رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبير التخطيط العمرانى محمد جبر: التعديات طالت كل شىء حتى الأرصفة

مخالفات البناء
مخالفات البناء


قال الدكتور محمد إبراهيم جبر، أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة عين شمس، إن الأبنية المخالفة التى أقيمت على مدار سنوات طويلة ماضية خلقت شكلًا عشوائيًا للعمران فى مصر، ما عكس صورة سلبية لنا أمام العالم.
وشدد «إبراهيم»، فى حواره مع «الدستور»، على أنه لم يحاول أى رئيس فى مصر التصدى لظاهرة البناء المخالف بصرامة وقوة، مثلما يفعل الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى خطوة تحقق للدولة المصرية هيبتها.
■ بدايةً.. كيف ترى ظاهرة البناء المخالف بصفة عامة؟
- البناء المخالف على أراضى الدولة كارثة على البلاد، وجريمة تتم بالخروج عن ضوابط وشروط العمرانية والمعمارية، وغالبية حالاته وقعت منذ فترة زمنية طويلة، ويقف وراءه تاريخ أسهمت فيه أحداث كثيرة، مثلما حدث فى ٢٥ يناير ٢٠١١، والانفلات الأمنى الذى صاحبه.
وحتى فى فترة ما قبل ٢٥ يناير، كان المواطنون يتحايلون على القانون، ويخرجون عن إطار الشرعية فى البناء والعمران، لذلك تطلبت هذه الظاهرة «وقفة حاسمة»، لأنها تسببت فى انهيار الرقعة الزراعية وتضاؤلها بصورة كبيرة، وطالت كل شىء حتى أصبحت التعديات تحدث على أرصفة المشاة، لدرجة تجعلنى أقول إن المخالفة أصبحت «ثقافة» لدى المصريين.
■ ما الطرق المناسبة لمواجهة هذه الظاهرة؟
- لم يحاول أى رئيس مصرى التصدى لهذه الظاهرة بصرامة وقوة مثلما فعل الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى خطوة مهمة جدًا، بعدما وصلت المخالفات إلى حدود لا يمكن السكوت عنها، وأصبحنا نشاهد ارتفاعات بنائية غير مسبوقة.
التعدى على حقوق الدولة أمر يستلزم وقفة لمكافحته، والرئيس السيسى يفعل ذلك، بما يؤكد لمن تسوّل له نفسه التعدى على أراضى الدولة بأن هناك ردعًا قويًا سيتعرض له، وذلك كان مطلبًا رئيسيًا منذ سنوات عديدة، لأن صورة العمران تعكس ثقافة المجتمع.
■ هل هذا يعنى أن صورة المجتمع تشوّهت بفعل مخالفات البناء؟
- الأبنية المخالفة التى أقيمت على مدار سنوات طويلة ماضية خلقت شكلًا عشوائيًا للعمران، ما عكس صورة سلبية لمجتمعنا وبلدنا أمام العالم، لذلك أوافق الرئيس فى قراراته لمكافحة هذه الظاهرة، بهدف تنمية الدولة بشكل صحيح.
■ ماذا عن قانون التصالح فى مخالفات البناء ودوره فى حل الأزمة؟
- قانون التصالح له العديد من الإيجابيات، ويسهم فى تصحيح المسار، لأن من اعتادوا المخالفة سيترقبون ويتوخون الحذر قبل ارتكاب أى خطأ، وسيبدأون فى مراجعة أفكارهم، لأن كثيرين كانوا يعتقدون أنه يمكنهم الهروب على المدى البعيد.
ففى أدبيات علم الاجتماع الإنسانى يُقال: «الإنسان كائن فاعل»، وما دام هو كذلك، فهو يتحرك من خلال رغباته والأهداف الخاصة به، ووضعه فى مواجهة مع نفسه وفى سياق من الشدة وتطبيق القانون، سيجعله يفكر ويعيد ترتيب أولوياته ويراجع أهدافه وطموحاته ومدى موضوعية تحقيقها، لذلك مواجهة الدولة البناء المخالف ستقضى على الظاهرة.
■ هل هناك أى سلبيات فى القانون؟
- الوجه السلبى أو الذى آخذه على الدولة فى هذا القانون هو قصر المدة الخاصة بالتصالح مع المواطنين، لأنها ليست كافية، خاصةً مع وجود نحو ٢٠ مليون مخالفة فى مختلف أنحاء الجمهورية، لذا أعتقد أن الدولة بحاجة ملحة لمد فترة التصالح، أو فتح الباب بعد غلقه، ولكن يجب على الناس أن تعى أن هذه المخالفات «اغتيال للحق العام».
■ كيف تقيّم خطوة إزالة المبانى المخالفة؟
- خطوة صحيحة جدًا، لأن المخالفين لا يريدون أن يرتدعوا، ولم تشغل بالهم فكرة التصالح منذ طرحها، كما أن البناء المخالف يؤثر على كل شىء، فعلى سبيل المثال مدينة نصر تم تخطيطها على نظام أرضى و٤ أدوار، لكن إذا تحركنا الآن فى شوارعها فسنجدها محاطة بارتفاعات ما بين ١٠ و١٢ دورًا، وهذا يؤثر ويضغط بشدة على الخدمات والمرافق، سواء كانت خطوط التليفونات أو المياه، أو غيرما من الخدمات، والتى ضعفت للغاية.
■ ما الحالات التى يجب التصالح معها دون هدم؟
- كل المبانى السكنية التى تم إنشاؤها دون تراخيص، أو وقعت فى مخالفات تراخيص خلال بنائها، وكذلك المحال التى أقيمت دون رخصة، أو مخالفات تحويل النشاط السكنى إلى تجارى أو إدارى أو صناعى أو خدمى دون تراخيص.
ويشترط فى كل ذلك سلامة المنشأة، وفقًا لتقارير الاستشارى والأوراق التى يتم تقديمها للمحافظة، حيث يتم التقدم للتصالح، وتحديد القيم السعرية من خلال لجان يتم تشكيلها، وفقًا لما حدده قانون التصالح، مع وقف التعامل مع المبانى المخالفة التى تقدم أصحابها بأوراقهم، حتى يتم الفصل فيها وتحديد قيم التصالح على المبنى.
■ ما رأيك فى قرار وقف البناء فى الوقت الحالى؟
- قرار وقف تراخيص البناء لمدة ٦ أشهر فى ظل الظروف الراهنة «صائب جدًا»، وتم اتخاذه نتيجة النمو العشوائى ومخالفات البناء التى وصلت إلى ٦٠٪ من الثروة العقارية المصرية، وهى نسبة كارثية.
وبالتالى ستكون هناك مرحلة جديدة يتم خلالها الالتزام باللوائح والمعايير الحاكمة للأطر العمرانية، لأن المخالفة لها وجهان، الأول نوع من أنواع الابتزاز من المخالف تجاه الدولة، وقصور فى الرؤى العمرانية، سواء فيما يتعلق بالمخططين أو المهندسين أو المعماريين.
والوجه الثانى يكمن فى مدى صحة ودقة الأطر العمرانية التى يعمل وفقًا لها المهندسون أو المعماريون أو المخططون، ومدى تناسب أوضاع الإنسان المصرى والبيئة معها، وهل تحتاج إلى نوع من أنواع المراجعات أم لا.