«المراوغ الضجر رولان بارت».. كتاب عن رؤية الفليسوف الفرنسي للنقد والإبداع
ولِد «رولان بارت» في 12 نوفمبر 1915 ورحل في 25 مارس 1980 نتيجة حادث مؤسف، إذ صدمه سائق شاحنة كان يعبر شارع «المدارس» وسط العاصمة الفرنسية باريس، على بعد أمتار من مدخل «الكوليج دي فرانس».
يعد «بارت» أحد أهم وأبرز منظّري الأدب، وأحد روّاد «علم الإشارات». تنوعت أعماله لتغطي عدة مجالات وقد أثّر في تطور مدارس نظرية في كل من البنيوية، علم الإشارات، الوجودية، النظرية الاجتماعية، الماركسية وما بعد البنيوية.
يأتي كتاب «المراوغ الضجر.. رولان بارت» في 215 صفحة من القطع المتوسط وهو كتاب معني بلقاءات وحوارات الفيلسوف الفرنسي الشهير بارت، ويتحدث عبر نصه «من الكلام إلى الكتابة» عن فخ النسخ ويلفت إلى أننا عبر الكتابة نحمى أنفسنا ونلاحظها ونمارس الرقابة بشطب حماقتنا وترددنا وجهلنا وتساهلنا، ويرى «بارت» أن الكلام أخطر من الكتابة.
ومن الكلام إلى الكتابة يأخذنا المترجم لطفي السيد منصور إلى رؤية «بارت» للنقد الجديد وتنظيراته ودفاعه عنه. ومن النقد إلى الإجابة عن تساؤلات الصحفي «جي لو كليه» من صحيفة «لفيجاورو ليترير 1965» والتي جاءت تحت عنوان «نظام الموضة والتحليل البينيوي للحكايات».
رصد لطفي السيد منصور العديد من الحوارات الأهم والأبرز والأشهر للفيلسوف الفرنسي منها حوار القارئ الرمزي لصحيفة «إكسبريس» في 1970، و«خطاب النقد» لجازيت لوزان، وقد أجري الحوار بواسطة الكاتب والروائي الفرنسي إدجار تريبيه، وفي حوار آخر تحدث بارت عن تاريخ السيميولوجيا.
يقول المترجم لطفي السيد منصور لـ«الدستور»: «بدأت شهرة (بارت) في الأوساط الفكرية والثقافية منذ صدور كتابيه (الكتابة في درجة الصفر) و(ميثيولوجيات تقريباً)، كما تُرجمت كل أعماله إلى العربية، بل وتُرجِم بعضها أكثر من مرة كما كُتِبت عنه دراسات لا حصر لها.
وعن سؤال «هل هناك ضرورة لترجمة مجموعة لقاءات له بعد ترجمة كل أعماله وهي الأساس والركيزة الأساسية لمشروعه أو لمشاريعه الفكرية؟»، يجيب لطفي السيد منصور بأن هناك ضرورة؛ خاصة أن هذه اللقاءات هي شبه اللقاءات الكاملة التي أجريت معه، إما بمناسبة صدور كتاب أو مقال له أو مناقشته في بعض مفاهيمه، ومن ثم تقدِّم لنا تقريباً رؤية نقدية تبلور لنا مشروع هذا الفيلسوف والناقد واللغوي والسيميولجي والبنيوي وما بعد البنيوي، كما أنها ليست مجرد لقاءات خفيفة بل هي بمثابة مقالات شارحة بدقة وصرامة لما قدَّمه من كتابات أو مفاهيم. كما أنها تشير إلى أوجه «بارت» المختلفة والمتعدِّدة التي تُظهر الوجه الأساسي له، وهو المراوغ الضجر الذي ربما كان هو الحافز له للانتقال من حقل معرفي إلى آخر حقل معرفي ما.
ويشير المترجم لطفي السيد منصور إلى أن «بارت» يفصح عن هذا الضجر في كتابه «بارت بقلم بارت» إذ يقول: «طفلًا، كنتُ أشعرُ بالضجر في أغلب الأحيان، وعلى نحوٍ كبير. لقد بدأ ذلك بشكلٍ واضحٍ في فترة مبكرة جدًّا، ولقد استمرَّ ذلك طُوال حياتي، عبر نفثاتِ الدخان (صار نادرًا على نحوٍ متزايدٍ، بالفعل، بفضل العمل والأصدقاء)، وذلك كان ملحوظًا دائمًا. إنه ضجرٌ مرعبٌ، يصل لدرجة الضيق: مثل ذلك الذي أشعرُ به في المؤتمرات، الندوات، التجمعات الترفيهية: في كل مكان حيثُ يمكن مقابلةُ الضجر. سوف يكون الضجرُ إذًا هيستيريتي؟».
ويتابع أنَّ هذه المقابلات تقف على مراحله الفكرية المختلفة وتحوُّلاته من منهج إلى آخر كما توضِّح بعض ما التبسَ على البعض في كتبه أو مقالاته وتكشف عمَّا كان بين السطور أو ما في كواليس الكتاب أو المقال وهو ما قد يجعل عالم بارت أكثر وضوحًا وانفتاحًا للقارئ.
المترجم لطفي السيد منصور ترجم ما يقرب من 12 عملاً ما بين الرواية والأعمال النقدية منها رواية «تقرير بروديك» عن سلسلة الجوائز ورواية «نوتردام النيل» عن هيئة الكتاب، ورواية «درع السلحفاة» عن الكتب خان، و«قاموس الفكر السياسي» و«قاموس التداولية» و«قاموس الشعرية» عن دار الرافدين، ومختارات من مراسلات «كامو» عن دار مفرد.