كشف شبكة جاسوسية بمصر.. قصص بطولية من حياة سمير الإسكندرانى
توفي الفنان سمير الإسكندرانى عن عمر يناهز 82 عامًا، بعد صراع مع المرض، تاركًا خلفه كنزًا من الأغاني والأعمال، فلم تتوقف مسيرته على حد الفن، ولكن قدم تضحيات وتاريخًا مشرفًا من أجل بلاده حتى لُقب بـ"ثعلب المخابرات"، وترصد "الدستور"المواقف البطولية للراحل سمير الإسكندراني.
- أسباب انجذاب إسرائيل لتجنيده
حاولت إسرائيل تجنيده نظرًا لثقافته المتحررة ودراسته بجامعات إيطالية وإتقانه العديد من اللغات، منها الإيطالية والإنجليزية والتشيكية وغيرها، إلى جانب أنه عمل كمذيع تليفزيوني بإيطاليا، ومغني، ورسام، الأمر الذي خدع الإسرائيليين وجعلهم يظنون أنه سيضحي ببلاده من أجل الأموال.
- الإسكندراني في مواجهة العميل سليم
روي الفنان الراحل سمير الإسكندراني في لقاء تليفزيوني عام 2018 أنه التقى بشخص يدعى "سليم" يكبره من العمر بنحو 15 عامًا، وكان "الإسكندراني" عمره في ذلك الوقت 25 عامًا لتثير شخصية "سليم " شكوكه قائلًا: كان بيصرف في السهرة نحو 300 جنيه في السهرة والمنحة كانت بتدينى 40 جنيه بس"، مضيفًا أن إحدى زميلاته قالت إن "سليم" يمتلك جواز سفر أمريكي، مضيفًا: "الجواز الأمريكي سنة 60 ده كان مصيبة زيه زي الإسرائيلي" وأنه سرعان ما فهم أن "سليم" عميل إسرائيلى.
واستكمل الفنان الراحل حديثه قائلًا:"ؤنه حاول الإيقاع بسليم وقام بتأليف قصة خيالية ليقنع سليم بأنه كارهًا للنظام "الناصري" على عكس ما كان عليه، وروى له قصة بأن جده الأكبر كان يهوديًا وأسلم ليتزوج جدته، ولكن لم ينس أحد أصله اليهودي، ما دفع والده إلى الهجرة للقاهرة حيث عرف أمه، ذات الطابع اليوناني وتزوجها، وأنه أكثر ميلًا لجذوره اليهودية"، ليقع سليم بفخه ويصرح له عن هويته الحقيقية قائلًا: "أنا لست مصريًا أنا إسرائيلي".
وبعد مرور 30 يومًا، قابله سليم باسمه الحقيقي "جوناثان شميت" الذي كان أحد ضباط الموساد الإسرائيلي، ليستمر سمير بخداعه وأوهمه برفضه للنظام في مصر، واصفًا إياه بـ"الديكتاتوري" على عكس الحقيقة فكان سمير عاشقًا لـ"جمال عبدالناصر"، وأضاف أن "شميت"، صرح له بأنه يرغب في العمل معه وطلب منه الحصول على معلومات عن مصر، وطلب منه السفر إلى مصر والالتحاق بالجيش لتزويده بالمعلومات.
- الإسكندراني عميل مزدوج لصالح مصر
عند وصول الإسكندراني لمصر حاول مقابلة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وساعده والده واتصل بصديق له يعمل بالمخابرات، فتواصلوا معه وحكوا له تفاصيل الأمر ليذهب الإسكندراني لمقابلة الرئيس الراحل "عبدالناصر" في فيلا بسيطة بمصر الجديدة، وبعد فترة لا تتعدي ربع ساعة دخل الرئيس جمال عبدالناصر.
واستكمل الإسكندراني حديثه قائلًا:"قلتله أنا محتاجلك ورويت للرئيس كل ما تعرضت له في إيطاليا فأعطى إشارة لصلاح نصر للتعامل معي، وكانت الوسيلة التي استقرت عليها المخابرات هي أن أستمر في العمل مع المخابرات الإسرائيلية".
وتابع: "أطلعت الرئيس على كل ما لدي وعلى تخطيطهم المتمثل في اغتيال المشير عبدالحكيم عامر بعد أن فشلت محاولاتهم لنسف طائرة اليوشن 14 عام 1956 في الجو، والتي كانوا معتقدين أنه بداخلها وكانوا يجندون لتلك العملية جاسوسًا مصريًا يدعى إبراهيم رشيد، أما الأخطر فهو اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر عن طريق وضع سم طويل المدي في طعامه خاصة".
- كشف شبكة جاسوسية في مصر
لقب سمير الإسكندراني بالـ"ثعلب"نتيجة إتقان التدريبات بسرعة وقدرته على التحكم في انفعالاته، وبراعته في التعامل مع العدو ونقل المعلومات، وكانت المعلومات مهمة، ولكنها تقليدية حتى لا تثير شكوك العدو بالتعاون مع المخابرات المصرية، فلم يكن فقط فنانا في الرسم، ولكن كان فنانا أيضًا في خداع العدو.
واستطاع كشف وجود شبكة ضخمة من عملاء إسرائيل، تتحرك بحرية داخل البلاد، فبدأت المخابرات المصرية في وضع خطة للإيقاع بالشبكة كلها، فاستكمل سمير الخطة عندما طلب منه إرسال أفلام مصورة، أعلن خوفه خشية أن تقع في أيدي الجمارك ورجال الرقابة فأرسل إليه "جوناثان شميت" رقم بريد في الإسكندرية، وطلب منه إرسال طرود الأفلام إليه وبدأت خيوط الشبكة تتكشف شيئًا فشيئًا.
وبدأ عملاء الشبكة يتساقطون واحدًا بعد الآخر، ثم كانت لحظة الإعلان عن العملية كلها، وجاء دور الإسرائيليين وهم يكتشفون أن" الثعلب" المصري سمير الإسكندراني، ظل يعبث معهم ويخدعهم طول عام ونصف مما أدى إلى استقالة مدير الموساد الإسرائيلي.