أسرار «السرايا الصفراء».. من أنشأ أول مستشفى مجانين فى مصر؟
السرايا الصفراء أو مستشفى العباسية للصحة النفسية، ربما يتغير الأسم لكن يظل المكان واحدًا، وهو مستشفى الأمراض العقلية بحي العباسية أحد أحياء القاهرة، وهو الحي والمكان ذو التاريخ الطويل، وأصبح اسم الحي مرتبط بالمستشفى، والعكس صحيح.
تعود البداية إلى تسمية حي العباسية، والذي شهد موقعة الريدانية، التي وقعت أحداثها عام 1517 بين جيش المماليك والعثمانيين، والتي انتهَت بانتصار العثمانيين وهزيمة المماليك بقيادة السلطان طومان باى.
الريدانية أو العباسية كانت صحراء جرداء باسم «الريدانية»، نسبةً إلى «ريدان الصقلي»، أحد أفراد حاشية الخليفة الفاطمي، العزيز بالله، وبعد هزيمة المماليك فيها ودخول العثمانيين منها للقاهرة، أًهملت هذه المنطقة، ثُم تغير اسمها إلى «الحصوة»، حتى أعاد اكتشافها «عباس الأول» ثالث حكام أسرة محمد على.
وضع أساس الحي، عباس حلمي الأول باشا، والي مصر الذي تولى الحكم بعد وفاة الوالي الثاني إبراهيم باشا في عام 1848، واستمر واليًا على مصر حتى عام 1854، فقد قررَ عباس الأول تشييد ثكنات عسكرية للجيش المصري على حافة الصحراء، ووضعَ أسس حي العباسية وشجع الناس على تعمير هذه المنطقة عن طريق منح الأراضي وتشييد مستشفى ومدرسة وقصر، كانَ عباس يميل للعزلة واختار أن يبني قصوره في المناطق الهادئة، فقام ببناء قصرًا ضخمًا في العباسية، ولذلك سمي حي العباسية بهذا الاسم.
وامتدت حركة العمران فيما بعد في زوايا الحي، فشهدت العباسية إنشاء المستشفى اليوناني، والمستشفى الإيطالي، ثُم توالى بناء المستشفيات بها، فأمام مستشفى الأمراض العقلية أقيم مستشفى الحميات، وجنوبًا أقيم المستشفى الإيطالي (أمبرتو الأول)، ثم المستشفى اليوناني بجواره، ثم المستشفى الإسرائيلى فى غمرة، ثم المستشفى القبطي، ثم المستشفى الفرنساوي، الذي أصبح مستشفى مصر للطيران.
وفي عهد الخديوي إسماعيل كان حي العباسية، على موعد مع إنشاء مستشفى المجاذيب، كما أطلق عليها في ذلك الوقت في عهد الخديوي إسماعيل، والذي تولى حكم مصر في الفترة ما بين 1863، وحتى العام 1879، حينما تم عزله من الحكم.
أنشئت المستشفى في عام 1882، جزء من السراي (الصفراء) التى أقامها الخديو إسماعيل؛ وذلك لأن تلكَ المنطقة كانت تتميز بهواء صحي نقي وجو هادئ للمرضى، وكانت تسمى وقتها «المريستان»، والتي يؤخذ منها لفظ «الموريستان»، ثُم احترقت هذه السراى، وأعاد بناءها الخديو توفيق، وعرفَت باسم «سراى المجاذيب»، وبعد نقلها إلى بولاق الدكرور احترقت بالكامل، وبعد إعادة ترميمها تم دهنها باللون الأصفر، وتزال المستشفى حتى الآن بحي العباسية حيث تبلغ مساحتها الحالية 68 فدانًا.