في ذكرى رحيله.. 5 دقائق لونت طفولة أسامة أنور عكاشة بالشقاء
"لم أكن طفلا شقيا بمعنى الشقاوة.. ولكني كنت شقيا بمعنى الشقاء".. هكذا يتحدث الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة- الذي تحل اليوم، الجمعة، الثامن والعشرين من مايو ذكرى وفاته- عن نفسه، حيث لم يعش طفولة هادئة وإنما طفولة قاسية، ففي السابعة فقط من عمره، عرف الطريق إلى الشقاء بل التقى به وجها لوجه، ففي هذه السن ماتت أمه.
وكان أسامة مرتبطا بها ارتباطا يقول عنه: “ارتباطا وثيقا كاد أن يكون ارتباطا عضويا.. فكانت الصدمة أعنف من أن يتعامل معها طفل في السابعة.. ولا أعتقد أنني شفيت من جرح هذه الصدمة حتى الآن”.
كره أسامة يوم الجمعة، فقد ماتت أمه في ذلك اليوم، وظل طوال حياته يكرهه، يقول أسامة عن ذلك اليوم: "لا أحب أن أحس به أو أتوقف عنده! فلا أتواعد يوم الجمعة ولا استقبل فيه ضيف".
يحكي عكاشة بنفسه تفاصيل ذلك اليوم في جريدة أخبار الأدب، فيقول: "صباح يوم من ربيع العام التاسع والأربعين حيث أوقظنا من النوم لنرى وجه الأب مكفهرا وهو يطلب منا أن نستعد للسفر إلى طنطا بسرعة.. حيث توجد الأم وسط أسرتها للعلاج من عارض بالقلب، وركبنا سيارة الأجرة.. والمسافة بين كفر الشيخ وبين طنطا لا تزيد على أربعین کیلو مترا.. تقطعها السيارة وقتها في حوالي الساعة.. وإذا بالسيارة التي نستقلها تتعطل وتعطلتا ساعة أخرى كاملة.. وحين وصلنا إلى منزل أخوالي حيث توجد أمی.. سمعنا الصراخ والعويل.. ولقينا خالي الأصغر یبکی ويخبرنا بأن السر الإلهي خرج منذ خمس دقائق فقط".
خمس دقائق فقط لونت سنوات طفولة أسامة أنور عكاشة بكآبة الرماد كما وصفها في كتاباته، وأعطتها ذلك المزيد من سواد الأفق ورائحة المطر، هذه اللوحة الثابتة في ريف البراري، والذكرى الدائمة المرتبطة بطفولة سنوات الدراسة لم تفارق عقل ولا ذهن الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، لذا لم يكن غريبا أن يرى بعد أن صار رجلا أنه كان طفلا شقيا بمعنى الشقاء لا الشقاوة.