الروائي أحمد الصادق: «هيدرا» تجيب على سؤال الخلود.. والجوائز تُعيد «سَن أقلام المبدعين» (حوار)
عبّر الروائي الشاب أحمد الصادق والمتوج حديثًا بجائزة الدولة التشجيعية عن روايته “هيدرا.. أوديسا الفناء والخلود” عن سعادته بالجائزة التي أعلنت نتائجها أمس، لافتًا إلى أنها تأتي في قمة الهرم لكل الجوائز، إذ أنها اعتراف ومكافأة من الدولة.
وقال الصادق إن فرحته أكثر بسبب دمج دورتي هذا العام، لكي يتم تلافي خطأ السنوات الماضية، مؤكدًا أنه لم يتوقع التتويج بالجائزة، لكنه قدم فيها روايته وكان ينتظر مثلما يفعل، «الدستور» التقت أحمد الصادق وكان هذا الحوار.
◘ ما الذي يعنيه لك فوزك بجائزة الدولة التشجيعية؟
• الحصول على جائزة الدولة التشجيعية حلم أي كاتب طموح، وتأثيرها أعظم مما يبدو، إذ أنها تعطي الكاتب دفعة حماسة، وتقوم (بتزييت تروس قلمه)، بل تصنع قلمًا جديدًا له، كي يسهم بمزيد من الإبداع الأدبي، بحيث يمكننا الفصل بين أحقاب مسيرة الكاتب الزمنية قائلين "كتابات ما قبل التشجيعية، وكتابات ما بعد التشجيعية".
◘ وماذا عن الجوائز بشكل عام؟
• الجوائز بشكل عام يمكننا أن نصفها أنها تشجيعية، لكن تأتي جائزة الدولة التشجيعية في قمة الهرم، إنها أعلى جائزة تقوم بتشجيع الكاتب، لذلك فالحصول عليها ليس بالأمر الهين، بل إنها من أكبر الجوائز المقامة للشباب، إن لم تكن أهمها.
◘ كانت المنافسة قوية بسبب ضم دورتين معًا.. وكان هناك الكثير من التخوف للأدباء الشبان؟
• بالفعل، وهذا أسعدني الفوز اكثر لأن المنافسة كانت قوية جدا، حقيقي لم أعلم كثيرًا من الأعمال المشاركة، ولكني كنت أعلم أن نتيجة هذه الدورة من جوائز الدولة -كما قلت - تم فيها دمج دورتين، 2019 و2020، وذلك لحل أزمة عام الفراغ الذي نشأ منذ عام 1967، فكانت المنافسة هذا العام تشهد حربًا عاتية، بضعف العدد الذي اعتاد عليه المنافسون السابقون، وربما لهذا السبب كنت أستبعد فوزي، وأحلم به في نفس الآن.
◘ وجود تصنيف الخيال العلمي.. كيف ترى هذا؟
• كان ذلك أحد اسباب سعادتي بالجائزة حتى قبل إعلان النتائج، بل من يوم الترشيح، عندما علمت أن جائزة الدولة التشجيعية تطلب في الرواية تصنيف "الخيال العلمي"، الأمر الذي أثار إعجابي للغاية، إذ أننا لم نجد من قبل جائزة تُقام في حقل الرواية الخيال العلمي، وربما حان الوقت للاهتمام بهذا النوع من الأدب الذي نادرًا ما نجده في مكتباتنا العربية، بل إن ذلك النوع "الخيال العلمي" ظل يتلاشى من العقل الجمعي، حتى تحوّل في الصورة الذهنية لدى المتلقي إلى أنه أي عمل به خيال أو فانتازيا، وصار الخلط بين الواقعية السحرية والخيال العلمي أمرًا اعتياديًا.
◘ ماذا عن كتابتك لهيدرا؟
• عندما بدأت في كتابة رواية "هيدرا .. أوديسا الفناء والخلود"، لم أنتبه أنني على وشك الدخول في تجربة "الخيال العلمي"، فالرواية في صورتها الأصلية بالنسبة لمخيلتي آنذاك، كانت رواية إنسانية وفلسفية من الدرجة الأولى، لكن بما أنها تتناول موضوع "خلود الإنسان"، وتحاول الإجابة عن السؤال "ماذا سيحدث لو أصبح الإنسان خالدًا"، وجدت نفسي في اضطرار إلى اللجوء إلى الخيال العلمي، إذ أن الخلود يستتبع المضي قدمًا في الزمن نحو المستقبل البعيد، والمستقبل البعيد يتطلب "الخيال العلمي".
◘ وعلام اعتمدت فيها؟
• اعتمدت فيها على جميع التنبؤات العلمية الخاصة بإمكانية خلود الإنسان، عن طريق روبوتات النانو التي تعمل على تجديد خلايا المخ والجسد، وعن طريق أيضًا إمكانية تحويل عقل الإنسان البيولوجي إلى عقل إلكتروني، فيعيش "وعي" الإنسان في إنسان آلي سُمّي في الرواية بـ"الأفتار".
◘ الأسياد والعبيد.. هل ترى أن هذه ظاهرة تتكرر وتتغير بتغير الازمنة بمناسبة حديثك في الرواية عن هذا الأمر؟
• تناقش الرواية الصراع الملحمي الذي نشأ بين طبقتين ظهرا على الأرض "الفانون" و"الخالدون"، حيث أصبح الخالدون هم الأسياد، والفانون هم العبيد، حتى وصل الأمر إلى أن عين أحدهم نفسه إلها على الفانين. كما تناقش السؤال الوجودي "لماذا نحن هنا؟ ما الهدف من الحياة؟ ما مصيرنا ومصير العالم..." الأسئلة التي تتصدر المشهد بين فصول الرواية، بدءًا من الإنسان الأول قبل حوالي 200 ألف سنة قبل الميلاد، مرورًا بملايين السنين في المستقبل، وهنا تأتي "هيدرا" الرحلة الزمكانية، التي هدفها الوصول لأبعد نقطة ممكنة من الكون، ودراسة تاريخ العالم في الأحقاب الزمنية المختلفة من الماضي، ثم الوصول إلى المستقبل البعيد جدًا، وهنا نحاول الإجابة عن السؤال "هل استمتع الإنسان بالخلود حقًا؟"
إنها مغامرة ملحمية، قائمة على عدة فصول في أحقاب زمنية متباعدة جدًا، وحبكات فرعية تخدم الحبكة الرئيسية التي تكتمل في النهاية، وبناء سردي قائم على وجود كاميرا أزلية "افتراضية أو رمزية" تصور المشاهد، وتدخل في عقول الشخصيات، فنعلم ما يدوربخلدهم.