رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صعيدنا والحياة الكريمة


كما تعودنا كل عام أن نذهب إلى بلدتنا الصغيرة فى صعيد مصر بمناسبة الأعياد حيث يشدنا الحنين للقاء أحبابنا وأصدقاءنا وجذورنا حيث نتنسم رائحة أصولنا وآباءنا وأجدادنا هناك، ومع كل زيارة كانت قلوبنا تهفوا أن تمتد لصعيدنا الحبيب يد التعمير والتطور إلى أن أطلق السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الإعلان الأول لمبادرة حياة كريمة فى يناير 2019 والتى بدأت فى إستهداف هؤلاء البشر الذين يعيشون بعيدًا عن الأنظار، منعزلين فى قرى وتوابع ونجوع لا أحد يسمع عنهم ولا أحد يسمع لهم إلى أن طرقت على أبوابهم تلك اليد الحانية التى أرسلها لهم السيد الرئيس لتقف على مطالبهم وتحقق أحلامهم فى حياة كريمة يشعرون من خلالها أنهم بالفعل جزء أصيل من هذا الوطن.
وسرعان ما تحولت تلك المبادرة الوليدة إلى مشروع قومى أنطلق بعد ستة أشهر من قلب العاصمة الإدارية الجديدة فى شهر يوليو من ذات العام على هامش المؤتمر الوطنى السابع للشباب والذى على أثره تم انشاء مؤسسة حياة كريمة فى اكتوبر 2019، وبعد عامين من بدء ملحمة البناء والتعمير فى قرى مصر عقد السيد الرئيس مؤخرًا المؤتمر الأول "لحياة كريمة"  من إستاد القاهرة أمام حشد كبير من ابناء الوطن.
انطلقوا بعد هذا اللقاء إلى محافظاتهم مستبشرين بالخير والرخاء الذى سوف يحقق أحلام ويغير حياة نحو 60 مليون مواطن مصرى فى الريف بمشروعات تصل تكلفتها حوالى 700 مليار جنيه فى منظومة وصفت بأنها الأضخم والأعظم من مشروعات القرن الحالى على مستوى العالم أجمع حيث أدرجتها الأمم المتحدة على منصة شراكات خطة التنمية المستدامة.
كان الهدف الأساسى لتلك المبادرة تحسين الأحوال المعيشية للأسرة المصرية الأكثر احتياجًا وتوفير سكن كريم لهم والارتقاء بمستوى خدمات البنية الأساسية والعمرانية والنهوض بجودة الخدمات التعليمية والصحية والرياضية والثقافية وزيادة فرص العمل للشباب وتوفير القروض الميسرة للمشروعات الصغيرة والتوسع فى خدمات التدريب المهنى والاستثمار فى تنمية الإنسان وإحياء قيم المسئولية المشتركة بين كافة جهات وأجهزة الدولة لتوحيد التدخلات التنموية وتحقيق أقصى استفادة من موارد الدولة وتوزيعها بشكل عادل على جميع فئات الشعب.
ومن منطلق انحيازى لصعيدنا الحبيب بدأت أحاول الوقوف على ما سوف يستفيده الصعيد من تلك الخطة العملاقة التى لم تشهدها البلاد من قبل حيث فوجئت بأرقام وإحصائيات كبيرة من الصعب أن يتخيلها أى إنسان عاش فى الصعيد الذى كان مهمشًا منذ عقود طويلة حيث استهدفت المبادرة على سبيل المثال لا الحصر تغطية 660 قرية بخدمات الصرف الصحى ومياه الشرب خلال العام الحالى وكذا إنشاء 55 ألف فصل دراسى فى 413 قرية واستكمال إنشاء 19 مستشفى وإنشاء وتطوير 149 مركزًا لطب الأسرة و602 وحدة صحية و224 نقطة إسعاف علاوة على تطوير ورفع كفاءة حوالى 91 ألف منزل فى 750 قرية وتأهيل وتبطين ترع بطول 1505 كم فى 544 قرية.
بطبيعة الحال فإن تلك الأرقام التى حصلت عليها من بعض المسئولين تمثل جزءًا من منظومة جبارة تجعلنا بالفعل أمام جمهورية جديدة بكل المقاييس.
مع العلم أن تلك العمليات تسير بالتوازى مع الجهود الكبيرة التى تبذلها الأجهزة الأمنية للقضاء على الإرهاب ومنابعة ومواجهة التحديات والصعاب لتحقيق أمال المصريين فى بناء دولة حديثة عصرية متطورة توفر مستقبلاً مشرقًا للجيل الحالى والأجيال القادمة من خلال خطط مدروسة وإرادة سياسية قوية وعزيمة صادقة، وهنا أتساءل أليس ما تقوم به الدولة بمبادرة حياة كريمة يمثل أحد أهم جوانب حقوق الإنسان؟.
رأيت بسمة الأمل ترتسم على وجوه الأهل فى أقصى مدن الصعيد وهى ترى يد العمران والنهضة تمتد إليهم لتغير حياتهم إلى الأفضل، كما رأيت الشباب يبادرون من أنفسهم بالتطوع لمشاركة الشركات والجهات المنوط إليها أعمال التحديث والتطوير وكأنهم يسابقون الزمن لينعموا بحياة كريمة حقيقية كانوا يرونها فى أحلامهم فقط.
لقد أصبحت لدى الجرأة لأوجه الدعوة لكل صديق أو غريب أو مشكك أو من يحاول أن يزرع الاحباط فى النفوس لزيارة قريتنا الصغيرة فى أقصى صعيد مصر ليرى عظمه ما يفعله المصريون وهم يشيدون جمهوريتهم الجديدة ويرى دولة تعمل فى إطار إستراتيجية واضحة تستهدف رفاهية شعبها وتحقق له نهضة حقيقية على أرض الواقع وهو الأمر الذى جعل صندوق النقد الدولى يشير إلى أن "حياة كريمة" تعد من أفضل برامج التنمية المستدامة حول العالم.
هنيئًا لشعبنا الأصيل الذى تحمل تبعات الإصلاحات الإقتصادية وآن له أن يجنى ثمار ذلك، وهنيئًا لنا جميعًا هذا القائد الذى يواصل الليل بالنهار ليحقق حلمه الكبير الذى لا يسقط بالتقادم.
وتحيا مصر