مشاهد من أول صلاة عيد منذ عامين في مجمع الأديان
عاش المصريون طيلة شهر رمضان المبارك يمنون النفس بأداء أول صلاة عيد جماعية منذ عامين، بعد أن حرمهم فيروس كورونا المستجد من أداء هذا الفرض العام الماضي، ولهذا كانت الاستعدادات أكبر من كل عام، وتلبية نداء تكبيرات العيد كان في القلب قبل الجسد، فسار الناس مهرولين إلى أقدم مسجد في مصر إلى جامع عمرو بن العاص.
ذهب البعض لتأدية صلاة الفجر وانتظر أمام المسجد حتى يحين الموعد المنتظر فلم يكن مسموحًا بالبقاء داخل المسجد فكما العادة تغلق أبواب المسجد عقب كل صلاة، ولكن الشوق منع هؤلاء من مغادرة أماكنهم، وحتى يكون لهم الأولوية في حجز مكان داخل المسجد مع أول تكبيرة من تكبيرات العيد.
صدحت مئذنة عمرو بن العاص الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وفتحت أبواب الرحمة والمغفرة في أول صلاة عيد منذ عامين فدخل المصلون مسرعين حيث اختار كل واحد منهم مكانه، وجاء بقية أهل المنطقة مبكرين حتى يلحقوا ما بقى من أماكن داخل المسجد.
ساعدت الشرطة في تنظيم أول صلاة عيد هذا العام، حيث أخلت المنطقة المحيطة بالمسجد، ومنعت دخول السيارات إليها حتى لا تضايق المصليين وتسير بين صفوفهم وقت الصلاة، وبسبب هذا الإغلاق جاءت مسيرات العيد وتكونت من الشباب الساهرين من آخر ليلة في رمضان، وبعض الأسر التي تجمعت واتخذت زينتها لأداء صلاة العيد.
وترك الجميع سياراتهم في الشوارع المحيطة بالمسجد، وتنوعت الوسيلة التي وصل بها المصليين إلى المسجد، حيث جاء البعض في سياراته الخاصة، واختارت الأسر الأخرى أن تستخدم درجاتهم البخارية التي زينوها بالبلونات فاتسعت لتحمل الأب والأم والأبناء وكل هذا في مساحة صغيرة، وآخرون فضلوا وسائل المواصلات العامة التي تقلهم حتى تصل إلى المنطقة التي يمنع فيها سير المركبات.
وأيا كان الوسيلة التي وصل بها المصلون إلى المنطقة المحيطة بمسجد عمرو بن العاص لأداء أول صلاة عيد فقد اختلطوا سويًا وهم يسيرون في جماعات حتى أدركوا ساحة المسجد، وكأنهم في مسيرة الحج، فالجميع يرتدي الجلباب الأبيض ويسيرون في صفوف لم تنتهي حتى قال المؤذن عقب انتهاء التكبيرات الصلاة جامعة فتوقفت المسيرات الكبرى ولم يتبق إلا بعض الشباب الذين جاءوا مسرعين ليلحقوا الصلاة.
وجاء الأطفال مرتدين ملابس العيد، وفضل الذكور منهم ارتداء جلاليب بيضاء ليسيروا وكأنهم رجال صغار يتشبهون بآبائهم، ولكن كان للطفولة والبراءة رأي آخر فحملوا البالونات والألعاب الملونة فملئوا ساحة المسجد بهجة وفرحة، وحاول المصلون الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي في أول صلاة عيد منذ عامين ولكنة كثرة العدد منعهم من الالتزام الكامل، حيث زاد العدد عن المتوقع فاختفت المسافات بين المصلين ودعوا الله أن يكون حصنهم المنيع ضد الفيروس المستجد.
والتف الأطفال في يوم أداء أول صلاة عيد حول الآباء ليطالبوا بحقهم في العيدية، وقد حافظ الآباء على التقاليد الأصيلة فجاءوا ومعهم الجنيهات الجديدة، وكلما زاد العمر زادت العيدية فالأكبر يحصل على عشرة جنيهات والأصغر خمسة جنيهات ومن الضروري أن تكون جديدة حتى تزيد البهجة والفرح في قلوب الصغار.
بعد انتهاء مراسم أول صلاة عيد والخطبة القصيرة، حاول عمال المسجد وأفراد الشرطة المكلفين بتأمين المصليين إخلاء المسجد وساحته الخارجية بأسرع وقت ممكن، حتى لا تستمر التجمعات ويزيد خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
وأمهلت الشرطة الشباب بعض الوقت حتى يحصلوا على صورة تذكارية والآباء الذين سارعوا بشراء البالونات الملونة من البائعين، وبعض الأطفال للركض في ساحة المسجد لدقائق حتى تكتمل بهجة العيد، ومن بعدها أغلق المسجد أبوابه وانفض الناس وذهبوا من حيث جاءوا لتنتهي أول صلاة عيد منذ عامين برفق ولين وسلام.