رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ناج من «كمين البرث»: منسي كان يتقدمنا دائما.. وشبراوي تلقى طلقة بدلا مني (فيديو)

ناج من «كمين البرث
ناج من «كمين البرث

- منسي في المداهمات الخطرة كان يمنعنا من النزول ويشارك بمفرده أولًا
- جميع من خدم معه لا يخافون الموت ويحبون الشهادة.. كنا نتسابق للمشاركة في المداهمات
- بعد علاجي من الإصابة طلبت استكمال جيشي في نفس الكتيبة "عشان أجيب حق قادتى وزملائي"
- النقيب شبراوي أخذ طلقة بدلًا مني وقال "محدش ياخد حد مننا وقول لابني أبوك مات راجل"

القوات المسلحة هي الدرع الحامي لمصر، يضحى أبنائها الأبطال بأنفسهم من أجل مصر دون تردد أو خوف، فالأبطال بها كثيرون لا يمكن حصرهم، فكل فرد بها بطل رواية وقصة يمكن أن تجسد لمسلسل درامي، ومن بين هؤلاء الأبطال إبراهيم عميرة أحد أبناء مدينة القصاصين بمحافظة الإسماعيلية، وأحد رفقاء العقيد أحمد منسى الناجين من كمين البرث.

حاورت "الدستور" البطل وروى تفاصيل جديدة عن شهداء المعركة، ويوم الملحمة التي دونت في التاريخ.

يقول إبراهيم عميرة، إنه حاصل على تجارة، والتحق بالقوات المسلحة في شهر يوليو 2017، وعقب انتهاء مركز التدريب التحق بسلاح الصاعقة، وحضر تدريب في أنشاص الرمل 3 شهور – مركز تدريب الصاعقة- وعقب انتهاء فرقة الصاعقة، التحق بالكتيبة 103 في العريش، كان وقتها المقدم رامي حسانين قائد الكتيبة، وعقب استشهاده تولى العقيد أحمد منسي قيادة الكتيبة.

وعن أول لقاء له مع منسي، يقول كان في أحد الطوابير، وقالنا "الأيام القادمة صعبة، سيكون لدينا أعمال هامة، وتدريبات صعبة، حتى نستطيع "نجيب حق العقيد رامي حسانين وكل زمايلنا "، وبدأ التدريبات وكان يشرف عليها بنفسه يوميًا.

وتابع: دخلنا في مداهمات عديدة مع العقيد منسي فكان دائمًا يخاف على جنوده ويكون في المقدمة دائمًا، ففي المناطق الخطرة التي تحتاج للسير على القدمين، كان ينزل بفرده ويمنعنا من النزول معه، خوفًا علينا وعقب تأمينه للمنطقة والتأكد من عدم وجود أي خطورة علينا ينزل الجنود للمشاركة معه.

وقبل أي المداهمة يحفزنا ويرفع من روحنا المعنوية ونردد معه دعاء "اللهم إنى أحتسب هذا العمل فى سبيلك، فاكتبه فى ميزان حسناتي، وارفع به من درجاتي، كلمة عليها نحيا وعليها نموت نلقى الله"، وكان دائمًا يحثنا على الشهادة وفضلها.

وكان دائمًا يقول لنا أننا مثل أخوته، ولكنه دائمًا يقول "انتم إخواتي لكن أنا أخويا راجل، وانتم لازم تكونوا رجالة ونقف قدام الإرهابيين، وكان يساعد الجميع، ففي حالة وجود لدى أي فرد من الجنود ظروف سواء مادية أو إنسانية، سواء في الميري أو ملكي لم يقصر في أي شيء، فكان قريب من الجميع، نتحدث معه كأخ أكبر وليس قائد، ونأخذ رأيه في العديد من الأشياء خارج القوات المسلحة".

ويضيف: كان ملتزم دائمًا ويحثنا على الصلاة بشكل مستمر، ويوصينا على تجديد النية، وتقوية عقيدتنا وأننا نجاهد في سبيل الله، ويؤكد أننا لن نسمح للإرهابيين بلمس ذرة رمال من سيناء سوى على جثثنا، كان دائمًا مقتنع تمامًا أنه سيشتشهد في أرض سيناء، وحبب جميع المتواجدين في الكتيبة في الشهادة، فالجميع كان يتسابق في المشاركة في المداهمات، وفي أحد المرات رأيناه كتب الشهادة على خوذته وبسؤاله، قال إنه في حالة لم يلحق ترديد الشهادة، فهي مكتوبة على الخوذة، وكان نفسه يستمر عمله في شمال سيناء مهما حصل على ترقيات، مشيرًا إلى أنه كان مقتنع اقتناعا تاما أنه سيستشهد على أرض الفيروز.

وأردف: "بعد 7 شهور من تولي العقيد منسي قيادة الكتيب، اتجهنا لإنشاء كمين البرث وجلسنا فيه رغم خطورته لأنه مبنى في وسط الصحراء، وجلسنا لمدة شهر ونصف قبل عملية الهجوم علينا، نظمنا خلالها العديد من المداهمات استطعنا خلالها تصفية العديد من الإرهابيين، والقبض على عدد كبير من قيادتهم، وخلال هذه الفترة كنا نتمرن يوميًا لرفع قدراتنا القتالية، ومعرفة كيفية التصرف أمام الإرهابيين".

وعن ساعات ما قبل الملحة الملحمة، يقو: كان يشعر زملائنا بقرب استشهادهم، فكان الجميع يتحدث عن حياتهم الخاصة، وأنهم يشعرون باقتراب الشهادة.

وعن العقيد منسي، يقول: "كان حديثه يدل على اقتراب شهادته، ففي كل طابور يرفع من روحنا المعنوية، وأي حد مكتوبله حاجة هيشوفها، ويحثنا على الشهادة، ونكون رجالة".

وعن وصية المنسي قال إبراهيم إن "منسي وصانا أن نبقى ثابتين، وأن أي حد مكتوبله حاجة هيشوفها، بالإضافة لحديثه المستمر عن فضل الشهادة، وفي حالة حدوث أي هجوم، نكون رجالة لآخر نفس فينا، وأننا منسبش زملائنا في حالة وفاتهم، ولا نفرط في جثثهم حتى لا يمثل بها الإرهابيين"، مؤكدًا أنه لآخر نفس فيه لن يترك جنوده.

وأردف: "قبل الهجوم بيوم جمعنا، وتحدث معنا وكأنه كان يشعر أنه آخر حديث له قبل استشهاده، وطالبنا باليقظة المستمرة، خاصة أننا نفذنا العديد من المداهمات الكبرى، استطعنا خلالها تصفية والقبض على عدد كبير من قيادات الجماعات الإرهابية، فمن الممكن أن يكون لهم رد فعل قوي تجاهنا خلال الفترة القادمة، وكان يشعر باقتراب هذا اليوم، وكنا مستعدين لأي هجوم وتدربنا عليه كثيرا".

وعن وقت المعركة يقول إبراهيم: "كنت في خدمة من الساعة 12 بليل للساعة 4 فجرًا على سطح المنزل، وبدأت المعركة بعد تبديل الخدمة بـ4 دقائق فقط، خلالها نزلت للأسفل سمعنا زميلنا خالد يقول اثبت اثبت، وعقبها بدأ في التعامل، ويقول بصوت مرتفع حرس سلاح، وبدأنا في خطة الانتشار المدربين عليها، وبدأنا في التعامل مع الإرهابيين، رأينا سيارة مفخخة تقترب من الكمين، وأطلقنا عليها النيران ولكنها لم تتأثر لقوة تصفيحها، وانفجرت في المنزل، مما تسبب في تدمير المنزل بشكل كبير، وفي هذه اللحظة كنت بجيب ذخيرة من الدور الأرضي لمد زملائي بها لاقتراب نفاذ ذخيرتهم، وانفجرت السيارة وأنا في الدور الثاني وفي طريقي للسطح وتوزيع الذخيرة على الزملاء، وبعد الانفجار الذي دمر حيطان المبنى بدأنا في إزالة الحجارة من على أجسادنا، وعدنا للتعامل معهم مجددًا، رغم إصابتنا بالعديد من الشظايا، كنا حريصين كل الحرص على عدم السماح لهم بأخذ أحدًا مننا سواء حي أو استشهد".

وعن أصعب المواقف، قال إنه أثناء التعامل مع الإرهابيين هناك طلقة كانت ستصيبه إلا أن النقيب الشبراوي فاداه وأخذها بدلا منه، وعقبها حمل النقيب شبراوي لإبعاده عن مرمى النيران ووضعه في مكان تواجد باقي الجثث، وتابع: "قبل استشهاده أوصاني محدش ياخد مننا حد سواء حي أو ميت، وأننا نكمل لآخر نفس فينا، وأوصل رسالة لابنه إن والده استشهد راجل وهو يقاتل الإرهابيين من أجل مصر".

وعن الشهيد منسي يقول، كان يتواجد فوق السطح وبعد انفجار السيارة المفخخة تدمر السور المحيط بالسقف، ونزل للدور الثاني ومعه كل الجنود بسبب عدم تواجد شيء نأخذه ساتر نحتمي فيه أثناء تبادل إطلاق النيران مع الإرهابيين، وبعدما أطمأن علينا، وقالنا "اثبتوا يا أبطال الدعم على وصول، وميخدوش حد فينا حي أو ميت"، صعد فوق السطح ونبه على الجميع بعدم الصعود، مشيرا إلى أن زميله خالد كان سيصعد معه إلا أن منسي قال له "محدش هيطلع معايا مهما حصل" وذلك خوفًا علينا.

وعن وفاة المنسي، قال بعد صعوده للسطح، كان دائمًا ينادي علينا لتحميسنا قائلًا "اثبتوا يا أبطال، اثبتوا يا رجالة، الدعم داخل علينا"، وقبل انتهاء المعركة بوقت قصير توقف عن النداء وكلماته الحماسية فشعرنا باستشهاده، وأوضح أنه استشهد بطلقة في رأسه من الخلف فلم يستطع الإرهابيين مواجهته من الأمام فخانوه من الخلف.

وأضاف: أثناء المعركة أصبت بطلقة في قدمي أثناء التعامل، وشظايا متفرقة في الجسد منذ بداية الانفجار، ورغم إصابتي استمريت في التعامل ضد الإرهابيين، وكان الإرهابيين متواجدين في الدور الأول يحاولون الصعود للدور الثاني، ولكننا استطعنا منعهم، ونتعامل معهم، إلا أن قدمي لم تستطع حملي بسبب كثرة النزيف، وشعرت بعدها بهبوط كبير بسبب الدم الذي خرج من جسدي، ولم أستطيع الحركة، ولكني لم أستطيع أن أتوقف عن مجابهة هؤلاء الإرهابيين، فبدأت في جمع الذخيرة وتجهيزها لزملائي، بالإضافة كان يتواجد صندوق قنابل بدأت في تفعيل القنابل وأعطيها لزملائي الذين لم يصابوا لإلقائها على الإرهابيين للحفاظ على الدور الثاني، وعدم صعودهم إلينا".

وأضاف أن الإرهابيين كانوا يحاولون الوصول لمنسي بأي طريقة "هاتوا منسي، لن نرحل قبل قتل منسي"، مشيرًا إلى أنهم قادمين من أجل قتل العقيد أحمد منسي، وفي اعتقادهم أنه في حالة استشهاده ستتوقف القوات المسلحة عن مداهمة أوكارهم والقضاء عليهم.

وأوضح أنه بعد إصابته عولج في مستشفى الحلمية، وعقبها عاد مجددًا لكتيبته لمدة سنة، مشيرًا إلى أنه رفض نقله لكتيبة أخرى وعاد لكتيبته بناء على طلبه وإصراره على العودة لأخذ حق قادته وزملائه، وانتهت فترة تجنيده يوم 1 سبتمبر 2018، موضحا أنه حاليا لا يعمل، وطالب بتوفير فرصة عمل له.

وقال والد البطل، عن خبر إصابة نجله، إن هناك مجند في كتيبة مجاورة لكمين نجله، من نفس المنطقة، وأبلغ أهله بهجوم على كمين إبراهيم واستشهاده، وبدأ المواطنين في الحديث عن وفاته، ولم يخبرنا أحد سوى بعدها بساعات كبيرة، مضيفا: "كنا نشعر بالخوف عليه، فاتجهت للعريش لمعرفة حالته، وهل استشهد أم مصاب، ونحن في الطريق أحد المسعفين، أبلغنا بإصابته، وعقبها حدثت نجلي بالهاتف، واطمأنينا عليه".

وأوضح أنه بعد شفاء نجله، كان له قرابة عام لتنتهي مدة تجنيده، وطلبنا أن ينقل لكتيبة أخرى إلا أنه أصر على عودته لنفس الكتيبة، لأخذ حق زملائه، وكنا نشعر بقلق عليه، ولكن إصراره وحبه في تواجده في الكتيبة كان يطمئننا.

وطالب الشعب المصري، بالوقوف خلف القوات المسلحة والرئيس عبدالفتاح السيسي، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة هي الدرع الواقي لكل فرد في مصر.

وأضاف والد البطل أن منسي رجل وطني من تراث فريد، مشيرًا إلى أن نجله كان يقول دائمًا أنه حبب جميع الجنود في التضحية من أجل البلد والشهادة.