رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أوهام الإخوان».. قصة خذلان أمريكا للجماعة الإرهابية على مدار 80 عامًا

جماعة الأخوان
جماعة الأخوان

تستمر عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي في تصدير أن نتائج الانتخابات الأمريكية ستمنحها قُبلة الحياة التي تعيدها للمشهد المصري من جديد في حلقة جديدة من مسلسل الرهان على جدوى الاستقواء بالخارج فى وجه الدولة الوطنية، وربما حقق ذلك الرهان مكاسب مرحلية لصالح التنظيم، في فترات سابقة كانت الدولة فيها فى أضعف حالاتها، مثل فترة ما بعد ثورة 1952 وثورة يناير 2011، ولكن مع استعادة الدولة المصرية مؤسساتها وقدراتها كاملة، وقضاء ثورة 30 يونيو على قواعد الجماعة أصبحت حلامهم إلى سراب وأوهام.

ولعل أبرز أسباب هذا الاتجاه داخل التنظيم ما نالته جماعة الإخوان من دعم كبير عبر إدارة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، كباقي تنطيمات الإسلام السياسي خلال تلك الفترة وكشفت تسلسل الأحداث أن التنسيق بين مكتب الإرشاد والخارجية الأمريكية انطوى على توظيف هيكلى لمراكز وأفرع التنظيم فى العديد من دول انتشاره، وقد جاء ذاك التوظيف كنتاج للرغبة الأمريكية فى جر التيارات العنيفة إلى مربع العمل السياسى بديلًا للممارسات الإرهابية، مع ضمانة تصدر تنظيم الإخوان لهذا المسار باعتباره القوة التى يمكن السيطرة عليها، ولأنها داومت على الحديث عن كونها الممثل الأقرب للإسلام الوسطى بين عدة اتجاهات أكثر خطورة.

كانت بداية التعاون الأمريكي الإخواني في الأربعينيات، حينما التقى مؤسس التنظيم "حسن البنا" مع السكرتير الأول للسفارة الأمريكية في القاهرة آنذاك "فيليب أيرلائد"، وجرى الاتفاق على التعاون بين الطرفين لمواجهة الفكر الشيوعى وكانت آلية التعاون التى اقترحها "أيرلاند" خلال الاجتماع "برجالكم ومعلوماتكم ونحن بمعلوماتنا وأموالنا"، وهو أمر رحب به البنا، ووثق هذا اللقاء القيادى الإخوانى وسكرتير البنا "محمود عساف" فى كتابه "مع الإمام الشهيد حسن البنا"، والذى أفرد فيه فصلًا كاملًا للحديث عن ذلك بعنوان "سكرتير السفارة الأمريكية".

ففي مطلع الخمسينيات، كشف عميل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في القاهرة "مايلز كوبلاند"، في كتابه "لعبة الأمم"، أنه تلقى أوامر من مدير الوكالة "ألجن دولز" بإيجاد وسيلة للإطاحة بسياسات الرئيس الراحل جمال عبدالناصر المناهضة للولايات المتحدة، وقامت الخطة على إيجاد شخصية دينية- واعظ إسلامي- مؤثرة فى الشارع المصرى، وتواصل "كوبلاند" مع قيادات الإخوان وقتها فاتحًا بوابة جديدة لإحياء علاقة واشنطن بالتنظيم، ومن أبرز هؤلاء القيادات: مرشد الإخوان الثانى "حسن الهضيبي" الذى كان اختياره بالتوافق بين الاستخبارات الأمريكية والإخوان والملك فاروق.

وحرصت الولايات المتحدة على توطيد روابط الإخوان بها وتوسيع الملفات المشتركة، فانتظمت اللقاءات بين السفير الأمريكي "جيفرسون كافرى"، والعديد من قيادات الجماعة وعلى رأسهم المرشد الهضيبى والشيخ الباقورى ومحمود مخلوف، وتوسعت دائرة التعاون من مواجهة الفكر الشيوعى لتشمل تقويض الجمهورية.

وفي العام 1953، رشح القيادى الإخوانى وصهر حسن البنا "سعيد رمضان" للمشاركة بمؤتمر دعائى سرى من التنظيم بجامعة برنستون للدراسات الإسلامية، كان يستهدف الترويج لأجندة معادية للشيوعية فى الدول ذات الأغلبية المسلمة حديثة الاستقلال وجاءت مشاركته بالمؤتمر أخذًا بنصيحة المؤرخ اليهودى "برنارد لويس" صاحب خرائط تقسيم وتفتيت المنطقة والمشرق العربى.

بينما في فترة حكم الرئيس الأسبق الراحل حسني مبارك، تجنب الأمريكان الاتصال المباشر بالجماعة؛ خوفًا على مصالحهم في المنطقة وعلى رأسها اتفاقية السلام مع إسرائيل، واكتفى الأمريكان الحريصون على عدم إغضاب حليفهم المخلص مبارك بالاتصال بأعضاء الجماعة بصفتهم أعضاء برلمان أو رؤساء نقابات مهنية وليس بصفتهم أعضاء فى جماعة محظورة، وعاد الرهان الأمريكى على جماعة الإخوان مرة أخرى مع دخول الألفية الجديدة وتحديدًا مع صعود الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وتمكنت الجماعة من الوصول إلى سدة الحكم في مصر عام 2012 بعد 25 يناير 2011 والتى استغلها الإخوان لتنفيذ مخططاتهم.

كان عصر أوباما هو الذهبي لجماعة الإخوان، لكنها لم تستطع أن تحقق جميع طموحاتها في عهده، حتى جاء ترامب وخذل الجماعة الإرهابية، وهذا ما يُفسر دعم التنظيم الإرهابي لبايدن في الانتخابات الأمريكية، وصدور بيان فور فوزه مطالبين إياه بحماية الديمقراطية ومراجعة السياسات الأمريكية.