الملتقى العالمي الصوفي يناقش «الحاجة الى حكامة روحية وأخلاقية»
تواصلت جلسات الملتقى العالمي للتصوف، الذي تنظمه مؤسسة الملتقى، والطريقة القادرية البودشيشية ومشيختها، بالشراكة مع المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، بعقد الجلسة العلمية الثالثة تحت عنوان "في الحاجة إلى حكامة روحية وأخلاقية لتدبير الأزمات.
ترأَّس الجلسة الدكتور خالد ميارة الادريسي، رئيس المركز المغربي للدراسات الدولية والمستقبلية، وقد استهلت بمداخلة للدكتور إسماعيل راضي، عميد كلية العلوم بوجدة ورئيس مركز الامام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية- تحت عنوان: " تدبير الازمة وأزمة التدبير"، أكد فيها أن الازمات قانون كوني سرمدي يتضمن حِكَما متعددة تستوجب اللجوء والتضرّع إلى الله تعالى لأن الفرار الى الله وقت الأزمة أساس التفاعل والتواصل الروحي مع الخالق سبحانه وتعالى.
ثم تناول الكلمة الدكتور ماجد الدرويدش، أستاذ الحديث النبوي الشريف في جامعة الجنان، وأستاذ التاريخ الوسيط في الجامعة اللبنانية بطرابلس، حول موضوع: "قيم الحكامة بين الحضارة والتجارة"، حيث قدم نقدا علميا لمفهوم الحكامة لقصوره وضيق معناه، واعتماده على النفعية المتوحشة، كما نبَّه الباحث من خلالها إلى أن المعنى الحقيقي للحكامة في الإسلام يعتمد على الإخلاص والاتقان وقصد وجه الله تعالى في الاعمال كلها، وأورد كذلك التطور التاريخي للطب في الاسلام والذي مكَّن من وضع أسس التغلّب على الازمات الصحية بالاعتماد على مبدأ الاخلاق من إخلاص وطلب وجه الله
وتضمنت المداخلة الثالثة للدكتور بلقاسم الجطاري، منسق مسلك الدراسات الأمازيغية بجامعة وجدة، والتي جاءت تحت عنوان: "التصوف والتدبير الحكيم لمنظومة القيم في المجتمع"، مقاربة تحليلية نقدية لأنماط التحلل والانفلات الأخلاقي المعاصر، كما أبرز الضرورة الحتمية لعلم التصوف للخروج من هذه الأزمة لاستعادة كرامة الإنسان وتمكين الشعوب من التعايش والتسامح لتصحيح المسار الحضاري للإنسانية
أما المداخلة الرابعة فقد كانت للدكتور طارق العلمي، الباحث بمركز الإمام الجنيد للدراسات والأبحاث الصوفية المتخصصة بوجدة، بيَّن فيها سعيه إلى اعتبار التصوف مقوِّما ومصحِّحا لمسار المجتمع لحمله على التأقلم مع مقتضيات الشريعة الإسلامية باعتماد آليات تربوية بعيدة عن التسييس وداعية الى التخليق وتصحيح الاخلاق وتقويم السلوك، كما أشار إلى أن الولاية الصوفية بالمغرب نحتت معالم شخصيتها الخاصة بما يتوافق ومجالها الخاص.
بعد ذلك تناولت الكلمة الدكتورة أسماء المصمودي، أستاذة باحثة بالرابطة المحمدية للعلماء بالرباط، حول موضوع: "دور الزاوية في تحقيق الحكامة التربوية: القادرية البودشيشية نموذجا"، والتي تناولت دور الزاوية القادرية البودشيشية في تحقيق الحكامة التربوية، مبرزة تفرد المنهج التربوي لشيوخها المبني على مبدأ التعرف الروحي والتفقّه في أمور الدين والسَّيْر والسلوك إلى الله، وسلّطت الضوء على الدور المهم الذي تقوم به الزاوية في التربية على المواطنة الصالحة من خلال ترسيخ الثوابت الدينية للمملكة المغربية الشريفة.
وكان آخر عروض هذه الجلسة للدكتور مرتضي بوسو، وهو قاضي شرعي في المحكمة السنغالية، بعنوان "دور الزعامة الروحية الرشيدة في مواجهة أزمات كوفيد 19: الخلافة العامة للمريدية نموذجا"، والذي تطرّق الى دور الزعامة الروحية في مواجهة أزمة كورنا المستجد، مبرزا نماذج من العطاء والتكافل والتضامن الاجتماعي للطريقة المريدية بالسنغال، إضافة الى السهر على رعاية الفقراء والمحتاجين ودعوة مريديها والناس كافة الى الالتزام بمبادئ الحجر الصحي وهي صورة عملية لروح المسؤولية لدى الطرق الصوفية عامة