مطران الروم الأرثوذكس: مسؤولو لبنان بحاجة للتواضع
تمم المطران الياس عودة، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، طقوس القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس.
وخلال مراسم القداس الإلهي، قام بترقية الايبوذياكون مايكل إلى رتبة الشموسية وأعطاه اسم باييسيوس، والشماس سلوان إلى رتبة الكهنوت.
وقال المطران في عظته:"البعض يستخدمون الحق واقوال القديسين كي يدينوا الآخر، عوض أن يقرنوا الإيمان والعقيدة بالمحبة الحقيقية، مثلما فعل المسيح، الآتي من شعب اليهود، مع السامرية. لم يكن يحق لهما الإختلاط، لكن الرب أظهر المحبة الأقوى من كل الصعاب. لذلك علينا أن نتعلم كيف نتضع ونقبل كل نقد بناء يوجه إلينا لمنفعتنا، بدلا من الانتفاض وكيل الاتهامات والشتائم لمن يحاول مساعدتنا".
وتابع: "التواضع فضيلة الفضائل، وحسن الإصغاء أيضا فضيلة. ما ينقص معظم اللبنانيين، والمسؤولين بخاصة، هو التواضع العميق، تواضع القلب والفكر، والإصغاء إلى النقد قبل المديح، لقد حاولنا مرارا وتكرارا، حبا بهم وبوطننا، لفت نظرهم إلى مواطن الخلل في حياتنا ومسيرة وطننا ولكن كما يقول الشاعر: لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي. للأسف، لهم عيون ولا تبصر ولهم آذان ولا تسمع".
واردف:"لو شكلوا حكومة اتخذت الإجراءات الضرورية منذ مدة لما وصلنا إلى هذا القعر. لو حولوا شعاراتهم إلى حقائق، وطبقوا ما ينادون به من محاربة الفساد، والتدقيق الجنائي، وحفظ حقوق المواطنين، والتخلص من الطائفية، وغيرها من الشعارات، لما انهار البلد ويئس المواطن".
واستطرد: "فالمؤسسات الوطنية إقطاعيات للطوائف، والوزارات حكر على أحزاب، والنزاعات الطائفية ازدادت، والمظاهر المسلحة والسلاح المتفلت والإستعراضات الاستفزازية لا تجد من يقمعها، والفساد ما زال مسيطرا على النفوس والإدارات، والإحتكار تفاقم، والغلاء استفحل، والمحروقات ندرت لأنها تهرب أكثر فأكثر، وأزمة النفايات لم تحل، أما الكهرباء فعوض أن تكون من بديهيات الحياة أصبحت كالبدر تفتقد، لأن الهدر زاد عوض معالجته، والجباية تكاد تكون متوقفة وهي مصدر التمويل الأساسي لمؤسسة الكهرباء، وقد سمعنا عن مليارات متراكمة لم تحاول إدارة الكهرباء حتى المطالبة بها، كما لم تحاول توقيف التعديات على الشبكة ومعاقبة الفاعلين، أو وقف الهدر والسرقة، وجباية المستحقات واستيفاء الديون أو وضع برنامج واضح لصيانة المعامل وزيادة الإنتاج وغيرها من الأمور التي تساهم في تأمين الكهرباء للبنانيين".
واكمل:"اللبناني لم يعد يصدق أن الدولة لم تكن قادرة على إيجاد الحلول لمشكلة الكهرباء طيلة عقود. أي لغز هو لغز الكهرباء؟ هل هي مهمة مستحيلة أم أن هناك سببا آخر نجهله؟ أين التخطيط والاستشراف؟ أين الإدارة الرشيدة؟ وهل يعاقب الشعب بأكمله بسبب بعض الفاسدين والمعرقلين والسماسرة؟ هل على المواطن أن يبقى ضحية الضغينة والحقد والنكايات، أو قصر النظر والإستهتار وعدم التخطيط، وأن يتأقلم مع كل الأوضاع حتى وإن كانت على حساب راحته وكرامته؟ وهل يوجد في القرن الحادي والعشرين بلد يعيش في الظلمة، ويتكل على المولدات الخاصة، عوض بناء معامل الإنتاج، وحتى إنتاج الطاقة البديلة النظيفة؟ أين حاملو لواء محاربة الفساد؟ أين المحاسبة؟".
وأضاف: "نحن بحاجة إلى محاسبة كل فاسد أو مقصر أو متعد. من هنا يبدأ الإصلاح. وقد أصبح ضروريا لأن حياة اللبنانيين أصبحت في خطر. حتى الأدوية لم تعد موجودة، ومرضى السرطان يعانون، كما تعاني المستشفيات من نقص حاد في المستلزمات الطبية والأدوية وكل ما تستعمله في المختبرات وغرف العمليات".
وتابع:"لم يعد بمقدور المستشفيات أن تقوم بواجبها تجاه المواطنين الذين سرقت أموالهم، واستنزفت ودائعهم في دعم سلع تهرب أو تحتكر، ودولتهم عاجزة عن دعم ما هو أساسي لصحتهم، أعني الأدوية والكواشف المخبرية وغيرها من المستلزمات الطبية. أين كان المسؤولون عندما استبيحت خيرات لبنان وأموال اللبنانيين هدرا وسرقة وفسادا؟ وهل صحة اللبنانيين سلعة أو ورقة مساومة؟.بئس ما وصلنا إليه".
واختتم: "والآن يعدون المواطنين ببطاقة تمويلية أخشى أن تصرف مما تبقى من ودائعهم، فنكون كمن يلحس المبرد ويتلذذ بطعم دمه، كما أخشى أن تشكل رشوة انتخابية يستعملها السياسيون لغاياتهم. دعاؤنا أن يرأف الله بنا وأن يلهمنا الصبر وطول الأناة، وأن يضع في قلوب من يتولون أمرنا المحبة والتواضع والرحمة، ويمنحهم صحوة الضمير وبعد النظر وحسن التخطيط وخاصة حسن الإصغاء".