رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف استخدمت «جماعة الإخوان» الإعلام الرقمى في نشر التطرف والإرهاب؟

الإعلام الرقمى
الإعلام الرقمى

للترويج لفكرها وأيديولوجيتها وخدمة مشروعها السياسي، سبقت جماعة الإخوان المسلمين غيرها من جماعات الإسلام السياسي فى فهم أهمية الإعلام الرقمي وأهميته فى نشر فكرها وتحقيق أحلامها الخاصة بإحياء دولة الخلافة وأستاذية العالم.

وتمكنت الجماعة الإرهابية المحظورة من أن يكون لها وجود واسع على الشبكة العنكبوتية عبر عدد كبير من المواقع الإلكترونية الناطقة باسمها والمؤيدة لها، والتي استخدمتها في الترويج لأفكارها المتطرفة عبر الحدود.

◄ البداية تسعينيات القرن الماضى

وأشار تقرير لمركز تريند ريسرش الإماراتى للأبحاث، إلى أن الجماعة لم تتأخر في الانخراط في الإعلام الرقمي والعمل على امتلاك أدواته المختلفة، فمع بدء استخدام شبكة الإنترنت في مصر خلال تسعينيات القرن الماضي، تنبهت الجماعة إلى أنها وجدت أداة حقيقية تساعدها في كسر الحصار الإعلامي الذي فرضته عليها الدولة في محاولة للحد من قدرتها على نشر أفكارها في المجتمع عبر وسائل الإعلام التقليدية.

واستغلت الجماعة الإرهابية هذه البيئة الجديدة الزاخرة بوسائل تواصل جديدة فى نشر أفكارهم والترويج لها ليس فقط داخل المجتمع المصري وإنما أيضا خارج حدوده بالنظر إلى إمكانيات الشبكة العنكبوتية الهائلة التي تربط بين مختلف أرجاء العالم، وذلك من دون أن يكون في وسع الدولة منعها من ذلك.

◄ أول تعامل رقمى للإخوان..الدعوة

وأوضح الموقع الإماراتى أن أول تعامل من قبل الإخوان مع الإعلام الرقمي يعود إلى عام 1998 حينما أطلقت الجماعة موقعا إلكترونيا لمجلتها المطبوعة الدعوة.

أطلقت الجماعة المحظورة بعد ذلك مجموعة من المواقع الإلكترونية التي كانت بمثابة منظومة إعلامية إلكترونية متكاملة، مثل إخوان أون لاين عام 2003، وإخوان ويب عام 2005، وإخوان تيوب عام 2009، وإخوان ويكي عام 2009، وإخوان بوك عام 2010، بالإضافة إلى إخوان سيرش وهو محرك بحث خاص بالإخوان على غرار محرك البحث جوجل.

ولفت الموقع إلى أن الجماعة زاد نشاطها ونشاط أعضاؤها بصورة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي سواء في المدونات الشخصية التي ظهرت في البداية أو في مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر، فيسبوك، يوتيوب، انستجرام، وغيرها، والتي أصبحت تمثل وسيلة رئيسية لها في عمليات الحشد والتجنيد ونشر الأفكار ومهاجمة النظم القائمة.

◄ الخروج للعالم..إخوان ويب للتواصل مع صناع الرأي الغربيين

ووظفت الجماعة هذا النوع من الإعلام وخاصة أنه بعيد عن الرقابة بقوة في الترويج لأفكارها لاجتذاب مزيد من الأتباع داخل مصر وخارجها، فعرضت آراءها في مختلف القضايا، وبثت مواقفها إزاء مختلف ظواهر الواقع السياسي ومتغيراته، وفقا لتقرير الموقع.

كما خصصت موقع إخوان ويب الناطق بالإنجليزية للتواصل مع صناع الرأي الغربيين حسبما ذكر خالد حمزة، رئيس تحرير الموقع، حين قال آنذاك "مهمة الموقع الأساسية هي سد الفجوة المعرفية بين الإخوان المسلمين والمثقفين الغربيين".

فيما كان موقع إخوان ويكي بمثابة مكتبة إلكترونية مصغرة يسهل الوصول من خلالها إلى سرديات الإخوان وكتابات مفكريهم، حيث عرضت الجماعة على الموقع آلاف المقالات التي تتضمن وجهة نظرها لتاريخها، والأحداث التي شاركت فيها أو تعتقد أنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بقضيتها الإسلامية أو السياسية.

كما أنشأت الجماعة المحظورة موقع إخوان بوك ليكون هدفه التعريف بالإسلام المعتدل وتوضيح من هى الجماعة، وماذا تريد، وذلك وفقا لما أعلنه المعزول محمد مرسي، حين كان عضو مجلس إرشاد الجماعة آنذاك.

واعتبر الخبراء أن هذا الموقع كان وسيلة دعاية متحكم فيها تعطي انطباعا بالانفتاح على آخر مستجدات العصر.

◄ استخدام مواقع التواصل خلال أحداث ما يسمى الربيع العربى

وبعد أن أثبتت الجماعة المحظورة نفسها على تلك المنظومة الرقمية، بدأت في التحرك مع بدء ما يسمى "أحداث الربيع العربي" وانتقاله إلى مصر، واندلاع ثورة 25 يناير 2011، إذ وظفت الجماعة وسائل الإعلام الرقمي في تحقيق مجموعة من الأهداف الأخرى التي تنوعت بحسب المرحلة التي عاشتها الجماعة.

واختطف الإخوان ثورة 25 يناير بواسطة منصاتهم الإلكترونية الإعلامية، إذ لوحظ أفول نجم صفحة "كلنا خالد سعيد" التي كان لها دور محوري في اندلاع الثورة، لصالح الصفحات والمواقع الإخوانية.

كما انضمت شبكة رصد الإخبارية الإلكترونية التي أطلقت في 24 يناير 2011 إلى هذه المواقع، أي قبل يوم واحد من الثورة.

وارتبطت شبكة رصد الإخبارية الإلكترونية بجماعة الإخوان رغم أنها لم تعرف نفسها رسميا بأنها ذراع إعلامي للجماعة.

ولعبت تلك الشبكة دورا كبيرا في الترويج لدور الإخوان في اندلاع الثورة، وفي حض الأتباع في مختلف أرجاء القاهرة على الخروج والمشاركة في المظاهرات خاصة بعدما أيقن الإخوان أن النظام في طريقه إلى السقوط.

ودفعت الأوضاع السياسية والإعلامية التي تلت ثورة 25 يناير الجماعة إلى تبني مشروعات جديدة، كان هدفها النهائي الترويج لها، وترويج لدعوتها داخل مصر وخارجها.

وفى 2011 أطلقت الجماعة حسابها على موقعي فيسبوك وتويتر، وبوابة الحرية والعدالة على شبكة الإنترنت باللغتين العربية والإنجليزية، وحساب حزب الحرية والعدالة على فيسبوك.

كما دشنت الجماعة مواقع لإخوان الأقاليم على موقع فيسبوك مثل "غربية أون لاين"، و"الشرقية أون لاين"، و"سويف أون لاين"، و"دقهلية أون لاين"، و"إخوان الإسماعيلية"، و"إخوان أون لاين البحيرة"، و"إخوان أون لاين كفر الشيخ"، وغيرها.

كما استخدمت الجماعة الإرهابية أذرعها الإلكترونية فى دعم المعزول محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2012.

وكوّنت الجماعة مليشيات إلكترونية ولجان إلكترونية نشطت بشكل كبير خلال مرحلة الإعادة بين مرسي وأحمد شفيق، وسعت إلى نشر عبارات في المجتمع تساعد في نجاح مرسي من قبيل، "أنا مش إخوان بس بحترمهم"، و"أنا بكره الإخوان المسلمين ولكن بدعم محمد مرسي عشان أخلص من شفيق".

وزاد نشاط تلك اللجان خلال فترة حكم مرسى ولعب أعضاؤها دورا كبيرا في الدفاع سواء عن مرسي أو الجماعة في المنتديات والحوارات على الشبكات الاجتماعية، أو الهجوم على الخصوم بشدة على كل من خلافها الرأي.

كما لعبت مواقع الإعلام الإلكترونية دورا مهمًا أثناء المواقف الصعبة التي مر بها مرسي، مثل ما قامت به شبكة رصد قبل الاستفتاء على الدستور المصري الجديد وأثناءه وبعده، حيث حشدت الشبكة التأييد لصالح مشروع الدستور الذي تم تمريره في نهاية المطاف بأغلبية شعبية لكن دون إجماع مجتمعي.

وعقب ثورة الشعب المصرى على الجماعة الإرهابية، وإغلاق وسائل إعلامها التقليدية، اعتمدت الجماعة على آلتها الإعلامية الرقمية في مواجهة الجيش، إذ استخدمت العشرات من الصفحات الإلكترونية لإدانته وإلقاء الضوء على أجندته، وفي الدعوة إلى العصيان المدني، وحشد الأعضاء والأتباع لمواجهة السلطات، بالإضافة إلى شن حملات إلكترونية ضد عناصر الجيش والشرطة.

كما لجأت المحظورة إلى أذرعها الإعلامية في الغرب، والتي تمتلك خبرة كبيرة في مجال الإعلام الرقمي، في محاولة الدفاع عن الجماعة وتحسين صورتها من ناحية، والتحريض على النظام المصري من ناحية ثانية، مستغلة في ذلك مناخ الانفتاح والحريات في العديد من الدول الأوروبية في الترويج لنفسها، باعتبارها جماعة معتدلة تؤمن بالديموقراطية والحريات العامة، لكن مع ذلك فإن استراتيجيتها هذه بدأت في الانكشاف خلال الفترة الأخيرة، بعدما أدركت العديد من الدول الأوروبية موقفها المعادي للدولة الوطنية الحديثة وقيم التسامح والتعايش.

وتعد جماعة الإخوان المسلمين هي مصدر كل أشكال الفكر المتطرف الذي اعتنقته الجماعات الأخرى، ومن الضروري تبني استراتيجية تواجه هذا الانتشار الإلكتروني للجماعة ووقف توظيفها في نشر التطرف عبر العالم.