رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تحليل كاذب».. «الدستور» تتفق على شراء «اختبارات كورونا»: العلبة بـ7500 جنيه

اختبارات كورونا
اختبارات كورونا

شاهد خالد على، شاب ثلاثينى، إعلانًا على موقع «فيسبوك» يزعم توافر «تحليل معتمد ورسمى» للكشف عن الإصابة بفيروس «كورونا المستجد» من عدمها، عبر «أداة» خاصة، ونظرًا لخوفه على والديه بسبب كثرة نزولهما من المنزل وتعرضهما للعدوى اشترى هذه «الأداة»، وتبين له من خلالها «سلبية» نتائج تحليله ووالديه.
لكن بعد فترة أحس «خالد» بأعراض خفيفة لفيروس «كورونا»، ولم يعرها أى اهتمام، وحين تفاقم وضعه الصحى لجأ إلى المستشفى للكشف عن حالته، فتبين أنه مصاب بالفيروس وتعرض لعملية نصب كبيرة.
واقعة «خالد» التى كتبها على «فيسبوك» دفعت «الدستور» لخوض مغامرة لمعرفة مصدر هذه الإعلانات والمنتجات الوهمية التى تروجها، والمسئولين عنها، وآلية بيعها، وتواصلت مع عدد من المندوبين الذين يجلبونها ويسلمونها للعملاء، وتقصت عن مدى حصولها على تراخيص من وزارة الصحة من عدمه.








البائعون: معتمدة من «الصحة».. استخدامها سهل مثل «اختبار الحمل».. والنتيجة فى ربع ساعة

بدأت رحلة البحث برصد إعلان على موقع «فيسبوك» نصه: «تحليل كورونا معتمد ورسمى ومسجل ومتاح بكل الكميات.. القاهرة التجمع»، وعلى الفور أرسلنا رسالة إلى رقم الهاتف المرفق بالإعلان للاستفسار عن مدى توافر التحليل وكيفية الحصول عليه.
بعد إرسال الرسالة، تواصل معنا شخص يدعى «تامر صلاح»، قائلًا: «اختبارات كورونا متوافرة.. علبة تحتوى على ٢٥ اختبارًا بـ٧٥٠٠ جنيه».
وشرح «تامر» كيفية استخدامها، قائلًا: «تشبه اختبارات الحمل حيث نقطة دم واحدة قادرة على كشف مدى الإصابة من عدمه»، واصفًا التحليل بأنه «سهل وآمن، وأن نتيجته تظهر بعد ١٥ إلى ٢٠ دقيقة، وأنه مرفقة به مجموعة من الأوراق الإرشادية لتوضيح كيفية استخدامه وعمله»، واستطعنا بالفعل الحصول على نسخة من تلك الأوراق.

وحين سألناه عن مصدر تلك الاختبارات، رد: «أعرف مدير الشركة اللى بتستوردها، ومعانا اعتماد من وزارة الصحة وبندى الوزارات والفنادق والشركات.. ونظرًا لوجود اختبارات مضروبة نمنح العميل ضمانًا يتمثل فى فاتورة الشراء من الجهة صاحبة الاعتماد».
وشدد على أن البيع يتم بالعلبة كاملة وليس عينات فردية، مرجعًا ذلك إلى أن «العلبة فيها ٢٥ تحليلًا، و٢٥ أداة لسحب الدم، وعلبتا دواء ينبغى إضافة نقطة منه إلى نقطة الدم المسحوبة، للكشف عن الأجسام المضادة التى يكونها الفيروس داخل جسم الإنسان».
وكشف عن طلبهم من الشركة المستوردة إجراء «تعديل» على هذه العبوات يتيح بيع عينات فردية لمن يرغب فى ذلك، مشيرًا إلى أن التوصيل سيكون من خلال مندوب يصل إلى العميل شخصيًا.

وبسؤاله عن تفاصيل أكبر بشأن الشركة المسئولة عن توريد هذه الاختبارات، قال إنها تدعى «مصر السلام للتنمية والتكنولوجيا المتطورة»، وأرسل لنا صورة من «اعتماد» الشركة، مشددًا على ضرورة عدم نشره دون سبب، رغم أن الشركة، كما يزعم، حاصلة على ترخيص بتوزيع هذه الاختبارات.

وبالبحث عن نشاط هذه الشركة تبين أنها تعمل فى مجال الهندسة المعمارية والخدمات المرتبطة بها، وأُسست عام ٢٠١١، وبإرسال بريد إلكترونى إليها للاستفسار عن مدى مشروعية نشاطها لم نتلق أى ردود منها.

وخلال رحلة البحث رصدنا أيضًا صفحة على موقع «فيسبوك» تحمل اسم « Covid-١٩ rapid test kit in Egypt.. شريط اختبار كوفيد- ١٩»، التى تعلن إتاحتها للبيع «أجهزة فحص سريع لفيروس كورونا»، وهى عبارة عن شريط اختبار يشبه أيضًا اختبار الحمل.

تواصلنا مع الأرقام الهاتفية التى وضعتها الشركة فى إعلانها لحجز الكمية المطلوبة، ورد أحد المندوبين، قائلًا: «أقل كمية للبيع هى علبة بها ٢٥ اختبارًا سعرها ٧٠٠٠ جنيه، وخدمة التوصيل غير متاحة، حيث يذهب العميل بنفسه إلى مقر الشركة لتسلم الكمية التى يريدها، وهناك سيرافقه أحد المندوبين لتدريبه على كيفية استخدامها».

وتبين أن اسم الشركة المستوردة هو «الكوثر الخليج مصر للأنظمة الإلكترونية والتكنولوجية» وبتقصى نشاطها وجدنا أنها تعمل فى مجال الأنظمة التكنولوجية والحلول الإلكترونية، وأصبحت وكيلًا وممثلًا للعديد من الشركات العالمية فى مصر، بمجالات المعدات البنكية والأنظمة الأمنية وأنظمة التيار الخفيف والمعدات التعليمية، وتم تأسيسها فى عام ٢٠١٤.

خبراء: نصب علنى.. نتائجها غير دقيقة.. ولا بديل عن الـ«pcr»

بَيّن الدكتور حمادة فوزى، إخصائى التحاليل الطبية بمجموعة مستشفيات «كليوباترا»، المدير التنفيذى لمعامل السراج للتحاليل الطبية، أن التحاليل السريعة التى يتم بها الكشف عن فيروس «كورونا» تعمل بآلية محددة تتمثل فى رصد مدى وجود الأجسام المضادة التى يكوّنها الجسم للدفاع عن نفسه ضد أى جسم غريب.


وأوضح أن أول الأجسام المضادة التى تتكون فى الجسم لمكافحة أى فيروس أو بكتيريا أو غيرهما يسمى «Igm Immunoglobulin M»، ويتكون خلال ٣ إلى ٨ أيام من بداية العدوى، مضيفًا: «إذا تم إجراء تحليل سريع وظهر هذا الجسم المضاد، يكون ذلك دلالة على أن الإصابة حديثة وما زال الجسم فى حالة هجوم مع الفيروس».
وبمجرد انتصار الجسم على الفيروس أو التعرف على تكوينه الجينى، يخرج نوع آخر من الأجسام المضادة يعرف باسم «IgG Immunoglobulin G»، وهو يمثل المصل الواقى من الإصابة بالمرض فى أى وقت، لأنه يظل موجودًا فى الجسم طوال العمر.
وأضاف «فوزى»: «بمجرد دخول الفيروس إلى الجسم مرة أخرى، يتمكن الجسم المضاد الأخير من التعرف عليه ومهاجمته، فهذا الجسم المضاد يظهر بعد التغلب على الفيروس، أو تعرف الجسم عليه وبقائه فترة طويلة، وبذلك يكون دلالة على أن الإصابة إما قديمة أو تم الشفاء منها».
وشكك إخصائى التحاليل الطبية فى فاعلية الاختبارات التى ينتجها بعض الشركات للتعرف على الأجسام المضادة، قائلًا إن معظم التحاليل الموجودة فى الأسواق المصرية والعالمية لا يتعدى صحة نتائجه ٥٠٪، خاصة فى ظل عدم ثبات شكل الفيروس وتركيبه.
ورأى خالد عبدالسلام، فنى تحاليل فى معمل عيادات «الشلال» الخاصة ومعمل «الأهرام»، أنه لا يوجد أى تحليل دقيق لـ«كورونا» سوى الـ«ـPCR» المعروف باسم «المسحة»، بينما تعتبر التحاليل المعتمدة الأخرى «مؤشرات» لحين إجراء هذه المسحة.
وأوضح «عبدالسلام» أنه إذا ظهرت أى أعراض تنفسية يمكن إجراء أشعة على الصدر للتأكد بشكل نهائى من مدى الإصابة، قائلًا: «لو عملنا التحاليل والأشعة وتأكدنا من وجود التهاب فى الصدر تبقى خلاص كورونا، بس لازم مسحة تأكيدية، دا غير إننا ممكن نعمل معاهم وظايف كلى وكبد عشان نطمن إن مفيش مضاعفات».
ووصف إعلانات اختبارات الكشف عن الفيروس التى يتم تداولها على مواقع التواصل بأنها «نصب علنى»، مستدلًا بتجربة زميل له اشترى عددًا من تلك الاختبارات وجربها على بعض المصابين، فجاءت نتائج عدد منها سلبية والآخر إيجابية، مع المريض نفسه، ما يدل على عدم فاعليتها ودقتها.
واتفقت معه الدكتورة وصال مصطفى، إخصائية تحاليل فى مستشفى بنها الجامعى، التى شككت فى فاعلية هذه الاختبارات قائلة: «غير مضمونة، ومن الممكن أن تكون عينة الشخص سلبية وتظهر له أنها إيجابية والعكس».
وأضافت: «هناك بعض المرضى الذين تعاملت معهم استخدموا هذه الاختبارات، ورغم أن النتيجة ظهرت لهم سلبية، فإنهم بعد ذلك أجروا مسحة واكتشفوا أن عينتهم إيجابية وأنهم مصابون بالفعل، وبالتالى هى غير فعّالة ولا يمكن الاعتماد عليها فى التشخيص».