«طبيخ الصعايدة».. درويش الأسيوطى يروى حكايات الأكل فى الصعيد
يناقش درويش الأسيوطي في كتابه الصادر حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة سلسلة الدراسات الشعبية، أنظمة الأكل في صعيد مصر والطعام في الحج والأمثال الشعبية وغيرها من الأمور المرتبطة بالتراث في جنوب مصر.
الكتاب صدر في 150 صفحة من القطع المتوسط وعبر 3 فصول هي "عن الطعام في التراث الشعبي، الموسمية والادخار والتخزين، طبيخ الصعيد".
درويش الأسيوطي الباحث الكبير في التراث والذي صدرت له أعمال كثيرة خاصة بالتراث الشعبي وغيرها واحد ممن يعرفون خصوصية المكان، فله دراسات من قبل مثل أشكال العديد في مصر، وافراح الصعيد الشعبية وغيرها، إذا فالطبيخ والأكل وقواعده وأصوله هي راسخة في عقل درويش بصفته واحدا من أبناء المكان، وأدار الأسيوطي كتابه بحرفة، فقبل التحدث عن الأطعمة وغيرها تحدث عن المناسبات ووضح أن لكل مناسبة أطعمة خاصة بها، فخصوصية الصعيد تحتم على الكل هذه المعرفة بصفتها راسخة في الوعي الجمعي الخاص بأبناء البلد الواحد، وأن هناك طبيخًا يقدم في مناسبة بعينها، وحين يقدم في مناسبة أخرى فمعناه فرحة في ميت أو حزن في فرح، وبالتالي لا يصح هذا من الأساس.
وفي الفصل الأول يناقش الأسيوطي أهم المناسبات التي تقدم فيها الأطعمة مثل مناسبة الحج، وفيها من الأغاني التي تحتوي على أطعمة كناية عن أهمية هذه المناسبة..
من سمن سايح
واعملوا المنون
من سمن سايح
وقولوا لولدها
يحضر دبايح
قدح سكسكية
واعملوا للحاجة
قدح سكسكية
أهل مكة يقولوا
دي من بيت وسية
وفي الأمثال الشعبية تحضر الأطعمة بقوة ويستدل الأسيوطي على ذلك بقوله:" لم يكن من الغريب أن تجد فيها أطعمتهم، غلالهم، خبزهم وحيواناتهم، طيورهم ومزروعاتهم، مثل: من كل عيش الكافر حارب بسيفه، أطعم الفم تستحي العين، اللي يستنى وكل غيره يا طول جوعه، يا مشتهينه بدل ما تفرقوه اقعدوا جمب الحيطة وكلوه"، ويشرح المؤلف هذه الامثال ودلالتها وغيرها.
وينتقل الأسيوطي للفصل الثاني ليشرح عملية التخزين والأدوات المستخدمة في التخزين مثل الصوامع الصغيرة للغلال، والحواصل، والدواوير، والمطامر.
كما يفند أساليب التخزين وكيفية طحن الحبوب وتنظيفها وغيرها والفصل مطعم بالصور الكثيرة التي توضح هذه المسائل.
أما الفصل الثالث وهو المعنون باسم الكتاب، فيناقش فيه الأسيوطي العديد من الأطعمة الصعيدية والتي يحرص أبناء الصعيد على تواجدها حسب مناسبة هذه الأطعمة، ويتجاوز الأسيوطي فلا يكتب فقط عن الطعام وإنما عن المطبخ بالكامل وأدوات الطبخ ايضًا مثل البرام والطواجن الفخارية والأطباق والمغارف وأدوات المياه مثل الزير والبلاليص التي يحرص أبناء الصعيد على استخدامها في مطبخهم.
كما يشرح أنواع الطبيخ من حيث الحبوب، فهناك أطعمة تعد من حبوب القمح، والبرغل والكشك وغيرها.
والطبيخ الأساسي وهو طبيخ الدقيق فتكون منه أنواع كثيرة منها المرق والمخروطة والدبداب والقرص، والفطير المطبق والفورة.
وينتقل لحبوب الذرة ويوضح أن منها المفروكة والمديدة، وغيرها.
ويشرح الأسيوطي طبيخ الحبوب أيضًا مثل الفول وكيف يحبه أبناء الصعيد ويكون جاهزا لمعظم احتفالاتهم مثل الفول النابت، والفول الأخضر والفول المكسور، والعدس العدي والعدس أبوجبة، والعدس الأصفر وغيرها.
ويكمل الأسيوطي بالأطعمة ليوضح في النهاية أن هذه الأطعمة مشهورة في قلب الصعيد، ومعظمها مستمر، إذ إنها تشكل قيمة كبيرة داخل كل شخص ينتمي لهذه المنظومة، منظومة أبناء الصعيد.