ننشر حيثيات محكمة النقض بتغريم حبيب العادلى 500 جنيه
أودعت محكمة النقض حيثيات حكمها النهائي والبات برفض طعن النيابة على براءة العادلي والغرامة الموقعة عليه، وكذا رفضت طعن باقي المتهمين فى القضية على حكم تغريمهم وقضت بتأييد براءة وزير الداخلية السابق اللواء حبيب العادلي وتغريمه مبلغ 500 جنيه، فى اتهامه بالاستيلاء على أكثر من 2 مليار جنيه من أموال وزارة الداخلية.
وجاء في حيثيات الحكم الصادر من محكمة النقض أنه من حيث إن الطعن استوفي الشكل المقرر في القانون ومن حيث إن الطاعنين ينعون- بمذكرات أسبابهم- على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة التسبب بإهمالهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعملون بها "وزارة الداخلية" قد شابه قصور وتناقض في التسبيب، وفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع، وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه صيغ في عبارات مجملة شابها الغموض والإبهام وخلت من بیان واقعة الدعوى بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دانهم بها.
ولم يورد مؤدی الأدلة التي تساند إليها في إدانتهم، ولم يستظهر ركن الخطأ في جانبهم والإهمال المنسوب إليهم ملتفة عن الدفع بانتفائه في حقهم، ولم يبين كيفية صرف المبالغ موضوع الدعوى في غير الأغراض القانونية، وأحال في بيان أقوال الشهود من الثاني حتى الخامس إلى مضمون ما شهد به الشاهد الأول رغم ما بين أقوالهم من خلاف، ودانهم الحكم رغم خلو الأوراق من دليل بالمبني على وقوع خطأ أو إهمال من جانبهم، ولم يلتفت إلى دفنهم بحجية الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر من السيد قاضي التحقيق بشأن ضباط سابقين قاموا به رفف حوافر ومکافآت بأمر من المحكوم عليه الأول، وأطرح بما لا يسوغ دفعهم بتوافر سبب إباحة في حقهم لاعتقادهم بمشروعية صرف هذه المبالغ، وأن ما قاموا به، كان نفاذا لأوامر رؤسائهم، فضلا عن جهلهم بالقوانين المالية ومنها الموازنة العامة للدولة وقانون المحاسبات الحكومية، واعتنق الحكم صورتين متناقضتين لواقعة الدعوى، وتساند في إدانتهم إلى تقرير لجنة الخبراء المشكلة بقرار قاضي التحقيق، وكذا تقرير لجنة الخبراء المشكلة بقرار من المحكمة رغم ما بينهما من تعارض لم يعن برفعه.
كما تساند إلى تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات رغم عدم اعتراضه على صرف هذا الحافز في الفترة من عام ۲۰۰۰ حتی ۲۰۱۰، وقام دفاع الطاعنين على بطلان أمر الإحالة والتحقيقات التي أجراها قاضی التحقيق لتجاوزه قرار الندب، وكذا بطلان استجوابهم بهذه التحقيقات، لعدم حضور محام بالمخالفة لنص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية، وخلو الأوراق من الاختصاص الوظيفي للمتهمين، وانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في بعض الوقائع التي شملتها سنوات الفحص، وبطلان أقوال شهود الإثبات من الثاني حتى الخامس، إلا أن الحكم المطعون فيه طرح بعض هذه الدفوع برد قاصر، والتفت بالكلية عن البعض الآخر، ولم تجر المحكمة تحقيقا لاستجلاء الحقيقة بشأنها، وعاقبت المحكمة الطاعنين عن واقعة مختلفة عن الواقعة الواردة بأمر الإحالة بالمخالفة للمادة ۳۰۷ من قانون الإجراءات الجنائية، ونسبت لهم الجنحة المؤثمة بالمادة ۱۱۹ (أ) مكررة من قانون العقوبات رغم عدم رفع الدعوى الجنائية من قبل النائب العام أو المحامي العام بالمخالفة لنص المادة 8 مكررة من قانون الإجراءات الجنائية، وأخيرا فإن الواقعة لا تعدو أن تكون مخالفة إدارية، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه شأنها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض مشكلة الأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي.
وأضافت المحكمة في حيثياتها أنه لما كان ذلك الخطأ الفاحش من الطاعنين في إهدار مبلغ مليار ومائة وثلاثة وثلاثين مليون وستمائة وخمسة وأربعين ألف وثلاثمائة وأربعين جنيها من أموال وزارة الداخلية، فإن هذا الذي أورده الحكم سائغ ويستقیم به قضاؤه وتندفع به دعوى القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وأن القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جريمة التسبب بإهمال في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها الموظف العام طريقا خاصا، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع حكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
وأوضحت المحكمة في حيثياتها أنه لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه وخلافا لما يذهب إليه الطاعن في أسباب طعنه قد أورد مضمون اعتراف الطاعن والمتهمين الذين عول عليهما في قضائه بما تتوافر به أركان الجريمتين اللتين دانه بهما، فإن هذا حسبه كيدا يتم تدليله ويستقیم قضاؤه، ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص الاعتراف کاملا بكامل فحواه، ومن ثم ينتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى.
وأضافت المحكمة في حيثياتها أنه لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل أو الخطأ فيه لا يضيع أثره مادام له أصل ثابت بالأوراق، ولما كان الطاعن لا ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد فيما حصله من إقرار الطاعن والمتهم الرابع، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سدید.