دراما الحياة وصراعاتها الأبدية في رواية «بسمة.. أيام فهمي باشا وأولاد التلاوي»
صدرت حديثا عن دار النسيم للنشر والتوزيع، أحدث مؤلفات الكاتب الروائي رأفت الخولي، رواية جديدة تحت عنوان "بسمة.. أيام فهمي باشا وأولاد التلاوي"، وذلك بالتزامن مع افتتاح الدورة الـ 52 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، المقرر انعقادها خلال الفترة من 30 يونيو إلى 15 يوليو المقبل، بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس بالقاهرة.
يأخذنا الكاتب الطبيب رأفت الخولي في إطار مشروعه الروائي إلى عالم خاص دأب على التغلغل فيه واستكناه ملامحه وظروفه٬ ذلك هو عالم القرية المصرية بما تموج به من تناقضات و جدليات وحوارات مستمرة بين الحق والضلال٬ والحب والبُغض والحياة والعدم٬ وهو يحاول بجهد وعصف ذهني أن يستجلي الصفات الأصيلة الراسخة في نفوس البسطاء٬ وأيضا تلك النزعات الشريرة الكامنة في النفس البشرية بوجه عام٬ ومدى التصارع بين هذه وتلك٬ فيما يظل هذا الصراع قائماً ربما لزمن طويل ينتصر فيه الشر مرات عديدة٬ لكنَّ النصر الحقيقي للخير يأتي فى النهاية٬ معلناً عن نفسه في جلاء٬ وإن بدا متأخراً وآتياً وسط هالة سوداء من الحزن والدموع.
تدور أحداث رواية "بسمة.. أيام فهمي باشا وأولاد التلاوي"٬ على ضفة فرع دمياط٬ وهو فرع النيل المنفرط منه عند القناطر الخيرية٬ وهو نفسه الذى يمنح الحياة لجنائن "فهمي باشا" الواقعة على شاطئه٬ ويغذي بالحب قلوب "أبناء التلاوى" الواقعة بيوتهم باتجاهه٬ والذين من فرط اتساع قلوبهم بالخير كان "طه" بطل الرواية يهرب إلى مرفأهم لينعى همه٬ ويتزود بطاقة جديدة تدفعه للحياة٬ حين تهجره "بسمة" بطلة الرواية إمَّا للعمل في جنائن فهمي أو إلى زوج جديد٬ تحصن به نفسها من القيل والقال.
فيما ينسرب الرياح التوفيقي كجناح صغير من فرع دمياط ليتوازى معه٬ حاصرَين بينهما مدينة بنها وضواحيها بما فيها منشاة الزراعة٬ التى نشأ وترعرع فيها "طه"٬ في دفء وحنان منبسط طرحتهما عليه "بسمة" زوجة أبيه ـ التى تزوجها بعد أن ماتت أمه حال ولادته ـ لكنَّ والده الذى يفارق الحياة بلا مقدمات أو مرض٬ يتركه لها وهو مازال يحبو على سلم الحب والرغبة في بداية مراهقته٬ ليقع دون أن يشعر فى دائرة مُحكمة من حب محرم٬ وغرام بها لا يدري هو نفسه إن كانت قد عرفتْ به أو لا٬ لكنَّ الذى فهمه وحاول قدر استطاعته أن يتخلص منه٬ هو أنه عشق روحها وجسدها ووقع بسبب ذلك فى محرمات كثيرة من وجهة نظره٬ رمت به إلي جسر منحدر من القلق والاكتئاب٬ وربما إلي انقسام شخصيته إلى نصفين٬ النصف الشرير منهما ظل معه حتى التقى بمحبوبته الثانية "سحر" فى أسيوط عندما رمى به مكتب التنسيق فى كلية التجارة بها. ليبدأ من جديد حياة ظن أنها مستقيمة ومعتدلة٬ لكنه يعود ليقع فى جُب معاناة الصراع بين الغريزة والحب٬ حين يعلم بأن سحر نفسها ـ تلك الفتاة الصغيرة ذات الجسد البض والملامح السواحيلية ـ امرأة سبق لها الزواج القسري من ابن زوج أمها٬ بعد أن اعتدى عليها أبوه بنزق فأحالها امرأة.
يعود البطل إلى منشاة الزراعة مرة ثانية قبل انتهاء عامه الدراسي الأول٬ ممتلئاً بمشاعر الحقد والرغبة فى الانتقام٬ بعد أن يبلغه خبر اعتداء "محمد عايد" ـ خولي جنائن فهمى التى عملتْ بها بسمة تفادياً للفقر والعوز ـ على بسمة ومحاولة التقائها جنسياً بالقوة٬ الأمر الذى أدى إلى سقوطها على عُقلة عنب أصابتها عينها بضرر بالغ٬ ليصمم على قتله هو وزوج أم "سحر"٬ حيث أنجز الانتقامين فى غضون يوم ونصف من عودته من أسيوط٬ برغم بُعد المسافة بينهما ـ إذ يعيش "حسن غريب" في حي العصافرة بالاسكندرية ـ لينضم بعدها طه إلى دائرة المذنبين بمستشفى الخانكة٬ بعد أن يحوله القضاء إليها للعلاج بدلاً من السجن المؤبد بوصفه غير مسئول عن جريمتيه.
وفى دائرة المذنبين ـ ولمدة سنوات تربو على العشرين عاماً ـ يلتقي أنماطاً من البشر المقهورين والمتهمين في قضايا نصب واحتيال واغتصاب وتجارة مخدرات٬ فيكتسب خبرات جديدة تحاول إخراجه من فكيّ رحى المرض دون جدوى٬ إلى أن يخرج فيلتقى بسمة فى شيخوختها جالسة فى مكانها القديم على ضفة النهر٬ إلى جوارها قطتان تبحث لهما عن غذاء بين أكوام القمامة٬ بعد أن يزيح زلزال أكتوبر بيتها من على ظهر الأرض٬ ليستوليَ عليه "محمود البربري" جارهم وصديق والده القديم٬ والذى كان "طه" يحبه ويرجع إليه لأخذ رأيه فى أمور حياته الصعبة٬ ليكتشف أن الشر مازال باقياً ما بقيتْ الحياة.