رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بيتر ماهر: مصر كانت على مشارف حرب أهلية لولا 30 يونيو

بيتر ماهر الصغيران
بيتر ماهر الصغيران

يحل شهر يونيو من كل عام ومعه تحل ذكرى الثلاثين من يونيو 2013، ذكرى ثورة شعب استعاد هويته ومصره المختطفة من أنياب جماعة الإخوان الإرهابية.. «الدستور»، حاورت المثقفين حول ثورة 30 يونيو، ذكرياتهم معها، أثرها عليهم وعلى إبداعاتهم، والأهم ماذا لو كان استمر حكم الإخوان لمصر حتى الآن؟

وفي هذا الصدد قال الكاتب الشاب بيتر ماهر الصغيران: أيام ما قبل 30 يونيو كانت تفتقد تلك الروح التي بثتها فينا تلك الحالة الثورية٬ التي كانت تمس الشعب للخلاص من السيطرة والهيمنة من جماعة، كانت تسعى إلى السلطة بكل الطرق الممكنة. لكن لم تكن تفكر كيف سيكون الوضع إذا حصلت عليها ؟!
منذ نشأة الجماعة في أواخر العشرينيات من القرن العشرين، وهى تبتعد تارة عن أصحاب السلطة، وتقترب تارة من أصحاب السلطة، تحركها المصالح ولا تحركها الوطنية.
فالوطن مجرد حفنة من التراب، فلم تكن مصر بكل ماضيها وتاريخيها الذي يمتد في قلب الإنسانية، يهم الجماعة أو مرشدها.
خرجت تحت مظلة بعض الشعارات الدينية، حتى تستغل تعاطف الشعب المصري ونزعته الدينية الفطرية٬ لتخرج أمام جموع الشعب بالرداء الديني الوطني٬ لكنها تتخفى في هذا الرداء٬ حيث سعيها وراء السلطة والهيمنة وتحقيق مصالحها.
قسمت الجماعة أبناء الوطن إلى نوعين: أتباع وموالين إليها٬ أو إلى معارضين٬ ينبغي أن يكونوا في يومًا ما مواليين إليها.
لذا حولت كل معارضة ضدها٬ إلى معارضة هذا الرداء الديني، الذي تخفت خلفه لذا وضعت في عقول بعض البسطاء أن المعارض هو رجل علماني يعارض الدين نفسه.
فهي خلطت ما بين الدين والسياسة في سبيل ترسيخ حكمها السياسي٬ حتى شوهت المعارضة، جعلت منهم أم منافقين أو جهلة أو علمانيين يرفضون الدين.
كان هذا هو الأمر الذي استمر على مدار تاريخيهم بالكامل٬ من ليس معنا فهو ضدنا يستحق منا أسوأ درجات التنكيل والإهانة بل والتشهير به.

تابع "الصغيران": في خلال فترة حكمهم التي استمرت لمدة عام، كان كل ما يشغل بال الجماعة السيطرة على مفاصل الدولة المصرية عن طريق أخونة كل المصالح الحكومية، وتحويلها إلى أداة تخدم مصالحها الشخصية تثبت أركان الحكم أكثر وأكثر.
جاء الإعلان الدستوري، بمثابة إعلان ورسالة قوية إلى الشعب، أن الجماعة هى الدولة والدولة هى الجماعة
مع تعطيل السلطة القضائية٬ التي هى العين الساهرة على حماية حقوق المواطنين بل ومحاسبة الجميع تحت مظلة القانون.
لذلك كانت تخشى الجماعة أن يكون أحد من يواليها٬ تحت سلطة القضاء لذا كان واجبا عليهم تعطيل الحريات وتقيض حتى العدالة. لأنهم كانوا يجهلون شئون الحكم والإدارة٬ تحولت الدولة في عهدهم إلى مجموعة من الأزمات المستمرة في جميع الأشياء الضرورية للمواطن.

وجدنا وعشنا أزمات عديدة، بداية حتى من الخبز الذي لا غنى عنه على مائدة المواطن المصري٬ مع حضور أزمات في الكهرباء والبنزين وحتى الماء.
كانت الدولة المصرية على مشارف حرب أهلية، فكم رأينا الشوارع التي تحولت إلى ساحات من التراشق بين المواطنين بعضهم البعض.
بعد أن كان المواطن الخارج من أحلام 25 يناير يحلم بوطن يقبل الجميع تحت مظلته٬ مع تفعيل كلمة المواطنة والدولة المدنية، التي حلم بها الجميع، اختطفت الجماعة تلك الأحلام، حولتها إلى مجموعة مصالح شخصية تخدم الجماعة في ظل انهيار كل الطموحات التي أرادها المواطن في دولة عصرية يحكمها الدستور والقانون.

حتى على المستوى الخارجي، لم تراع الجماعة مكانة مصر٬ التي هى راسخها عبر سنوات طويلة في المحافل الدولية منذ فجر التاريخ، عقدت صفقات مع بعض الدول التي هى بالنسبة لمصر وليدة تبحث عن دور لها باستخدام الأموال، كانت الجماعة هنا في مصر ومن يواليها، على أتم استعداد للتحالف مع من يخدم مصالحها.
تحالفت الجماعة مع بعض الدول الباحثة، عن أمجاد ماض قديم وبطولات سقطت عبر الزمن لكنها تبحث عن استعادة مكانتها، في ظل تغير الأوضاع الدولية سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.
صارت مصر تابعة كأنها تحت احتلال مستتر٬ تحت مظلة تلك الدول الطامحة في الصعود على حساب أى شىء اَخر حتى على حساب تاريخ مصر.
وكان الحل هو رفض جموع المصريين، تلك المعادلة الإخوانية التي هددت بكل قوة مصر كشعب وكدولة.
على مستوى الإبداع الأدبي، ظهر العديد من الروايات والقصص والأشعار، التي قامت بانتقاد حكم الجماعة، بل على المستوى الشخصي٬ كتبت بعض الأشعار بالعامية المصرية، عن تلك الحالة التي صاحبت أيامهم، التي كانت تبحث عن مخرج من تلك الأزمة في تاريخ مصر المعاصر.