رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعليم فى مصر


لا أعرف الزمن الذى ظهرت فيه مشكلة التعليم فى مصر، فقد كان هناك نظام للتعليم تعلّم فيه آباؤنا، وتعلّمنا فيه نحن، وتعلّم فيه أحفادنا.. كان نظام التعليم مستقرًا منذ أن وضع الإنجليز لبناته الأولى لتطويره فى مصر، حيث بدأ التعليم منذ بداية عهد الاحتلال فى الانتشار إلى حد ما.
تغيّرت السياسات التعليمية بمختلف الأنظمة السياسة فى مصر، ففى عهد الرئيس السادات، وبعد حرب أكتوبر، تبنى السادات الفكر الرأسمالى وسياسة الانفتاح الاقتصادى التى طالت جميع المجالات فى مصر، وأطلقت الحكومة عدة قوانين لتشجيع الاستثمار فى كل المجالات بما فيها التعليم، فاندفع رجال الأعمال للاستثمار فى التعليم، وتم تشجيع المستثمرين للاستثمار فيه عن طريق بناء المدارس الخاصة التى تدرس مناهج التعليم الحكومية، ولكن بطريقة فيها نوع من تحسين الخدمة وتقليل عدد التلاميذ فى الفصول، مقابل مصروفات، كما شجعت الدولة المدارس الأجنبية ومدارس اللغة الإنجليزية بمصروفات مرتفعة.
كما ظهرت المدارس التجريبية للغات، وهى مدارس حكومية بمصروفات لتقديم تعليم باللغات الأجنبية لخدمة الطبقة الوسطى التى لا تستطيع إدخال أبنائها المدارس الأجنبية، ومع بداية التسعينيات ازداد الطلب على مدارس اللغات، وأصبحت تلك المدارس غير قادرة على مداركة الطلب عليها نظرًا للأعداد الضخمة من الراغبين فى الالتحاق بها، فقام رجال الأعمال بالاستثمار فى مدارس اللغات.
وأخيرًا ظهرت فكرة المدارس الدولية، اليابانية والأمريكية والفرنسية والألمانية والبريطانية والكندية.
وهناك من يرى أن التعليم الأجنبى والدولى يؤدى إلى مخاطر عديدة، منها طمس الهوية المصرية والتأثير على اللغة العربية وضعفها فى مقابل اللغات الأجنبية، ونرى أن هذا يتنافى مع أفكار التقدم العلمى، وتدريس العلوم فى معظم دول العالم باللغات الأجنبية.
ومع ذلك فإن المدارس الحكومية فى مصر تقوم بتدريس اللغة العربية، والتدريس فى معظم جامعاتنا باللغة العربية، والعلوم الإنسانية فى مصر تدرس باللغة العربية، فضلًا عن وجود أقسام للغة العربية فى معظم كليات الآداب فى كل جامعاتنا، بالإضافة إلى جامعة الأزهر التى تقوم بتدريس العلوم الشرعية والدينية باللغة العربية. ومع استحداث نظام التعليم الإلكترونى عن بُعد، ونظام بقاء التلاميذ فى بيوتهم فى زمن جائحة «كورونا»، أصبحت الحاجة ماسة إلى دراسة تأثير ذلك على فكرة التعليم خارج المدارس، من حيث عدم تعليم القيم الوطنية، وانحسار تدريس كثير من المواد، وممارسة الأنشطة الفنية والرياضية، فالأمر ينعكس على سلوك التلاميذ فى تلك الفترة.
ولا شك أن تجربة التعليم عن بُعد لم تؤتِ ثمارها بعد، وكان لا بد من حلول عملية لمتابعة سير العملية التعليمية فى ظل ظروف طارئة، لا نعلم متى ستنتهى، وهو ما يخلق نوعًا من معاناة الآباء مع أبنائهم التلاميذ فى البيوت من خلال بقاء التلاميذ فى الشارع، ما قد يؤدى إلى ظهور سلوكيات جديدة قد تنعكس على المجتمع فيما بعد.
ويرى البعض أنه فى ظل غياب التفاعل المباشر بين المعلم والتلميذ قد يؤدى ذلك إلى التقليل من فاعلية العملية التعليمية، وربما نتج عنه عدم قدرة المعلم على رؤية الطلاب، وهو ما قد يدفع تدريجيًا إلى غياب التفاعل واتساع الفجوة بينهما، وهو ما حاولت وزارة التربية والتعليم المصرية تجاوزه عبر إقرار ذهاب الطلبة للمدارس يومين فى الأسبوع.
ولتفادى تلك المشكلة، اعتمدت وزارة التربية والتعليم المصرية مجموعة من القنوات الفضائية التعليمية، لتقدم محتوى تعليميًا لكل المراحل التعليمية، بما فيها التعليم الفنى والصناعى والتجارى.. ولكن هل تؤدى تلك الخطوة إلى تقليل مخاطر عدم ذهاب التلاميذ إلى المدارس؟