«مفكرة وقلم».. قصة درس محمد التابعي الأول لـ«عباس الطرابيلي» في الصحافة
تحل اليوم ذكرى ميلاد الصحفي الكبير محمد التابعي، وفي مقال للكاتب الصحفي عباس الطرابيلي بعنوان "الدرس الأول في الصحافة تعلمته من التابعي" نشر بجريدة الوفد في تاريخ 3 أبريل 2008، يتذكر الطرابيلى درس التابعي فيقول: "أتذكر مرة وكانت الساعة قد تجاوزت الثانية بعد الظهر، وكنا في شهر أغسطس عام 1959، كنت واقفا أوقع على ساعة الحضور والانصراف بجوار سلم المبنى التاريخي لأخبار اليوم وفجأة وجدت سائلا: بيتك فين؟ وأجبت قبل أن ألتقت ناحية الصوت: في الدقي بشارع سليمان جوهر ولم أكمل، كان السائل هو الأستاذ التابعي نفسه بعد أن خرج من مصعد أخبار اليوم وقبل أن أنتبه رد التابعي: تعالى.. أوصلك في طريقي".
أراد عباس الطرابيلى أن يتأدب ويجلس بجوار السائق ولكن التابعي أمره "بجانبي يا أستاذ" ورنت كلمة الأستاذ في أذن عباس الذي جلس فعلا بجوار التابعي وفجأة أمر الأخير سائقه بالتوقف أمام مسجد السلطان أبو العلا ولم يكن سلطانا حقيقيا حكم مصر كما يعتقد البعض، ولكنه كان سلطان المتصوفين، ولم ينظر الأستاذ التابعي إلى المسجد وإنما على يمين الشارع في اتجاه أحد المطاعم وأخرج من جيبه مفكرة صغيرة وكتب فيها الجملة التي وضعت على واجهة المطعم "كل كبده باطمئنان.. واقرأ الفاتحة للسلطان".
وقال التابعي لعباس الطرابيلي وهو يعيد المفكرة إلى جيبه:"هذا هو الدرس الأول لك كصحفي في أول الطريق، أن تحمل معك نوتة أو مفكرة وقلما لتسجل ما يلفت نظرك حتى لا تعتمد على الذاكرة، وهذه الللافتة يا أستاذ هي فكرة مقال أو تحقيق صحفي أو يوميات، حسب مكان ومكانة الصحفي، الفكرة هي الأمثال الشعبية واللافتات التي يكتبها الباعة على المحلات، أو عربات النقل، أو حتى عربات الكارو أو الكشري وعربات الفول والطعمية على النواصي".
كان الدرس- كما قرأه عباس الطرابيلى نفسه- هو ألا يعبر الصحفي الطريق كما يعبره أي شخص عادي، بل عليه أن تمسح عيناه كل ما في الطريق، عليه أن يستمد أفكار موضوعاته من الشارع ومن تعاملات وكلام العامة فتلك هي الصحافة الشعبية التي تعبر عن أخلاق وسلوكيات الناس.