مظهر شاهين: ليلة القدر مباركة لكل من اجتهد فيها
لليلة القدر شأن عظيم عند الله تعالى، وأنّ الأعمال والعبادات الصّالحة تكون فيها ذات قدر كبير وخير من العبادة في ألف شهر، ومن اعتكف واجتهد وصام وقام اللّيل ومرّت عليه ليلة القدر نال أجرًا وثوابًا مضاعف لعبادته، ونال شرف هذه اللّيلة وعظمتها.
وقال الدكتور مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، وعضو المجلس الأعلى للشئون الأسلامية لـ«الدستور»، إن ليله القدر من أفضل الليالي عند الله سبحانه و تعالي، هي ليلة مباركة أنزل الله -عز و جل- فيها القرآن كاملًا علي قلب النبي- صلي الله عليه و سلم- بواسطة إمام الوحي "جبريل عليه السلام"، و من هنا استمدت شرفها من شرف كتاب رب العالمين، فكان لها هذه الميزة التي ذكرها الله -عز و جل- في القرآن الكريم: "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)" سوره القدر.
وأضاف "شاهين"، أن من فيض الله -عز وجل- على عباده، أن أنزل ملائكته في هذه الليلة ليكونوا بردًا وسلامًا على أمة رسولنا الكريم، لينشروا السلام ولينقلوا رحمات رب العالمين التي يفيض بها على عباده في هذه الليلة.
وأشار إلى قول الله عز وجل في آخر سوره القدر: "تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ"، أي ومعهم جبريل عليه السلام "سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ" أي أن الله ينشر السلام على قلوب المؤمنين حتى مطلع الفجر.
وذكر أن هذه الليلة المباركة تتنزل فيها الملائكة بالخير و السلام و الطمأنينة على أمة نبينا محمد -عليه الصلاة و السلام- ومن رحمه الله على عباده أن اخفاها عنهم في العشر الأواخر، فقد هم نبينا الصادق الأمين ذات ليلة أن يخبر بها أصحابه ليجتهدا فيها في أمور الطاعة و العبادة لله رب العالمين، ولكن حدث موقفًا بين الصحابة أنسى النبي -عليه الصلاة و السلام- أن يخبرهم بموعد ليلة القدر ليجتهد المسلمون في العشر الأواخر كلها، ربما كان هذا الأمر حكمته أن يجتهد المسلمون في العشر الأواخر بها، فلربما لو علم الناس موعدها لاجتهدوا في هذه الليلة دون غيرها من الليالي، لكن شاء الله تعالى أن يخفيها على عباده المؤمنين ليجتهدوا في جميع الليالي كلها، وفقًا لما يرغب من خيرات عند الله سبحانه و تعالي.
وأوضح أنه قد ورد في فضلها قول النبي: "من قام ليله القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، والمقصود بالقيام هنا ليس الصلاة فقط، ولكن يقومها المسلم "بالصلاة والذكاة والصدقة وقرائه القرآن والتسبيح والتحميد والتكبير والاستغفار والصلاة علي النبي وزيارة الأيتام والعطف عليهم وزيارة المرضي"، كل هذه الأعمال من الطاعات إنما تقرب الناس من ربهم، ويكون لها ثواب عظيم من عند الله تعالي في هذه الليلة المباركة.
وأكد "شاهين"، أنه يستوى الرجال مع النساء، فهي ليلة مباركة لكل من يجتهد فيها رجلًا كان أو امرآه، ولليله القدر أمارات عرفها بعض الصالحين، ولكنها أمارات لاحقة بأن هذه الأمارات تظهر بعد انتهاء الليلة، ولذلك لا ينبغي أن نلتفت إلى الأمارات بقدر ما نلتفت إلى استغلال كل لحظة في الليالي العشر الأخيرة من رمضان بالاجتهاد والطاعة، فلربما صادفتنا هذه البركة التي تغمر العباد جميعًا في هذه الليلة، ونكون من السعداء عند رب العالمين.
وأوضح "شاهين"، أن النبي -صلي الله عليه وسلم- حين سألته السيدة "عائشة رضي الله عنها" عن ماذا تقول إذا رأت ليله القدر، قال لها نبينا قولي يا عائشة: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفوا عنا"، وربما يسأل سائل هل هذا الدعاء كافي لهذه الليلة، أقول نعم؛ لأنه دعاء جامع لكل خير فإذا عفا الله -عز وجل- عن الإنسان رزقه كل خير وأحياه حياة سعيدة ووفقه للطاعة في الدنيا، وأدخله الجنة في الأخرة، ويسر له السبل التي بها يحقق ما يريد.