رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انتبهوا لمواقع التواصل الاجتماعى


لم تعد مواقع التواصل الاجتماعى أداة ترفيهية نظرًا لانتشارها فى السنوات الأخيرة، وتطور استخدامها منذ عقد من الزمان، بل إن مواقع التواصل الاجتماعى قد تجاوزت كل التصورات والتوقعات، حيث أصبحت أداة مؤثرة تقتحم البيوت، وتدخل فى مختلف مجالات الحياة، ويستقى منها الملايين معلوماتهم فى السياسة، والاقتصاد، والعمل، والحياة.
وأصبحت تؤثر على ثقافة الأفراد والمجتمعات ونظرتهم إلى العالم، كما أنها تتيح معرفة الأخبار وتداول الصور بشكل سريع، بحيث أصبحت منصات حرة تتيح التواصل الاجتماعى، وتعزز تبادل المعلومة والمعرفة والخبرة والتعبير الحر عن الرأى أو وجهة النظر.
وإلى جانب هذه الميزات التى تتيحها مواقع التواصل الاجتماعى، فإن لها فوائد عديدة إيجابية، ولها أضرارًا وأخطارًا عديدة أيضًا، فمن فوائدها العديدة منها مثلًا أنها تضم جميع مجالات المعرفة، كما أنها تؤدى إلى زيادة الوعى بقضايا اجتماعية عديدة ومناقشتها على المواقع، بحيث يمكن أن تؤدى إلى تكوين رأى عام فى قضية معينة مما قد يسهم فى حلها أو قد يؤدى إلى لفت نظر المسئولين، مما قد يفتح باب الحل، كما أنها تتيح ترويج القوة الاقتصادية والتسويق للمنتجات وللشركات، وهى أيضًا لها تأثير فى فتح فرص عمل من خلال إعلان البحث عن موظفين أو مهارات معينة، أو الوصول لشخص ما من خلال مؤهلاته التى يضعها على المنصة الخاصة به.
وفى السنوات الأخيرة، أصبحت وسيلة للإعلان عن الزواج أو الوفيات باعتبارها وسيلة سهلة وميسورة، أما إذا ما نظرنا إليها من ناحية أخطارها وتبعاتها السلبية، فإننا سنجد ما يدعو للقلق والحذر، ولا أكون مبالغة إذا ما قلت إنه لا بد من التحلى بدرجة كبيرة من الوعى والحرص فى استخدامها، وذلك بشكل عام.
أما بشكل خاص، فإننى كانت لى تجربة خاصة نبهتنى إلى الحرص والحذر فى استخدام مواقع التواصل الاجتماعى أحب أن أرويها للقارئ، فلقد صحوت ذات صباح فوجدت أكثر من ٣٠ مكالمة فى موبايلى منذ ساعة مبكرة من هذا الصباح قادمة من موبايلات صديقات وأصدقاء ومعارف لى، كما تلقيت أيضًا عددًا أكبر من رسائل الواتس آب.
ومع أول موبايل بعد استيقاظى، وجدت مكالمة من صديقة عزيزة تسألنى عن مكانى حتى تتمكن من إرسال مبلغ من النقود لى لمساعدتى فى حل مشكلتى التى أرسلتها لها من خارج مصر، دُهشت وطلبت منها إعادة ما قالته لى، فأعادت تأكيد ما قالته، فقلت لها وسط دهشتى: أنا فى القاهرة، ولم أسافر قريبًا خارجها، واستفسرت منها عن مضمون مشكلتى التى ستساعدنى فيها.. فقالت لى «بأننى قد أرسلت لها فى الصباح الباكر رسالة على الماسنجر الخاص بها بصفحتها الخاصة على الفيسبوك، لأطلب منها مبلغًا من الدولارات ترسله لى على مكتب بريد بفرنسا لأننى فى حاجه إليه فورًا».
فلما أكدت عليها أننى فى مصر، ونفيت لها إرسالى أى رسالة لها على الماسنجر الخاص بصفحتها بالفيسبوك، قالت لى «إن غيرها من الصديقات قد تلقين منى نفس الرسالة»، وهنا فقط تنبهت إلى المشكلة التى حدثت لى بسبب صفحتى على الفيسبوك، حيث اكتشفت أنه قد تمت سرقة صفحتى الخاصة، وتم التواصل مع صديقات لى من خلال قراصنة حسابات المواقع الإلكترونية، وكان لا بد هنا أن أغلق حسابى لعدة أيام، وأن أؤكد لكل المتعاملين معى والأصدقاء على صفحتى أننى قد تمت سرقة صفحة الفيسبوك الخاصة بى، وهكذا أغلقت الصفحة الخاصة بى لعدة أيام، ثم عدت لأفتحها بكلمة سر مركبة ومعقدة من أرقام وحروف بحيث يصعب فك شفرتها. وهكذا تنبهت بعدها إلى عدم وضع أسرار أو معلومات كثيرة خاصة بى على صفحتى بالفيسبوك أو وضع عناوين تتيح معرفة مكانى، ثم بعدها اكتشفت أنه تمت سرقة حسابات الكثيرين من الأصدقاء بنفس الطريقة، وأن هناك كتائب من القراصنة مهمتها سرقة الصفحات الخاصة لجمع أموال من المتعاملين مع صاحب الصفحة، كما يمكن أن تكون مواقع التواصل أيضًا وسيلة للنصب بجمع أموال من الأفراد، بزعم إعطائهم جوائز وهمية.
من أهم سلبيات مواقع التواصل الاجتماعى للأسرة أيضًا أنها وسيلة قد تؤدى إلى افتقاد الحوار والتواصل الضرورى والعلاقات الطبيعية بين أفراد الأسرة الواحدة، حيث يمكن أن ترى أسرة واحدة فى بيت واحد، وكل فرد منها يكون منشغلًا وغارقًا فى عالمه الافتراضى الخاص به بمواقع التواصل الاجتماعى. ولا بد أن أنبه إلى انشغال المراهقين والمراهقات بها إلى حد الإدمان وقد يتواصل معهم منحرفون أو أفراد يبثون لهم أفكارًا خاطئة أو صورًا إباحية، أو قد يحاولون التواصل للقائهم دون علم الأهل مما يشكل خطورة لا بد أن يتنبه لها الأهل، وأقصد بذلك الأمهات والآباء مما يدعونى لمطالبتهم بمتابعة الأبناء وعدم تركهم وإهمالهم حتى لا يقعوا فريسة سهلة للانحراف.. وأيضًا لا بد أن نتنبه إلى أنها يمكن أن تُستخدم للتحرش بالفتيات والنساء.
كما أنه من المهم أن أضيف هنا أن من أهم أخطار مواقع التواصل استخدامها كوسيلة فعالة فى نشر أفكار التطرف أو التشدد وبث العنف والشائعات المغرضة والأخبار المغلوطة لأسباب عديدة، كما أن مواقع التواصل قد تصبح أيضًا وسيلة للترويج لأفكار وقيم غريبة علينا وعلى مجتمعاتنا، وقد يتأثر بها أصحاب التفكير السطحى أو قليلو الخبرة والمعرفة.
ومن المؤكد أن مواقع التواصل الاجتماعى قد أصبحت سهلة وميسورة ومريحة فى استخدامها مما جعلها ذات تأثيرات كبيرة على المجتمعات والأفراد.. ونظرًا لأننا ما زلنا فى مواجهة مع الأفكار المتطرفة والإرهاب، فإننا لا بد أن نتنبه إلى أن المتربصين ببلدنا ما زالوا يبثون أفكارهم الهدامة والمغلوطة، وما زالوا يستخدمون كل الوسائط الإلكترونية الحديثة لنشر الفتن والشائعات.
ومع تغيير الإدارة الأمريكية وانتخاب رئيس جديد لأمريكا من الحزب الديمقراطى وهو الرئيس جو بايدن، فإننى أتوقع أن يتم استخدام مواقع التواصل الاجتماعى مرة أخرى بطرق أخرى لتنفيذ خطط الإدارة الجديدة التى كان كثيرون من أعضائها يشاركون فى إدارة أوباما وقت حدوث أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ فى مصر، وما حدث من فوضى وخطط لإضعاف مصر، وتنفيذ خطط التقسيم التى وضعها برنارد لويس فى ١٩٨٣ لتقسيم الوطن العربى إلى دويلات متصارعة ومتناحرة، وما تم تنفيذه لتخريب الوطن العربى باستخدام عبارة براقة هى «ثورات الربيع العربى» التى نشرت الفرقة والصراعات والتطرف والفتن فى المنطقة العربية، ولم يكن ما حدث فى المنطقة العربية سوى ما أستطيع أن أُطلق عليه «خطط تقسيم المنطقة العربية» وليس «ثورات الربيع العربى»، التى كانت مواقع التواصل الاجتماعى والإعلام من أدوات تنفيذها.
لهذا أقول: انتبهوا إلى مواقع التواصل الاجتماعى واستخدامها كسلاح لبث الفتن والتشكيك ونشر الشائعات أو تنفيذ محاولات جديدة لإضعاف وطننا.