خلال ليالي الوصال.. «القادري» يسلط الضوء على دور التأهيل الروحي في بناء الوطنية الصادقة
سلط الدكتور منير القادري، رئيس مؤسسة الملتقى ومدير المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام، الضوء على أهمية التأهيل الروحي ودوره المحوري في بناء الوطنية الصادقة، مبرزا الأدوار الكبرى التي تتطلع به المؤسسات التربوية في ترسيخ الانتماء الى الوطن من خلال التربية على قيم النفع والصلاح، جاء ذلك خلال مشاركته في النسخة الستين من فعاليات "ليالي الوصال الرقمية "، التي تنظمها مؤسسة الملتقى ومشيخة الطريقة القادرية البودشيشية بتعاون مع مؤسسة الجمال.
- الإسلام أرسى معالم الوطنية وأزاح الجاهلية والعصبية
وأشار رئيس مؤسسة الملتقى ومدير المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام، الى أن الإسلام أرسى معالم الوطنية قبل أربعة عشر قرناً من الزمان، وأنه أزاح الجاهلية والعصبية والقبلية التي كانت تحكم الناس، ونظم العلاقات بين جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن دياناتهم وطوائفهم وعشائرهم وقبائلهم، وتابع موضحا أن هذا ما شهدت به صحيفة المدينة التي رسخت قواعد المجتمع المتكامل، وأسست مفهوم المواطنة الصالحة حقوقاً وواجبات دون إغفال مرتكز العقيدة الذي يحفظ للأمة شخصيتها ومقومات وجودها.
- المواطنة الصالحة ليست مؤقتة
وأكد الدكتور منير القادري، أن المواطنة الصالحة ليست مؤقتة، وإنما هي دائمة مرتبطة بالقيم والأخلاق، وأضاف أن الفرد لا يكتسب صفة الوطنية إلا بالعمل لصالح الوطن، وكذا حين تصبح المصلحة العامة للوطن أهم لديه من مصلحته الخاص، مشددا على الأهمية الكبرى للمؤسسات التربوية في اصلاح الخلل الناجم عن ضعف الانتماء للوطن، عبر ترسيخ معايير الانتماء في النفوس وتعزيزها في المواقف المجتمعية بأشكالها المتنوعة.
وفي ذات السياق أكد أن هذه الجهود تبقى في حاجة إلى تأطير روحي أخلاقي يمكن الفرد من امتلاك أسباب تهذيب السلوك وتشكيل الذات و فق قيم النفع والصلاح و إرادة الخيرية للجميع، وتابع شارحا أن التأهيل الروحي هو الذي يمد الإنسان بأسباب الكمال الخلقي كأساس في بناء الشخصية المتوازنة المعتدلة، وأنه هو المدخل إلى بناء المواطن النافع الذي يدفع الضرر عن نفسه وعن غيره، كما أنه السبيل إلى إعداد المواطن الصالح الذي يدرأ الفساد عن نفسه وعن غيره.
وشدد على أن النفع والصلاح قيمتان ضروريتان لا يمكن تصور المواطنة الكاملة المنتظرة إلا على مقتضاهما، مشيرا في هذا الصدد الى أن المدارس الصوفية في المغرب، لعبت أدواراً طلائعية في تأمين حاجيات المجتمع الروحية، وكذا الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والسياسية، وأنها حافظت على وحدة البلاد من خلال وطنية صادقة تدافع عن حوزة الوطن وتسعى الى وحدة الكلمة في ظروف المحن، كما أنها أنتجت علماء أعلاما أثروا الثقافة المغربية في شتى العلوم، مشيرا الى أن التاريخ شاهد على هذه الخصوصية الصوفية المندمجة.
- مقاصد التأهيل الروحي لمدرسة التربية الروحية للتصوف
وأجمل القادري مقاصد التأهيل الروحي لمدرسة التربية الروحية للتصوف في :
أولا : تجديد الخطاب الديني للإسلام وتصحيح صورته.
وثانيا : بث قيم المحبة والحوار والاعتدال والوسطية، ونبذ الفرقة و التعصب و العنف والتي لا يمكن أن تنبعث إلا بتربية روحية عميقة وحقيقية.
وثالثا: توفير الأمن الروحي للفرد والمجتمع بإحياء الإيمان في القلوب وإنهاض الهمم للعلم والعمل به.
وشدد مدير المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام، على أن تأهيل المجتمع روحياً من خلال تكوين أفراده على القيم الأخلاقية العليا والتحقق بها على يد العلماء الربانيين هو المدخل الحقيقي لبناء مواطنة صالحة، على أساس أنه لا انفصال بين الصلاح والإصلاح.