محمد فايق: القومي لحقوق الإنسان منشغل بملف الإعلام
قال محمد فايق رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن تنظيم المجلس لأعمال ندوة "حقوق الإنسان والممارسات الإعلامية الهدّامة"، في وقت لا يكف الإعلام فيه عن توسيع مدى تأثيره في شتى المجالات الحيوية على المستويات الدولية والإقليمية والمحلية، ولا يتوقف عن طرح فرص وتحديات جديدة يومًا بعد يوم، وبموازاة هذا التأثير الذي نشهده جميعًا ونعاين تداعياته على الواقعين الحقيقي والافتراضي، تظهر مخاطر حقيقية تفرض على المجتمعات والدول الرشيدة ضرورة رصدها وتحليلها وفهم أبعادها من أجل التصدي لها وتحجيم أثرها.
وأضاف فايق، خلال كملته فى الندوة التى ينظمها المجلس بأحد الفنادق، إنه من أجل ذلك ظل المجلس القومي لحقوق الإنسان منشغلًا بملف الإعلام، ليس فقط بسبب تقاطعه الواضح مع إطار حقوق الإنسان، ولكن أيضًا لأن الحالة الإعلامية الشفافة والمهنية تعد مكونًا رئيسيًا لمقومات الدول والمجتمعات القادرة على النهوض والاستدامة وتحقيق النمو والازدهار.
وأشار إلى أن من أجل ذلك دعا المجلس هذه النخبة المميزة على الصعيدين المهني والأكاديمي، وطلب إعداد عدد من أوراق العمل التي تعالج محاور محددة في موضوع الندوة، وبفضل جهودكم خلال أعمال هذه الندوة، سنتمكن جميعًا من تعزيز رؤيتنا للمجال الإعلامي الوطني، فيما يتعلق بقدرته على تحجيم الممارسات الهدّامة، ورصد التحديات التي تواجهه، وإيجاد السبل اللازمة لتحجيم أثرها السلبي.
وتابع "تُعقد هذه الندوة في ظل ظروف دقيقة تعرفونها جميعًا، وبالطبع، فإن تحدي "كوفيد 19" يأتي في مقدمة هذه الظروف، لأن جائحة "كورونا" لم تكتف بإلقاء الظلال القاتمة على المجالات الصحية والاقتصادية والاجتماعية فقط، لكن للأسف فإن أثرها امتد ليشمل مجال الإعلام، بل إن هذا الأثر تضاعف حين وصل إلى المجال الإعلامي، بسبب اتصال هذا الأخير بالمجالات كافة، ومسؤوليته الكبيرة عن تكوين الوعي وتشكيل الرأي العام"، مضيفا لم يكن وباء كورونا هو الوباء الوحيد الذي ضرب العالم في الشهور الأخيرة، لكن بموازاة هذا الوباء ظهر للأسف الشديد وباء جديد، وقد أطلقت بعض الدول والمؤسسات الدولية المرموقة، ومنها الأمم المتحدة، على هذا الوباء لقب "وباء معلوماتي" Infodemic.
وأضاف أنه يبدو إذن أن العالم يواجه في هذه الأوقات جائحتين إحداهما جائحة مرضية وثانيتهما جائحة معلوماتية، وما يثير الدهشة حقًا، ويعزز أهمية ندوتنا هذه وغيرها من الفعاليات المماثلة، أن مسؤولين تنفيذيين كبارًا في أكثر من دولة أكدوا أن الخسائر البشرية والمادية التي منيت بها دولهم جراء هذا الوباء المعلوماتي كانت لا تقل عن تلك التي تكبدتها بسبب جائحة كورونا.
وأكد فايق أنه تغير المجال الإعلامي العالمي والإقليمي والوطني تغيرًا فارقًا في العقدين الأخيرين، وهو تغير أثمر فرصًا ومزايًا كبيرة، وعزز الأنشطة الإنسانية، وخدم قضايا التنمية وحقوق الإنسان، لكن في المقابل فإن هذا التطور، وعبر مزاوجة فريدة بين ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصال وآليات الذكاء الاصطناعي فرض علينا تحديات خطيرة، وخلق ما يمكن تشبيهه بواقع جديد، وهو واقع زادت درجة التزييف والتضليل والاصطناع فيه.
وأشار إلى أنه تظل قدرة الدولة على صيانة مجال الحريات العامة بوصفها مجالًا جوهريًا ضمن مجالات حقوق الإنسان مسؤولية والتزامًا ضروريين، وتظل أيضًا قدرتها على صيانة أمنها القومي التزامًا أساسيًا بوصفه وظيفتها الأولى، وهو الأمر الذي يفرض تحديات كبيرة أهمها إيجاد هذا التوازن المطلوب بين حرية الرأي والتعبير من جهة وحماية الأمن القومي والسلام الاجتماعي من جهة أخرى.
واكد ان هذا التوازن المطلوب الوصول إليه يُعد انشغالًا رئيسيًا ضمن انشغالات المجلس القومي الإنسان، وقد سعى المجلس عبر لجانه المختلفة وآليات عمله المتنوعة، إلى معالجة تلك القضايا، من خلال عدد من المشروعات والتقارير والأنشطة الميدانية.
وستناقش هذه الندوة، عبر أوراق علمية قام بإعدادها نخبة من أبرز الباحثين المعنيين بهذا المجال، ومن خلال تعقيبات لمهنيين وأكاديميين متخصصين، عددًا من القضايا المتعلقة بهذه التطورات، بما يعزز فهم هذا الواقع الجديد، ويطرح حلولًا ومقاربات علمية للتعامل معه.
واختتم قائلا لقد أمضيت كل سنوات عمري مدافعًا عن قضايا حقوق الإنسان، وفي القلب منها حرية الرأي والتعبير، لما لها من أثر بالغ على شتى مجالات العمل الوطني والإنساني، وفي المقابل، فقد عرفت المجال الإعلامي عن قرب، وشرفت بحمل حقيبة الإعلام في أوقات حرجة وخطيرة من عمر الوطن، لذلك أجدني معنيًا بشكل مباشر بكافة التطورات التي تؤثر في هذين المجالين.
إن تلك التجربة الطويلة علمتني أن الإخلاص لمبدأ حرية الرأي والتعبير، وما يستتبعه من إيجاد بيئة إعلامية منفتحة وشفافة، يعد ضمانة رئيسية من ضمانات حقوق الإنسان وأمن الوطن، وفي المقابل، فإن هناك ضرورة للعمل على الحد من التأثيرات الضارة للجوائح المعلوماتية، خصوصًا في ظل هذا الازدهار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي، وما باتت تطرحه علينا من مزايا وفرص ومخاطر.
ومع تعدد أنماط الاستخدام المسيء للمجال الإعلامي، وازدهار آليات التزييف والذكاء الاصطناعي التي تُستخدم في إشاعة الأخبار الزائفة والتضليل واستهداف الوعي الجمعي والسلام الاجتماعي وتقويض الثقة في المؤسسات العامة.