قصر الأميرة نعمت مختار.. حدائقه تمثل مصر في مهرجانات دولية
يعد قصر نعمت مختار، أحد معالم مصر المعمارية، والذي أتم مئة عام على تشييده بمنطقة «بركة الحاج» بحي المرج وهو ما تنازلته الصحفية سهير عبدالحميد في كتابها «قصور مصر» كأحد أبرز قصور مصر المهجورة.
تقول سهير عبد الحميد:"المشهد جد مختلف عما قرأته في مذكرات الأمير حسن، آخر أحفاد الخديو إسماعيل عن قصر الأميرة نعمت مختار اختفت تلك الجنة الساحرة التي تحيطها ملاعب التنس والجولف، لم تعد للقصر هيبته التي اكتسبها من شموخ سيدته، بعد أن أصبحت جدرانه الخاوية نهبًا لدماء الخفافيش وروث الجرذان، حتى أبراجه التي اقتبست من قلاع العصور الوسطى بدت أطلالًا هرمة.
كانت الأميرة نعمت صغرى بنات إسماعيل وكانت تمثل مع شقيقتها خديجة الشقيقتين الوحيدتين بين أولاد إسماعيل جميعًا «أولادًا وبناتا"، كانت قد خطبت للأمير إبراهيم باشا وعقد له عليها عقدًا شرعيًّا، لكن المنية عاجلته قبل أن يتزوجها فتزوجت بالقائد محمود مختار باشا، نجل أحمد مختار، معتمد تركيا في مصر أيام الخديو توفيق.
كان محمود مختار عضوًا في جماعة الاتحاد والترقي، ولما قامت الثورة التي هاجمت منازل أعضاء الجماعة، وهاجموا منزل مختار - تصدت لهم الأميرة بشجاعة وحذرتهم من دخول المنزل إلا على جثتها، ثم عين مختار باشا وزيرًا للحربية في تركيا ثم سفيرًا لها في المانيا.
تشير سهير عبد الحميد إلى بناء القصر:"أقيم من طابق واحد وبدروم على مساحة 500 متر، وبه سبع حجرات ضاعت معالمها بعد استغلالها كمكاتب إدارية طوال عدة سنوات، المدخل الرئيسي للقصر جاء على شكل مشربية صنعت من الحديد، والأرضية كسيت بحبات الزلط الملون في تشكيلات بديعة بدا بعضها باهتًا أسفل ركام الأتربة.
تواصل حديثها: "يروي الأمير حسن كيف كانت الحياة داخل قصر المرج تخضع لنظام يومي صارم يتلقى فيه الدروس على أيدي مجموعة من المدرسين الفرنسيين والعرب والأتراك، إضافة إلى شيخ محفظ للقرآن، فضلًا عن لعبة التنس والتدريبات الإنجليزية تحت إشراف السيدة الإنجليزية «ماكاري» التي التحقت بالأسرة من شبابها المبكر كمرافقة للأميرة أمينة ابنة الأميرة نعمت، وكانت ماكاري تصحب الأميرة نعمت أثناء زيارتها الخارجية، وكانت صرامة الأميرة سببًا في تحويل حدائق قصر المرج إلى جنة ساحرة، تحيط بملاعب التنس والجولف، أما حوائط القصر فكانت معزولة بمسافات داخلية تعزل عن القصر درجات الحرارة المرتفعة في الخارج، وكان يشرف على حدائق القصر 05 بستانيًّا يقودهم خبير إيطالي، وبلغ العمل من دقته أننا لم نكن نشاهد ورقة شجر صغيرة ملقاة على الأرض، بل إن الخدم كانوا يسعون وراءنا أثناء تجوالنا في الحدائق لتسوية الأرض والرمال من آثار أقدامنا
.
تختتم سهير عبد الحميد:"في 2002 اقتطعت الشركة التابعة لوزارة الزراعة التي آلت إليها الحديقة والقصر 16 فدانًا من المساحة الكلية البالغة 22 فدانًا، وقامت ببيعها لثلاثة تجار بسعر مليون و200 ألف جنيه للفدان الواحد، تدخل ضمنها المساحة المقام عليها القصر، ما دعا إلى القلق من هدم المبنى التاريخي، وأدى إلى تدخل وزارة الثقافة ومحافظة القاهرة وحي المرج، وظهر اقتراح بتحويل هذا المبنى الذي أقيم بنظام الحوائط الحاملة بالدبش الأبيض إلى بيت ثقافة لهذا الحي المحروم من كل الأنشطة الثقافية.