالغة فالقاهرة هي مركز ومفتاح الاستقرار في منطقة معقدة ومضطربة.
واستكمل، أن شعبي روسيا ومصر يربطهما المصالح المتبادلة القديمة والتعاطف الصادق، وعلى هذا الأساس عملت موسكو بشكل وثيق ومثمر طوال هذا الوقت، وعلى مساعدة المصريين في بناء القدرات الصناعية، بما في ذلك بناء السد العالي الذي أصبح رمزا للعلاقات الودية، كما فعل الاتحاد السوفيتي الكثير لتقوية القدرة الدفاعية للدولة المصرية، ودعمها خلال أزمة السويس عام 1956 وفي مواقف آخرى.
وأكد أن روسيا ليست فخورة فقط بتذكر الإنجازات الماضية والصفحات المجيدة من تاريخ العلاقات الثنائية، ولكنها تتطلع أيضًا إلى المستقبل بتفاؤل كبير.
وقال إن مصر وروسيا تعدان اليوم شريكين استراتيجيين يبنون تحت قيادة الرئيسين عبد الفتاح السيسي وفلاديمير بوتين، اللذين يعملان على تعاون متعدد الأبعاد وحوار داعم حول مجموعة واسعة من قضايا الأجندة الدولية.
وذكر أن من المعالم المهمة في العلاقات المصرية الروسية، دخول معاهدة الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي الروسية المصرية حيز التنفيذ في 10 يناير 2021، والتي سجلت مسارًا لتوسيع نطاق تعاوننا وتحسين جودته، وقد تتضمن هذه الوثيقة الأساسية، من بين أمور أخرى، تكثيف الاتصالات السياسية حتى في الظروف الصعبة لوباء كورونا، بالإضافة إلى تطور كبير في العلاقات بشكل ديناميكي على جميع المستويات، فضلا عن المحادثات الهاتفية بين الرئيسين وتبادل الرسائل بينهم، والزيارات على مستوى رفيع حيث زار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف القاهرة في أبريل الماضي، كما زار سامح شكري وزير الخارجية موسكو في أكتوبر الماضي.
أهم مجالات التعاون المصري الروسي
وقال السفير إن اللجنة الروسية المصرية للتجارة والتعاون الاقتصادي والعلمي تقدم مساهمة كبيرة في تعزيز التعاون التجاري، وعقد اجتماعها الثالث عشر يومي 23 و 24 يونيو في موسكو برئاسة وزيري الصناعة والتجارة من البلدين.
وأضاف: تشمل قائمة المبادرات المشتركة التي تم تنفيذها إنشاء شركة روساتوم الحكومية الروسية بناءً على القرض الذي قدمته أول محطة للطاقة النووية في الضبعة في مصر، مشيرا إلى زيارة وزير الكهرباء والطاقة المتجددة موسكو لإطلاق تصنيع المعدات لمحطة الطاقة النووية هذه، والتي ستفي بالمعايير الدولية الأكثر تقدمًا.
واستطرد: يجري تنسيق الإطار القانوني والمعايير الأخرى لإنشاء المنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس على قدم وساق، ويمكن لهذا المشروع المصمم لجذب الشركات الخاصة من روسيا أن يجلب ما يصل إلى 7 مليارات دولار من الاستثمارات الجديدة والتقنيات الحديثة وآلاف الوظائف الإضافية للاقتصاد المصري.
وأشار السفير في بيانه إلى أنه تقليديا فالعلاقات المصرية الروسية في المجال العسكري قوية، وقد توسعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة بفضل العمل الإيقاعي للجنة الحكومية الدولية الثنائية الخاصة بقيادة وزراء الدفاع، والتي من المقرر عقد اجتماعها العادي في أغسطس، جنبا إلى جنب مع نقل الأسلحة الروسية الأكثر فعالية إلى مصر، يتم إجراء تدريبات مشتركة بانتظام، على وجه التحديد، في نوفمبر 2020، تمت المناورات البحرية "جسر الصداقة" في البحر الأسود، حيث وصلت السفن الحربية المصرية عبر مضيق البوسفور والدردنيل.
وأكد السفير الروسي أن موسكو تسعى جاهدة لتوحيد الجهود في مواجهة فيروس كورونا باعتباره تحديًا عالميًا جديدًا، حيث كانت روسيا أول دولة تسجل لقاحًا ضد هذه العدوى الخطيرة، وتم بالفعل تسليم عدة دفعات من لقاح "سبوتينك في" إلى مصر، ومن المتوقع أن يتم إطلاق هذه الأداة عالية الفعالية في القاهرة نفسها من خلال توفير التكنولوجيا اللازمة.
وأوضح أن الدافع إلى تطوير العلاقات الثقافية والاتصالات العامة يهدف إلى تنفيذ ما أعلنه الرئيسين السيسي وبوتين تحت اسم عام التعاون الإنساني بين روسيا ومصر، حيث افتتح برنامج العام بكلمة في أوبرا القاهرة في 18 يونيو لمجموعة الفولكلور الروسي الشهير Birch، وبحلول ربيع 2022، سيتم تنظيم أكثر من 100 حدث في كلا البلدين، ما سيسمح للروس والمصريين بالتعلم بشكل أفضل وفهم بعضهم البعض.
أولى الرحلات المنتظمة إلى الغردقة وشرم الشيخ 9 أغسطس
وتابع أنه من المؤكد أن اتفاق السيسي وبوتين على استئناف الاتصالات الجوية المباشرة بين المدن الروسية والمنتجعات المصرية على البحر الأحمر مفيد للغاية، فبعد الاستعدادات الجادة من الجانبين، تبدأ أولى الرحلات المنتظمة إلى الغردقة وشرم الشيخ في 9 أغسطس، وإذا سمحت ظروف الوباء، فستزداد وتيرة الرحلات بسرعة.
وأكد أنه يتوقع أن السياح الروس- الذين يتذكرون الضيافة المصرية التقليدية ويفتقدون البحر الأحمر حقًا- ينتظرون إجازة آمنة ومريحة، وسيؤدي ذلك إلى فتح فرص هائلة للتفاعل في صناعة السياحة.
موسكو تتفهم مخاوف مصر بشأن سد النهضة ومستعدون للمساعدة للتوصل إلى اتفاق
وعن سد النهضة، أكد السفير الروسي أن موسكو تعرف مدى جدية التحدي الذي يواجه مصر في ضمان سلامة المياه، وأن هذه مشكلة وجودية حقًا لبلد ظل فيه نيل مصدر المياه العذبة الوحيد لآلاف السنين ويوفر اليوم حياة لسكان يزيد عددهم عن 100 مليون نسمة، لذلك فإن روسيا تتفهم مخاوف الأصدقاء المصريين بشأن بناء سد النهضة الإثيوبي.
وأكد أنه لطالما دافعت روسيا وما زالت تدعو إلى تسوية عادلة للنزاع حول هذا السد مع مراعاة مصالح مصر والسودان وإثيوبيا بشكل كامل، متابعا أن موسكو مقتنعة بأن هناك حلول ترضي جميع الأطراف وأنه يمكن وينبغي إيجادها بين الجيران والتي ستسمح للدول الثلاث بتنفيذ برامج التنمية الوطنية في جو يسوده حسن الجوار والسلام والاستقرار.
وأوضح أن روسيا على استعداد للمساعدة في هذا الجهد، بما في ذلك العمل مع أديس أبابا للتوصل إلى اتفاق مقبول للطرفين على طاولة المفاوضات.
مواقف مصر وروسيا متوافقة فيما يخص الملف الليبي والقضية الفلسطينية ومواجهة الإرهاب
وقال السفير إن مواقف موسكو والقاهرة متقاربة أو متطابقة، ما يشكل أساسًا طبيعيًا للحوار البناء، جنبا إلى جنب مع مصر، فقد تحافظ موسكو بخط لدعم عمليات حفظ السلام متعددة الأقطاب، ويعمل البلدان عن كثب في الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى ذات الصلة، والتضامن مع التهديدات الخطيرة، بما في ذلك الإرهاب الدولي.
وأكد أيضا أن هناك تعاون بين مصر وروسيا حول القضايا الإقليمية المهمة منها الملف الليبي، موضحا أن موسكو تواصل التعاون في مسألة الانسحاب السريع لجميع القوات العسكرية الأجنبية من ليبيا، في الوقت نفسه تتفهم بوضوح الحاجة إلى تنفيذه خطوة بخطوة وقابل للتطبيق بشكل متزامن في أجزاء مختلفة من البلاد.
وأشار السفير إلى أن القضية الفلسطينية في قلوب المصريين، وتؤيد روسيا، مثل مصر، قرارًا يستند إلى إطار قانوني دولي معترف به وفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي ومبادرة السلام العربية، مضيفا أن التصعيد الأخير في مايو من هذا العام جعل العالم كله يجتمع مرة أخرى، بفضل جهود مصر لوقف إطلاق النار في غزة، مشيرا إلى أنه يجب على المجتمع الدولي أن يقوم بخطوات نشطة لبدء عملية التفاوض، وتواصل مصر وروسيا العمل جنبًا إلى جنب في هذا الاتجاه.
وأعرب السفير عن خالص امتنانه لسلطات جمهورية العراق على مساعدتها الكبيرة في إجلاء المواطنين الروس من قطاع غزة ودول رابطة الدول المستقلة على مرحلتين في 26 مايو و 10 يونيو عبر الأراضي المصرية إلى مطار القاهرة الدولي ثم بالطائرات إلى موسكو، وتم إجلاء ما مجموعه 176 شخصًا من الأزمة الإنسانية، معظمهم من النساء والأطفال.
واختتم السفير بيانه قائلا إن روسيا تهتم بشدة بتعزيز العلاقات متعددة الأطراف مع مصر بما يخدم التنمية المتبادلة، من أجل الأمن الدولي والاستقرار الإقليمي، وهذا يتماشى مع التحديات التي يفرضها كلا البلدين والمصالح طويلة الأمد للشعبين، مضيفا أنه لا يساور موسكو أي شك في أن البلدين قادرين على تنفيذها وفتح آفاق جديدة للتعاون والعمل بروح الصداقة التقليدية والتفاهم والاحترام المتبادلين.