الصحة| مواجهة أعتى الأمراض.. والارتقاء بمنظومة الرعاية
تطورٌ كبيرٌ شهده ملف الصحة فى مصر خلال السنوات الماضية، كجزء من استراتيجية ٢٠٣٠، التى تسعى للنهوض بصحة المواطنين وتحقيق التغطية الصحية الشاملة لجميع المصريين، وتوفير خدمات علاجية ووقائية عالية الجودة للقادرين وغير القادرين.
واتخذت الدولة خطوات واسعة لتحقيق هذه الاستراتيجية، فنجحت خلال سنوات قليلة فى القضاء على فيروس «سى»، وإنتاج دواء محلى الصنع لعلاجه، وأوصلته إلى المصريين فى كل بقاع مصر، من خلال قوافل طبية توفر الكشف والعلاج المجانى للمرضى، ونظمت مبادرة هدفها علاج المصريين من الأمراض المزمنة تحت شعار «١٠٠ مليون صحة»، مع التصدى لجائحة «كورونا» التى انهارت معها النظم الطبية فى كثير من الدول الكبرى.
مبادرة «١٠٠ مليون صحة» الأنجح تاريخيًا فى القضاء على فيروس «سى»
قال محمد عزالعرب، أستاذ الباطنة بالمعهد القومى للكبد والأمراض المعدية، إنه فى الوقت الذى وضعت منظمة الصحة العالمية القضاء على فيروس «سى» فى العالم كهدف رئيسى بحلول عام ٢٠٣٠، استطاعت مصر أن تحقق هذا الهدف فى عام ٢٠٢٠، موضحًا: «أصبحنا بصدد إعلان مصر خالية من فيروس (سى)، وخالية تعنى أن الإصابة أقل من ١٪ من عدد السكان وهو ما يمثل طفرة وتقدمًا مهمًا جدًا».
وأضاف «عزالعرب» أن فيروس «سى» كان يمثل المشكلة الصحية الأولى فى مصر، إذ كانت التقديرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن المواطنين الذين لديهم أجسام مضادة لفيروس «سى» تبلغ نسبتهم ٢٢٪ من عدد السكان.
ونوه إلى أن الدراسات التطبيقية فى عام ٢٠١١ بينت أن نسبة هؤلاء المواطنين ١٠٪ وفى ٢٠١٥ كانت ٧٪، وهو ما جعل مصر تصبح من أكثر الدول فى العالم ارتفاعًا فى الإصابة بهذا الفيروس من عدد المرضى نسبة إلى عدد السكان.
وشدد على أن حملة «١٠٠ مليون صحة» كانت أنجح حملة فى التاريخ للكشف عن فيروس «سى» والأمراض غير السارية من خلال إجراء المسح على هذا العدد الهائل من المواطنين، ما يمثل إنجازًا هائلًا، وكذلك توفير الكواشف لفحص ٦٠ مليون مواطن بالكشف السريع لفيروس «سى»، وإعطاء العلاج لمن تثبت إصابته.
وأشار إلى أن من أسباب نجاح هذه الحملة رفع الملاءة المالية لتوفير احتياجاتها، إلى جانب مساهمة جميع الهيئات ومشاركة المجتمع المدنى ورجال الأعمال، بعد توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، كى تحقق أهدافها المرجوة، وساعد توافر هذه الملاءة مع توافر جميع اللوجستيات، فى تحقيق الأهداف ليكون لدينا ٥٠٠٠ مركز فحص وعلاج على مستوى الجمهورية.
وقال إن كل مركز كان يضم ٤ أفراد «طبيب وممرض وصيدلى ومدخل بيانات»، وتضم جميع المراكز أكثر من ١٠٠ ألف من العاملين، وتم استغلال العربات المتنقلة ودور العبادة من مساجد وكنائس والميادين لفحص المواطنين.
وأضاف أنه مع اكتشاف العلاجات الحديثة لفيروس «سى» واكتشاف «سوفالدى» فى عام ٢٠١٣، الذى حصل عليه أول مريض مصرى فى أكتوبر ٢٠١٤، توسعت مصر فى استيراد هذا الدواء الفعال وهو ما مثل إنجازًا، والأفضل من هذا أن مصر استطاعت إنتاج العلاج المثيل أو البديل المصرى الذى حقق عدة أهداف.
القوافل وفرت أطباء فى جميع التخصصات
أكد إبراهيم جادالحق، منسق سابق للقوافل الطبية التى تجوب المحافظات، أن القوافل شهدت تطورًا كبيرًا فى السنوات الأخيرة، وتعاظمت خدماتها للمصريين فى القرى الفقيرة والمناطق النائية، مشيرًا إلى أن بعض القرى يعانى من نقص الإمكانات الطبية والوحدات الصحية ولا يكون به طبيب، ومن ثم فإن القوافل الطبية هى المنقذ لحياة سكان هذه القرى.
وقال «جادالحق» إن القوافل توفر أطباء فى جميع التخصصات، خاصة الأمراض المزمنة، وزادت من أصناف الأدوية التى تقدمها للمرضى مجانًا إلى ١٦٠ صنفًا مؤخرًا مقارنة بـ٤٠ صنفًا قديمًا، كما أن دورها لا يقتصر الآن على توقيع الكشف وصرف العلاج، وإنما تعقد ندوات تثقيفية حول طبيعة الأمراض المعدية وتنظيم الأسرة، بالإضافة إلى العلاج على نفقة الدولة للمرضى الذين تثبت إصابتهم بأمراض مزمنة وليس لهم تأمين صحى.
وذكر أن القافلة تزور ثلاث محافظات أسبوعيًا بواقع يومين فى كل محافظة، حسب الخطة التى يتم اعتمادها كل ستة أشهر، ويصل عدد القرى التى تتم زيارتها إلى ما يقرب من ٣٦ قرية، مشددًا على أن عملها فى المحافظات لم يتأثر بانتشار فيروس «كورونا» فى مصر، لإدراك القائمين عليها مدى حاجة المواطنين لها فى هذا التوقيت الصعب، ولكن تم تطبيق إجراءات احترازية مشددة على العاملين فيها والمواطنين أيضًا، من خلال إلزامهم جميعًا بارتداء الكمامات وتطهير الأيدى والتباعد الاجتماعى، ومنع أى مريض من دخول محل الكشف دون كمامة، كما تولت القوافل تثقيف المواطنين حول الجائحة، مع تحويل المشتبه فى إصابتهم بالفيروس إلى المستشفيات لإجراء التحاليل المطلوبة، وعزلهم فى حالة تأكد الإصابة.
«التأمين الصحى الشامل» تُحدث طفرة فى المستشفيات ومستوى الخدمة
شدد الدكتور ياسر سليمان، إخصائى مكافحة العدوى بأحد مستشفيات بورسعيد، على أن منظومة التأمين الصحى الشامل أحدثت فرقًا كبيرًا فى المستشفيات المتهالكة وأيضًا أسهمت فى تحسين الخدمة الطبية والبنية التحتية.
وقال إن هذا الفرق الذى أحدثته «التأمين الصحى الشامل» أسهم فى تطوير المستشفيات وتقديم الخدمات بشكل جيد يليق بالمواطن، حيث يتم تسجيل بيانات المرضى ومتابعتهم بشكل دورى، مع فتح مراكز جديدة لخدمة كل المناطق.
وأشار إلى أنه بفضل «التأمين الشامل» تم استحداث تخصصات جديدة فى مستشفيات بورسعيد لم تكن موجودة من قبل مثل المخ والأعصاب والعظام والأورام والأطفال، مؤكدًا أن «العملية العلاجية أصبحت منظمة بشكل أفضل من قبل، حيث كان المريض يذهب إلى المستشفى للكشف، والآن الوضع اختلف، إذ يذهب أولًا إلى المركز الطبى الذى يشبه الوحدة الصحية ومن خلال طبيب الأسرة المعالج يحدد له إذا كانت حالته تحتاج إلى مستشفى لتلقى مزيد من الرعاية أو أنها بسيطة ويمكن الحصول على العلاج فقط مع المتابعة حتى التعافى، إلى جانب توافر أغلب الأدوية فى المستشفيات».
وتمضى الحكومة بخطى ثابتة فى تنفيذ المشروع القومى للتأمين الصحى الشامل على مستوى الجمهورية خلال ١٠ سنوات بدلًا من ١٥ عامًا، حتى تمتد مظلته لكل المصريين وينتفعوا بما يوفره من خدمات متميزة للرعاية الصحية، لجميع أفراد الأسرة.
ويتم العمل بالتوازى فى المحافظات الخمس المتبقية من المرحلة الأولى وهى: «الأقصر والإسماعيلية وأسوان والسويس وجنوب سيناء» لتطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل بها خلال العام المالى الحالى والعام المالى المقبل، مع مراعاة تطبيق أحدث النظم المميكنة فى تقديم الخدمات الطبية للتيسير على المنتفعين.