رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عادل موسى: 30 يونيو كانت ضرورة لاستعادة مصر التي نعرفها

عادل موسى
عادل موسى

يحل شهر يونيو من كل عام ومعه تحل ذكرى الثلاثين من يونيو 2013، ذكرى ثورة شعب استعاد هويته ومصره المختطفة من أنياب جماعة الإخوان الإرهابية.. «الدستور»، حاورت المثقفين حول ثورة 30 يونيو، ذكرياتهم معها، أثرها عليهم وعلى إبداعاتهم، والأهم ماذا لو كان استمر حكم الإخوان لمصر حتى الآن؟

قال القاص عادل موسي: كان لدينا رئيس ينتمى لجماعة يمينية متطرفة، رجل يحكم أكبر دولة عربية من حيث السكان والأكثر أهمية في العالم العربي، لم يكن هذا بالأمر الهين، والذي بالتأكيد كان من المنتظر أن يكون له أثرًا كبيرًا فى المنطقة العربية، مما سيغير من خريطتها تبعًا للخطة الإخوانية التي لا تعترف بوطن ولا انتماء سوى لجماعة كان من أهم أهدافها بناء منظمة غير وطنية، لا أرى بينها وبين منظمة القاعدة او داعش فروق كثيرة.

تابع موسي موضحا: وقد سعى الإخوان ومنذ اليوم الأول على الاستحواذ على السلطة، وتجبنًا للدخول فى صراعات كثيرة، أو فلنقل إنها حكمة بعض القوى السياسية الحكيمة فى مصر، رأوا أن يتركوا لهم هذا المكان لتتحول الجماعة من العمل السرى إلى العلنى، وفى هذه الفترة ظهر ضعفهم وفشل ادراتهم فى عدة ملفات هامة مثل الملف الاقتصادي والسياسي فى مصر.

ثورة 30 يونيو كانت ضرورة لاستعادة مصر التي نعرفها، وعلى الرغم مما تعانية مصر الان من جراء التخريب والفشل الذي عانته فى فترة الاخوان، الا ان التعافي هو أمر يختلف كثيرًا عن فترة انتشار المرض او تلك الفترة التى كان الاخوان يحكمون فيها.

وعن أثرها عليه كمبدع اضاف: فى رأيي أن الألم والمعاناة لهما أثرًا أكبر على ابداع الكاتب، لذلك فإن فترة حكم الاخوان حفزت لدى روح الكتابة خاصة بعد هجرة صديق لى قبطى إلى الخارج خوفًا من هذا النظام، كان وضعًا غريبًا على مصر، أثمر لدى بكتابة رواية "الأرض البيضاء" ولا زلت أكملها، وتشير الرواية إلى العديد من السمات التي تمثل لدى هذا الكيان من شره نحو السيطرة والتملك، والإرهاب الفكري، وكذلك تلك النرجسية التى تطفح على كلماتهم مع شعورهم بالسمو والعظمة ويحدث تضادًا عجيبًا مع ما نراه منهم أمام أسيادهم فى الجماعة، اتمنى عند انتهائي من كتابة الرواية والتى استخدمت فيها العالم السحري الخيالي، أن أضع لمحات لابنائي ليعرفوا ما كنا نواجه.

وحول ماذا لو ظل الإخوان في مصر حتي اليوم ؟ أكد: رأيت جزء من مستقبل مصر مع الإخوان بطريقة ما، فقد سافرت بعد الثورة بثلاثة أيام إلى الخرطوم عاصمة السودان لحضور مؤتمر نظمته هيئة عربية (الإسيسكو) وكان المؤتمر عن التراث ومكان انعقاده فى جامعة الخرطوم، فى ذلك الوقت لم يكن نظام الإخوان قد سقط بعد وفى السودان٬ واعتبر نظام البشير الذي سقط أيضًا هو نظام إخوانيًا بشكل ما.

وما رأيته فى السودان فى ذلك الوقت كان مستقبل مصر مع الإخوان، بل اعتقد ان ما كان ينتظر مصر هو أخطر مما حدث فى السودان، رأيت فى السودان طبقة ارستقراطية ثرية تكونت من التيار اليمينى المتطرف، كنت أراهم فى الشوارع وأعرفهم بالطبع بسماتهم المشتركة المعروفة، كانوا يركبون أفخر السيارات، بل رأيتهم أكثر عن قرب عندما دعتنى وزارة الآثار السودانية لحفل عشاء فى أفخم فنادق العاصمة، والحقيقة ان الفندق كان من الفخامة التي تجعلك متعجبًا من وجوده فى دولة عربية يعاني شعبها الفقر.

وفى أعلى طابق بالفندق كان هناك مطعم فاخر للغاية، مرتاديه من هذا اللوبي اليمينى، وكانوا على مدار سنوات طويلة من الاستحواذ لم يعبأوا مما يقال عنهم فتصرفوا بحريتهم، كانوا يسمعون موسيقى خفيفة أثناء الأكل، وفجاءة قام الوفد المدعو للعشاء وهم من أساتذة الجامعة وذهبوا للسلام على الرجل الذي كان يقف وسط المطعم يعزف على آلة الجيتار، فعرفت منهم إنه أحد البروفسيرات العظماء فى دراسة الموسيقى بجامعة الخرطوم، لكنهم أصبحوا كاسأتذة جامعيين يدرسون الفن منبوذين.

محدثى كان أستاذا للنحت، وقال لى، أنهم ينادونني صانع الأصنام، ويبقون على بمرتب ضعيف جدا على أن أعلمهم أشياء أخرى كصناعة الفخار وما شابه، كان الوضع مأساويًا، رأيت فى السودان الذي يحترم نسائه بشكل كبير، رأيت سيدات مسنات يفترشن أرصفة الشوراع لعدم وجود مأوى لهم، ولا عائل، فأبنائهن ماتوا فى الحروب المتعددة التى ألقاهم فيها نظام الإخوان، وفى نفس الوقت الذي كان يتأمر عليهم مع العدو، فخسروا من شباب هذا البلد الكثير، رأيت مستقبلًا مظلمًا.

فى ذلك الوقت أعلن الجيش المصري بقيادة الرئيس السياسى انصياعة لرأى الشارع المصري، وعزل رئيس الإخوان، وعلى الرغم من تحفظ المسئولين السودانيين أمامى وهم يرونني أبدى الكثير من السعادة تجاه هذا الأمر، فقد انخلع كتفى من الترحيب والسلام وهى عادة سودانية أن يربتوا على كتفك ترحيبا، كان شباب الجامعة والأساتذة فى فرح شديد لما حدث فى مصر، كانوا يسألوننى وكأنهم يودون معرفة كيف حدث ذلك، بل ان بعضهم تجرأ ودعى أن تفعل السودان مثلما فعلت مصر وينزعوا نظام "الكيزان"، وهو الاسم الذي أطلقوه على الإخوان نسبة إلى الكوز دليلًا على عدم الفهم والإنصياع لأوامر مرشدهم دون تفكير، عدت إلى مصر فرحًا وحمدت الله أن جنبنا هذا المستقبل.