اعترافات قادة إسرائيل عن حرب أكتوبر وكيف حطمت نظرية أمنها
في كتابه "٦ أكتوبر في الإستراتيجية العالمية" يشير الدكتور جمال حمدان٬ إلي أن المواجهات العسكرية تعددت بين العرب وإسرائيل دون أن تكون أي منها نقطة تحول جذري٬ أما نتائجها الميدانية كانت تسير في إتجاه واحد رتيب٬ يتفق تماما مع موازين القوي العالمية السائدة.
وجاءت حرب أكتوبر وحدها لتقلب نظام التوازنات المحلية ونتائج الصراع الميداني٬ ليس فقط لأول مرة في تاريخ الصراع ولكن أيضا لأول مرة في ظل الوفاق الدولي الجديد ومناخه. ومن هنا جاءت المعركة أول اختبار قوة حقيقي للعدو المباشر ومعسكره.
ويوضح "حمدان": في هذه المعركة الفاصلة نالت إسرائيل صدمة كهربائية إن لم تكن صاعقة مدمرة بصورة مباشرة٬ فأنها بآثارها غير المباشرة والبعيدة المدي قد ألقت ظلالا كثيفة علي بنائها التحتي والقومي علي السواء٬ وسلطت ذبذبات عميقة ومخلخلة علي صميم كيانها وعلي جذور هيكلها المادي والإيديولوجي جميعا.
وبصفة محددة فإن هذه الإهتزازات استقطبت في نظرية أمنها المقولة بكل معطياتها فرضياتها وإدعاءاتها المزعومة٬ وكانت نتيجتها الصافية في فشل وإفلاس بل وإنهيار هذه النظرية ومعها فلسفة الردع.
فقد أثبتت المعركة أن الأمن ليس بالأرض٬ وأن الأرض ليست بالقوة٬ وأن القوة ليست بالسلاح٬ وأن السلاح لا يفرض السلام٬ كما أن السلام لا يفرض. ولما كان دور الجيش في الوجود الإسرائيلي هو ما رأينا٬ وكانت نظرية الأمن عنده تغني فيمكننا أن ندرك أي ضربة قاصمة تلقتها إسرائيل في صميم عمودها الفقري وجهازها العصبي المركزي بل وأحسبها كيانها كله.
ولتأكيد نظريته يضمن "حمدان" بعض من شهادات واعترافات قاطعة من العدو نفسه٬ ومنها شهادة "يوئيل ماركوس٬ وفيها يقول: لقدأصيبت ثقة الجمهور بضربة قوية حين بدأ يتضح لنا أن نظرية سياسية كاملة متعلقة بالأمن قد أنهارت.
ويقول بنيامين كادر الأستاذ بالجامعة العبرية في رسالة إلي جولدا مائير: كانت أياما صعبة لأن نظريات أساسية قد أنهارت خلالها٬ ولأن بديهيات قد تحطمت عشيتها٬ ولأن أساطير كثيرة قد انتهت بعدها.
ويقول شبتاي تيفت: كانت قوة الردع هي القيمة العليا في مفهوم أمن إسرائيل وكانت جوهره٬ ولكن ثبت أنه كلما قويت ضربات جيشنا٬ كلما قوي في قلوب العبر الإصرار علي تنمية قوتهم ومجابهتنا من جديد.
هذا بينما حذر آمنون روبنشتاين قائلا: لقد أثبتت حرب أكتوبر أن علينا أن نفهم أن لقوتنا حدودا٬ وأن نحسب قوة الآخرين ومشاعرهم٬ ومن يقترح علينا غير ذلك فهو يقترح علي إسرائيل مصيرا أسود.