«التنوع البيولوجي».. شعار يوم البيئة العالمي 2020
يحيي العالم يوم 5 يونيو من كل عام يوم البيئة العالمي، ويأتي الاحتفال لعام 2020 تحت شعار "التنوع البيولوجي"، وهو دعوة للعمل لمكافحة الفقدان السريع للأنواع وتدهور العالم الطبيعي، ويواجه مليون نوع من النباتات والحيوانات خطر الانقراض، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الأنشطة البشرية.
ويحثنا يوم البيئة العالمي على إعادة التفكير في كيفية تطور أنظمتنا الاقتصادية وتأثيرها على البيئة، وهذه قضايا لا يمكن أن يتجاهلها العالم حتى عند التعامل مع جائحة الفيروس التاجي وأزمة المناخ الجارية.
وكان برنامج الأمم المتحدة للبيئة قد أعلن أن كولومبيا ستستضيف احتفالات يوم البيئة العالمي لعام 2020 بالشراكة مع ألمانيا وأنها ستركز على التنوع البيولوجي.
وقد أكد كل من "ريكاردو لوزانو" وزير البيئة والتنمية المستدامة في كولومبيا، على أنه مع وجود مليون نوع من النباتات والحيوانات التي تواجه خطر الانقراض، لم يكن هناك وقت أكثر أهمية للتركيز على مسألة التنوع البيولوجي مثل هذا الوقت. ففي كولومبيا، سنواجه تحديًا مهمًّا في عام 2020، وهو استضافة الاجتماع الثالث والأخير للفريق العامل المفتوح العضوية للإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020 قبل انعقاد مؤتمر الأطراف في الصين.
وأضاف لوزانو، أنه في كولومبيا نحن على استعداد للعمل معًا للتوصل إلى اتفاق يتيح لنا المضي قدمًا نحو تحقيق نتائج طموحة في مؤتمر الأطراف الذي سيجمعنا في الصين؛ وإننا نرحب ببادرة الدعم الألمانية في هذا الجهد العالمي ونتطلع إلى تعاون ناجح. ويوجد في كولومبيا أعلى الأنواع تنوعًا في العالم، وتحتل كولومبيا المرتبة الأولى في العالم التي تقترب من 10% من حيث التنوع البيولوجي للكوكب، وتحتل كولومبيا المرتبة الأولى في تنوع أنواع الطيور والأوركيد حيث تمتلك 19% من أنواع الطيور في العالم، و3500 نوع من بساتين الفاكهة والثانية في النباتات والفراشات وأسماك المياه العذبة والبرمائيات.
ويوجد في البلاد عدة مناطق ذات تنوع بيولوجي عالٍ في النظم الإيكولوجية للأنديز، مع مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأنواع المستوطنة. كما أن لديها جزءًا من غابات الأمازون المطيرة والنظم الإيكولوجية الرطبة لمنطقة شوكو الجغرافية الحيوية.
وقد قامت الحكومة الكولومبية بجعل الحفاظ على التنوع البيولوجي ذا أولوية وطنية.
وقد أشارت "إنغر أندرسن" المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، أن عام 2020 هو عام الطموح والعمل لمعالجة الأزمة التي تواجه الطبيعة، إنها فرصة لإدماج الحلول القائمة على الطبيعة بشكل كامل في العمل المناخي العالمي. وأن كل يوم، يمثل يوم البيئة العالمي منصة قوية لتسريع وتضخيم وإشراك الناس والمجتمعات والحكومات في جميع أنحاء العالم، لاتخاذ إجراءات بشأن التحديات البيئية الحرجة التي تواجه الكوكب.
وقال "يوشين فلاسبارث" وزير الدولة للبيئة في ألمانيا، أنه لا يوجد وقت أفضل للاجتماع معًا من أجل الكوكب من الآن إن العمل المناخي والحفاظ على التنوع البيولوجي وجهان لعملة واحدة، ونحن بحاجة إلى تطوير سياسات توقف انقراض الأنواع النباتية والحيوانية، ويسر ألمانيا دعم كولومبيا والدول الأعضاء الأخرى في جعل عام 2020 عامًا يبدأ فيه العمل من أجل الحفاظ على التنوع البيولوجي.
ويعد عام 2020 عامًا حاسمًا لالتزامات الدول بالحفاظ على التنوع البيولوجي واستعادته، حيث تستضيف الصين الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي في كونمينغ. كما يوفر العام المقبل أيضًا فرصة لتعزيز بدء عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظم الإيكولوجية (2021- 2030)، الذي يهدف إلى توسيع نطاق استعادة النظم الإيكولوجية المتدهورة والمدمرة على نطاق واسع لمكافحة أزمة المناخ، وتعزيز الأمن الغذائي وإمدادات المياه والتنوع البيولوجي.
ووفقًا لتقرير تاريخى صدر هذا العام عن المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، من المتوقع أن تقوض الاتجاهات السلبية الحالية في التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية التقدم المحرز نحو 80% من الأهداف المقررة لأهداف التنمية المستدامة ذات الصلة بالفقر، والجوع، والصحة، والاستهلاك والإنتاج المستدامين، والمياه، والمدن، المناخ، المحيطات، والأرض.
وكان عام 1972 بمثابة نقطة تحول في تطوير السياسات البيئية الدولية، حيث عقد في هذا العام تحت رعاية الأمم المتحدة، المؤتمر الرئيسي الأول حول القضايا البيئية، في الفترة من 5 الى 16 يونيو في ستوكهولم السويد.
وكان الهدف من المؤتمر، المعروف بمؤتمر البيئة البشرية، أو مؤتمر ستوكهولم، صياغة رؤية أساسية مشتركة حول كيفية مواجهة تحدي الحفاظ على البيئة البشرية وتعزيزها. وفي 15 ديسمبر من نفس العام، اعتمدت الجمعية العامة قرارها رقم (2994 XXVII)، باعتبار يوم 5 يونيو يوم البيئة العالمي، وتحث الحكومات والمنظمات في منظومة الأمم المتحدة على الاضطلاع بهذا اليوم كل عام، بالقيام بنشاطات على المستوى العالمي، وتؤكد على حرصها على الحفاظ على البيئة وتعزيزها، بهدف زيادة الوعي البيئي، ومتابعة القرار الذي تم الإعراب عنه في المؤتمر. ويتزامن هذا التاريخ مع تاريخ اليوم الأول للمؤتمر.
وفي 15 ديسمبر، اعتمدت الجمعية العامة كذلك قرارًا آخر (3000 XXVII)، أدى إلى إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، وهي الوكالة المعنية بالقضايا البيئية.
منذ الاحتفال الأول في عام 1974، ساعد اليوم العالمي للبيئة برنامج الأمم المتحدة للبيئة على زيادة الوعي، وتوليد زخم سياسي حول المخاوف المتنامية مثل استنفاد طبقة الأوزون والمواد الكيميائية السامة والتصحر والاحترار العالمي. تطور اليوم ليصبح منصة عالمية لاتخاذ إجراءات بشأن القضايا البيئية العاجلة. شارك الملايين من الناس على مر السنين، مما ساعد على إحداث تغيير في عادات الاستهلاك لدينا، وكذلك في السياسة البيئية الوطنية والدولية.
وتشير تقارير صندوق الأمم المتحدة للبيئة، إلى أن التنوع البيولوجي أو التنوع الأحيائي هو تنوع الكائنات الحية التي تشكل الحياة على سطح الأرض. ويشمل التنوع البيولوجي 8 ملايين نوع أو نحو ذلك على هذا الكوكب، بدءًا من النباتات والحيوانات وصولًا إلى الفطريات والبكتيريا- والنظم البيئية التي تأويهم- مثل المحيطات والغابات، والبيئات الجبلية والشعاب المرجانية- وكذلك التنوع الجيني الموجود بينهم.
إن النظم البيئية الصحية الغنية بالتنوع البيولوجي لها أهمية أساسية للوجود البشري، وتحافظ النظم البيئية على حياة الإنسان بعدد لا يحصى من الطرق، من خلال تنظيف هوائنا، وتنقية مياهنا، وضمان توافر الأطعمة المغذية، والأدوية الطبيعية والمواد الخام، والحد من حدوث الكوارث.
ويظهر وباء فيروس كورونا المستجد "كوفيد- 19"، وهو الأحدث في سلسلة تفشي الأمراض الحيوانية المنشأ، أن صحة الكوكب مرتبطة بصحتنا، ويواجه مليون نوع من النباتات والحيوانات خطر الانقراض، وقد يواجه بعضها ذلك في المحركات الخمسة الرئيسية لفقدان التنوع البيولوجي على النحو المحدد في أحدث تقرير للمنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية.
ويمكن منع فقدان التنوع البيولوجي من خلال تغيير نمط ما نستهلكه، ومعرفة كيفية استخدام طرق الإنتاج الصحيحة، ومعرفة كيفية حماية الطبيعة. وستساعد السياسات البيئية القوية وتدابير المساءلة على دفع خطى هذه التغييرات في السلوك.
وتأتي الأغذية التي نتناولها والهواء الذي نتنفسه والمياه التي نشربها والمناخ الذي يجعل كوكبنا صالحًا للسكن، كلها من الطبيعة، فعلى سبيل المثال، تنتج النباتات البحرية كل عام أكثر من نصف الأكسجين في الغلاف الجوي، وتنظف شجرة ناضجة هواءنا، وتمتص 22 كيلوغرامًا من ثاني أكسيد الكربون، وتطلق الأكسجين في المقابل. على الرغم من كل الفوائد التي توفرها لنا طبيعتنا، فإننا ما زلنا نسيء معاملتها، ولهذا نحتاج إلى العمل على ذلك. وكذلك بينما يتجه عدد سكان العالم نحو 10 مليارات نسمة على هذا الكوكب، فإنه يجب علينا أن نغتنم قيمة البيئة الطبيعية والفرص التي تتيحها وألا نعمل على تدميرها.
والخبر السار هو أنه يمكننا وقف اتجاهات فقدان التنوع البيولوجي من خلال إعادة تصور علاقتنا بالطبيعة، والعمل الآن لزيادة الطموح والمساءلة عن حمايته. ويجب علينا الحفاظ على الحياة البرية والمساحات البرية واستعادتها، وتغيير طريقة إنتاجنا واستهلاكنا للغذاء، وتعزيز البنية التحتية المراعية للبيئة وتحويل الاقتصادات لتصبح حماة الطبيعة.
إن جائحة «كوفيد- 19» هي تذكير بأن صحة الإنسان مرتبطة بصحة الكوكب، الفيروسات التاجية هي أمراض حيوانية المنشأ، مما يعني أنها تنتقل بين الحيوانات والبشر، وأوضحت نتائج البحوث أن هذه الأمراض آخذة في الارتفاع.
إن هدف يوم البيئة العالمي إلهام الجميع لإسماع أصواتهم، حيث يحتاج المواطنون إلى حث حكوماتهم على الوفاء بالتزاماتهم بحماية الطبيعة وإنهاء التلوث وضمان احترام القوانين البيئية. كما تحتاج الشركات إلى تطوير سلاسل التوريد المستدامة، وكذلك الممارسات الزراعية والصناعية التي لا تضر بالبيئة.
وينبغي أن ينظر المواطنون ومجموعات المجتمع المدني في كيفية الحفاظ على النظم البيئية المتدهورة واستعادتها وعلى المستهلكين أن يعيدوا التفكير فيما يقومون بشرائه، ومع تقلب حياتنا، يمكننا أن نتحد لإيجاد طرق ليس فقط للعيش بشكل جيد في وئام مع بعضنا البعض ولكن أيضًا للعيش في وئام مع الطبيعة.