أدب الصحراء.. من المؤسس صبرى موسى إلى ميرال الطحاوى
يعد أدب صحراء أحد أبرز أنواع الجنس الأدبي في عالمنا العربي، هو ذلك الأدب المعني بحياة الصحراء بكل ما فيها، ويعد أول من أسس لأدب الصحراء في الرواية المصرية الكاتب الصحفي والروائي صبري موسى بروايته الأبرز والأشهر في عالمنا العربي "فساد الأمكنة" وعلى حد تعبير الناقد والأكاديمي محمد بدوي «لقد أحدثت فساد الأمكنة دويًا في الحياة الأدبية؛ إذ تكثفت فيها خبرات موسى المتنوعة وتآزرت لتقدم نصًا روائيًا بالغ العمق»، وتعد النموذج الأمثل لأدب الصحراء أو بمعنى أدق يمكن الإشارة بأنها الرواية الأولى في ذلك المضمار.
عن أجواء وانخراط صبري موسى في روايته "فساد الأمكنة" قال: "فى ربيع 1963 أمضيت فى جبل "الدرهيب" بالصحراء الشرقية قرب حدود السودان "ليلة" خلال رحلتي الأولى فى تلك الصحراء، وفي تلك الليلة ولدت فى شعورى بذور تلك الرواية، ثم رأيت الدرهيب مرة ثانية بعد عامين، خلال زيارة لضريح المجاهد الصوفي أبى الحسن الشاذلى المدفون في قلب هذه الصحراء عند "عيذاب".
ويتابع: “فى تلك الزيارة الثانية للدرهيب أدركت أننى فى حاجة لمعايشة هذا الجبل والإقامة فيه، إذا رغبت فى كتابة هذه الرواية” بالفعل تفرغ صبرى موسي للكتابة على مدار عامين 66، 1967 وأقام في صحراء الدرهيب، وبدأ في كتابة الرواية عام 1968 وانتهى 1970 لتكون أولى الروايات المفتتح لعالم الصحراء الغريب.
امتد خيط أدب الصحراء بالنسبة للمبدعين المصريين إلى أن أمسكت بتلابيبه الكاتبة الروائية والأكاديمية “ميرال الطحاوي”، والتي جاء جل مشروعها الإبداعي حول الصحراء فقد قدمت أعمال روائية منها "الخباء، ورواية نقرات الظباء" روايتها "الخباء"، تدور حول "فاطمة" أو "فاطم" كما كان يناديها أبوها، طفلة صغيرة متمردة في مجتمع بدوي صارم، تعبر عن مشاعرها بوضوح وقوة كطبيعة الصحراء التي تربت فيها. تنقل لنا تفاصيل البيت والملابس البدوية المميزة وأغنيات فلكلورية، تتخلل الرواية، بلغة عميقة تبع مشروعها الإبداعي مشروعها الأكاديمي وكأنها تريد أن تؤسس لهذا الجنس وتصبح أولى الروائيات المصريات اللواتي اشتغلن على أدب الصحراء في مجالين، وذلك عبر تحصلها حصلت على شهادة الدكتوراه من كلية الآداب جامعة القاهرة عن رسالة بعنوان "جماليات التشكيل الفني في رواية الصحراء·· المقدس وأشكاله في المخيلة الرعوية"، إلى جانب هذا قدمت ميرال الطحاوي كتابين بمثابة اضافة لمشروعها المنصب على اهتمامها بالصحراء "بعيدة برقة على المرسال" وكتاب "بنت شيخ العربان".
يظل اسم عبدالرحمن منيف والكوني وإلى جوارهم رجاء العالم كرواد ومؤسسين في مجال كتابة أدب الصحراء، فإبراهيم الكوني يقدم نفسه دوما على أنه أديب الصحراء، وهذا ما يؤكده مشروعة الممتد بداية من "رباعية الخسوف" والتى نشرت في العام 1989 وصولًا لـ"التبر"، "المهر الأبلق" وغيرها.
أما عن عبد الرحمن منيف فقد قدم روايته “النهايات” يقول منيف في مطلعها "إنه القحط؛ القحط مرة أخرى وفي موسم القحط تتغير الحياة والأشياء، وحتى البشر يتغيرون وطباعهم تتغير، تتولد في النفوس أحزان تبدو غامضة أول الأمر، لكن لحظات الغضب، التي كثيرًا ما تتكرر تفجرها بسرعة تجعلها معادية جموحًا، ويمكن أن تأخذ أشكالًا لا حصر لها، أما إذا مرت الغيوم عالية سريعة فحينئذ ترتفع الوجوه إلى أعلى، وقد امتلأت بنظرات الحقد والشتائم والتحدي".
وعلى حد وصف الناقدة هدى أبوغنيمة "تجلى الصحراء في هذين الاقتباسين بين القحط والرغد. والطيبة قرية تقع على حافة الصحراء، تمثل نقطة التقاء الوافدين من المدينة بحثا عن الصيد، والمتعة والراحة بالقادمين من الصحراء والبداوة، وهم أصحاب المكان الذين يواجهون تحدياته الصارخة، ويتكيفون مع قسوة الطبيعة وجفاف الحياة.