هانى نقشبندى: نحن ندعم الشباب بطريقة خاطئة.. والصحافة خائنة
هاني إبراهيم نقشبندي، إعلامي وكاتب سعودي، ولد في المدينة المنورة عام 1963، وهو خريج جامعة الملك عبدالعزيز في جدة في تخصص العلاقات الدولية.
يمارس "نقشبندي" الإعلام منذ عام 1984، وقد عمل في صحف السعودية وترأس تحرير مجلتي "سيدتي" و"المجلة"، اللتين صدرتا باللغة العربية في لندن، كما قدم البرنامج التليفزيوني "حوار مع هاني" لقناة تليفزيون دبي، وصدرت له في عام 2007 ببيروت الرواية القصيرة "اختلاس"، وتمكنت هذه الرواية، خلال فترة وجيزة، وبالرغم من منع نشرها من بعض الدول العربية من إعادة الطبع باللغة العربية ست مرات، وترجمت للغة الروسية.
"الدستور" التقت "نقشبندي" وكان هذا الحوار..
بدأت كاتبا واتجهت للصحافة.. هل كان اختيار الإعلام هو ما حددته الكتابة؟
أول كتاب كتبته كان عام 1982، وكنت في السنة الأولى للجامعة، وكان اسمه "يهود تحت المجهر"، وعام 1986 صدر لي كتاب "لغز السعادة،"، وبعدها انقطعت لفترة بسبب العمل الدبلوماسي، وبعدها استقلت من العمل الدبلوماسي واتجهت للصحافة، واستقلت من الصحافة بدورها لأتفرغ للكتابة، أنا إذا صحفي بالخطأ، ولكن الصحافة كان لا بد منها، لأنها الشيء الوحيد الذي يبسط لغتك، وكلنا محتاجون لهذا التبسيط، وأنا أنصح بهذا أن تكون صحفياً لكي تبسط لغتك، ومن يكتبون بغير الصحافة يتجهون للنخبوية، ولو أن محفوظ كتب بالنخبوية لما انتشر، أنت حين تكتب فأنت تكتب للجميع، وهناك ميزة أخرى هي التواصل مع الصحفيين أنفسهم، بمعنى أننا نجامل بعضنا، ولو لم أكن صحفياً لما كتب أحد عني، ولكني صحفي فمن أول رواية كتبوا عني كما لو أنني ماركيز.
الصحافة تبني لك اسماً، وحين أصدر عملاً أدبياً فالاسم مألوف، وصداه يتردد وحين يكتب شخص مجهول رواية فإنه يعاني من هذا الأمر، هي مشكلة الاسم، الصحافة تجعل الاسم مألوفاً، وربما كانت غير مقصودة، لأنني لم أكن ذلك الشخص المتيم بها، الصحافة خائنة بطبعها، ولكني أريد أن أتحدث عن قضية مهمة فعلياً.
ما هي هذه القضية؟
القضية هي قضية الجوائز للشباب، نحن ندعم الكتاب بطريقة خاطئة، لا أعرف مَن هو الذي أدخل فكرة الجوائز على أنها تكريم للشباب، مصر مثلاً تنتج آلاف الكتب سنوياً، وحين تضع الأموال في جائزة أو تنظيم ملتقى أو غيره فأنت هنا تهدر القيمة الأساسية، أنت لا يجب أن تشجع الجوائز بقدر ما تشجع الكتَّاب وغيرهم على القراءة بكل الأشكال الممكنة، ضع الأموال مثلاً في دعم للكتب الغالية، الجوائز هنا تكرم واحدا فقط من آلاف، تماماً مثلما تدخل إلى بستان مليء بالورود لكي تلتقط وردة فتدهس في طريقك آلاف الورود.
وأنت تحتاج إلى حملات توعية، مثل المكتبات المتنقلة والمكتبات المجانية، في النهاية صدقني، الشخص القادر على قيادة دفة المجتمع قادر أيضاً على البحث عن وسائل تشجع للقراءة، وإلى الآن لم أر وسيلة ناجعة للتشجيع على القراءة الحقيقية، وأيضا هناك عقبات نشر، ولكني أرى أن الكاتب عليه أن ينتج فقط وهذا هو المهم.
كيف ترى تحويل عالمك الروائي إلى عالم مرئي؟
الحقيقة كان لدي موقف من تحويل العمل الروائي إلى فيلم، لأن العالم الروائي لن يحاكي الفيلم أو المسلسل، ولكن طالما أن الاثنين مستفيدان فلم لا، والعمل السينمائي سيمنح الكتاب شهرة تساهم في ترويجه، ولكن على الكاتب أن يتقبل أن الصورة ستختلف، فمثلاً في رواية زوربا هناك اختلاف عن الفيلم، ولكن في الأخير تبقى الروح.
كتابة السيناريوهات بتلك المشهدية، ألم تخش على طغيان لغتها على رواياتك؟
رغم أنني مَن كتب السيناريو وشوّه روايته، ولكن أنا مطمئن؛ لأن النص موجود بكامل بهائه في الصورة الكتابية، ولكن لو أخذت النص كما هو فلن يصلح، أنا أعتمد على النص أكثر من الصورة، والعكس في السيناريو، ولكن كان لا بد لي أن أنسحب من هذا الكاتب، وانسلخ عنه لكي أكتب السيناريو، بالطبع لا بد أن يكون هناك طرف آخر محايد وهو الذي يملي عليّ كيف أتصرف وينبع من داخلي.
كيف تحافظ على اللغة بين تلك الكتابات؟
أنت بالنهاية تظل كاتباً، وكلها تدور بالقلم، ككاتب تظل لغتك موجودة، والحقيقة أن صناع الفيلم اقترحوا عليّ أن يقوم سيناريست بتحويل الرواية إلى سيناريو، ولكني قلت لهم سأكتبه أنا، والسيناريو كما تعلم هو إعادة كتابة للنص، ولك أن تعلم أن ماركيز كان سيناريست، وأنت ككاتب لديك النص مع الخيال، ولكن السيناريست يخاطب الخيال، وأعتقد أنهما شديدا الصلة وتجربتي في كتابة السيناريو كانت جيدة جداً.
ترجمت روايتك للروسية والإسبانية والإيطالية.. كيف ترى هذا؟
أنا لا أحب أن نعلي من قيمة الغرب، حقيقي أنهم يقرأون أكثر منا، ولكن لا يمكن أن ننظر إلى الغرب بهذا الشكل، أنا لا أحب أن اقرأ الآخرين، ولكن دع الآخرين يقرأونني، في الخارج لديهم وكيل أدبي، وهو الذي يقرأ مجموعة كتب ويلخصها ويرسلها لدور النشر وما يوافق عليه ينشر، والذي يتحمل التكاليف هو الناشر، دور النشر العربية لكي تصل إلى هذا فأمامها وقت كبير، ولذلك على الدولة أن تساعد الشباب، واقترحت ذات مرة على السعودية أن نجمع خمسة روائيين ونذهب إلى إسبانيا وإنجلترا في ورش عمل، وكنت سأساعدهم بحكم تواجدي هناك، ويلتقون بالأدباء، ونصنع حالة من الرواج للأدب السعودي هناك، وقد ينجم عن هذا ترجمة كل الأعمال، ومن يتحمل التكلفة، الدولة تتحمل النصف والناشر النصف، تخيل أن الروائيين يترجمون لكل اللغات، نحن صورتنا بالخارج ليست جيدة، والخطأ نعدله بخطأ أكبر منه، وقوة الغرب تنبع من الاهتمام بالجانب الثقافي.
إذاً يجب أن تكون هناك مراكز لعمل هذا؟
نعم، يجب أن تكون هناك مراكز حقيقية، ودور نشر هناك أيضاً، لأنك إن ترجمت فقط فلن يقوم الموزع بتوزيع الكتاب، ولكن أنا أقصد أن تقوم بعمل ورش عمل حقيقية، والمهم أن يكون عن طريق دور النشر لأنها ستمنحك اسمها وتقوم بعمل انتشار لمشاركتها في مهرجانات دولية وغيرها.
أتعرف.. حين تذهب إلى مترجم إسباني وتقول له ترجم لي، فيسألك هل ترجم لك قبل ذلك فتقول لا، فيخاف من الترجمة، إذا كيف تصل لمرحلة أن يترجموا لك هناك؟ هذه مرحلة كبيرة، ولو ترجم لك كتاب واحد فستصبح العملية سهلة، في معارض الكتاب يستقدمون الكتاب ودور النشر، لكن الناشر الذي يأتي يفعل ذلك ليبيع، هو يأتي بصفة بائع وليس بصفة ناشر، وبالتالي تحتاج أنت لتذهب هناك وتقوم بعمل ورش كبيرة وهكذا.