رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا بينك وبين نتفليكس يا مريام؟

أطلقت شبكة نتفليكس العالمية وثائقي عن الفنانة اللبنانية مريام فارس تروي من خلاله احزانها ومخاوفها في أثناء فترة الحظر الوقائي من فيروس كورونا، الذي عاني من ويلاته جل سكان كوكب الارض وتكبدوا الكثير من خسائر أرواح ذويهم، فضلا عن الخسائر المالية، والاستغناء عن نسبة لابأس بها من العاملين، وتوقف العروض المسرحية ودور السينما والمدارس والجامعات وحركة الطيران، وهبوط في مؤشرات الاقتصاد وسعر العملات، في حين ان بعض الدول عجزت عن تقديم المساعدات العلاجية والخدمات الصحية، وإلى أن تم التوصل إلى تطعيم تجريبي أعلنت الدول ان الكوكب يمر بكارثة وبائية تستلزم عدم الاختلاط والبقاء في المنازل والالتزام بالإجراءات الوقائية، والكثير من الخسائر التي نعرفها وعانينا منها كبشر في مواجهة المرض المميت.

تختلف درجة احساس البشر من شخص لآخر ولكن فيما يخص مريام فارس يجب ان نتسائل عن اي رحلة تنوي نتفليكس تناولها عن المطربة والممثلة اللبنانية، والدعاية الترويجية لحدث مهم سيأتي قريبا واللقطات المنتشرة في الفيديوهات التشويقية، لنجد ان الشبكة العالمية توثق معاناة الفنانة المدللة باعتبار ان فترة حظر التجول تعني لحياتها الكثير، فكيف لها ان تظل حبيسة قصرها الشاسع او تمتنع عن السفر لفترة وجيزة لحين فك حصارها والشعور بالوحدة التي سببت لها مزيدا من الاكتئاب!

ما هو المثير في تجربتها التي خاضها الملايين الأقل حظا منها في حياتهم، خاصة عندما تحدثت عن الفترة النفسية السيئة التي مرت بها بعد فقدان جنينها الثاني-والذي نشرت عن الفقد هذا صحف ومواقع صفراء بعنوان مثير من شأنه ان يضاعف المشاهدات (تعرف على تفاصيل وفاة ابن مريام الثاني)-  وبصوت يملؤه غصة الالم تقول انها لا تشعر بعيد الام لانها لم تستطيع ولادة شقيق "لداني". بالطبع كل ام سوف تحترم هذا الشعور بفقدان الجنين لكن امهات كثيرات فقدن اجنتهن بسبب الفقر او قلة الرعاية الصحية في أثناء حملهن! ستتعاطف الامهات ولكن سوف يستئن في الوقت ذاته من اسلوب فارس المبالغ في التعبير عن ما تشعر به في أثناء فترة الاجهاض والاغلاق، وفقدانها لحريتها والانطلاق والسفر والوقوف على خشبة المسرح وامام الكاميرات!

ما يهدئ من روع الغاضبين على "مصاري" نتفليكس المهدرة لانتاج الوثائقي هو ضعف انتاجه وتكرار لقطات سبق وشاركتها مريام على صفحات التواصل الاجتماعي، فلا شئ جديد ظهر بالفيلم سوي طريقتها المتصنعة في الحديث حول معاناتها التي استفذت المشاهدين بما انه لا مجال للمعاناة وسط استمرار استفزازها للجمهور باخفاء هوية زوجها الملياردير الامريكي من اصل لبناني الذي من المرجح انه المنتج الاصلي (للفيديو) الذي يعرض على نتفليكس الآن. 

وبذلك تعد مريام اول فنانة عربية تتناول شبكة نتفليكس فترة من حياتها وتقدمها عبر شاشاتها، لاشك في اهمية الاعمال الفنية من البومات غنائية التي تقارب الخمسة البومات من انتاج شركات انتاج مهمة مثل ميلودي، وفوازير عرضت علي قناة القاهرة والناس في رمضان 2010 لاسيما الاعمال الدرامية مثل الفيلم السوري سيلينا 2009  ومسلسل"اتهام" امام حسن الرداد وعزت ابو عوف واخراج فيليب اسمر كأول عمل درامي لها يدخل منازل الجمهور العربي، الا ان هذه السيرة الفنية لا ترتفع بها الي مصاف كبار الفنانات العربيات وتدعو الشبكات العالمية لصنع محتوي وثائقي يدعمها نفسيا خلال فترة مواجهتها لاهوال الحظر وبمنتهي الاستفزاز، الذي سوف يدفع الجمهور إلى اكتشاف السيرة الفنية القصيرة والشعور بالتساؤل حول قيمتها كنتيجة لاصطناع محتوي انساني مفتعل على امل ان يمس قلوب المشاهدين.