رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أفارول تسليح الجيش الأبيض.. «الدستور» داخل مصانع بدل العزل

الجيش الأبيض
الجيش الأبيض

في حرب الجيش الأبيض «الأطباء وأطقم التمريض» لمواجهة فيروس كورونا المستجد، كان لزامًا توفير أدوات التسلح اللازمة من أدوات وقائية خاصة في ظل زيادة أعداد المصابين والمتوفين، ومن بينها «الأفارول الطبي أو بدلة العزل»، تلك التي قد تسهم في تقليل معدلات العدوى المتكررة من مريض الفيروس التاجي إلى مخالطيه.

وأثبتت مصر إلى الآن كفاءاتها في توفير هذه الأدوات من خلال مصانعها وأيادي عمالها، وفي هذا الملف نستعرض عددًا من مصانع بدل الوقاية «العزل» التي تعمل على قدم وساق في هذه الظروف الصعبة لتوفر كميات تغطي احتياجات الجمهورية في هذه المحنة، لتقديم جزءًا من الحماية لأفراد جيش مصر الأبيض.


صاحب مصنع: تحولنا من مستوردين إلى مصنعين

المهندس محمد عبد العال، مهندس أجهزة طبية وصاحب إحدى شركات الملابس الطبية بالإسماعيلية، قال إنه يعمل منذ عدة سنوات كمستورد فقط، إلا أنه ومع بداية تصاعد أزمة فيروس كورونا وانتشاره بمصر، فكر في العمل بتصنيع بدل العزل، للمساعدة في تغطية احتياجات السوق ومتطلباته خاصة مع صعوبة الاستيراد بالفترة الحالية، لذا عمل على استخدام خطوط إنتاج لمصانع ملابس توقفت عن العمل بسبب الأزمة التي أحدثها فيروس كورونا، لاستغلالها في إنتاج هذه البدل لتنتجها جنبًا إلى جنب مع مصنعه بالإسماعيلية.

وأضاف «عبد العال»، ساردًا تجربته في صناعة بدل العزل: «قمنا باستبدال البدلة الصفراء المعتادة بأخرى زرقاء تتميز عنها بكونها أخف وزنًا، بسبب شكوى كثير من أطباء العزل من ثقل وزن البدلة الصفراء، ما يسبب لهما الشعور بالحر الشديد خاصة مع منع تشغيل المكيفات بهذه المستشفيات لتسببها في انتشار فيروس كورونا».

وتابع: «خامة البدلة نستوردها من المملكة العربية السعودية، التي تتميز بجودتها العالية ومطابقتها للمواصفات الطبية للعزل فهي مادة عازلة تمامًا لأيًا من المواد الخارجية، أما التصنيع فيتم في مصر بالكامل»، موضحًا أن مصر تستطيع تصنيع أي شيء بجودة عالية طالما توافرت مواد الخام اللازمة له، لما تتمتع به من وجود أيدي عاملة ماهرة والعديد من متطلبات الصناعة الجيدة.

وأكد أن لديه العديد من طلبات التوزيع على كل من المستشفيات الخاصة والحكومية، فهناك إقبالًا كبيرًا على منتجاته من بدل الوقاية نظرًا لجودتها ورخص ثمنها، بالإضافة إلى الحاجة الكبيرة لها في هذه الأوقات.

وعن خطوات تصنيع بدلة الوقاية، قال: «تبدأ مثل تصنيع قطع الملابس بمرحلة القص، وتتشكل حسب المقاسات المحددة لها بماكينات مخصصة لذلك، ويوضح أن هناك طريقتين يتم التعامل بهما مع البدل الأولى أن تنتج البدل دون تعقيم، والأخرى أن يتم تعقيمها داخل ما يسمى بجهاز «الأوتوكلاف» وبه تدخل البدلة فيما يسم «رول التعقيم» إلى هذا الجهاز ليتحول مؤشر التعقيم المثبت بالرول عند إتمام عملية التعقيم من اللون الأحمر إلى اللون الأزرق، وكثير من المستشفيات تفضل أن تقوم هي بتعقيم بدل العزل قبل استخدامها مباشرة، نظرًا لكونها قد تتعرض للتلوث أثناء عمليات النقل والتوزيع».

وتابع: «نستخدم مايقرب من 160 ماكينة يعمل داخل مصانعنا، وهناك 200 فردًا بينهم عاملين وإداريين ومشرفي جودة، وبعد كل مرحلة يتم الإشراف الكامل من قبل مختصين على جودتها ومطابقتها للمواصفات، والمصنع حاصل على شهادة الأيزو من قبل الجهات المختصة».

أما عن عمل عمال المصنع في أثناء ظروف الحظر وشهر رمضان المبارك يقول: «كنا قبل رمضان نعمل 8 ساعات يوميًا والآن صرنا نعمل لمدة 6 ساعات فقط باليوم»، مشيرًا إلى التزام المصنع بساعات العمل، وقرارات الدولة حرضًا على صحة جميع العاملين.

صاحب مصنع: السيدات الأكثر كفاءة والتزام في تصنيع بدل العزل

مدحت العشري صاحب إحدى مصانع الملابس الطبية يقول: «نحن من بين عدد من المصانع القليلة التي تنتج بدل العزل في مصر، وتعمل بترخيص من وزارة الصناعة» موضحًا أن بمصنعه يستخدم مادة SMS العازلة وهي إحدى مشتقات البترول وتأتي على شكل حبيبات، وتلك المادة كان يتم كان استيراداها من عدة من الدول منها المملكة العربية السعوية، والإمارات العربية الشقيقة، والهند والصين، إلا أنه ومع تفاقم الأزمة وتوقف حركة الاستيراد، تسبب هذا في نقص بكمياتها بالسوق الأمر الذي تسبب في ارتفاع أسعارها بعد الشيء ليرتفع من سعر 30 جنيهًا للكيلو إلى 70 جنيهًا»، موضحًا أن الكميات التي يتم التصنيع بنها حاليًا هي فقط تلك التي تم استيرادها قبل الأزمة.

وهنا يشير مدحت إلى وجود مصنع واحد فقط مصري بمدينة السادات، وهو «الأمل» الذي ينتج مادة SMS الخام اللازمة لصناعة بدل العزل، داعيًا أجهزة الدولة المختصة إلى الاتجاه إلى إنشاء مزيد من المصانع التي تنتج تلك المادة التي أصبحت ضرورية في هذه الأحيان بسبب انتشار فيروس كورونا، موضحًا أننا بمصر إذا توسعنا بإنشاء مصانع لإنتاج مادة SMS سنكون الرائدين في هذا المجال إفريقيًا، كما سنستطيع بقوة منافسة السوق العالمي به، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك من العمالة البشرية والكفاءات التي تؤهلها لذلك، وهو الذي ظهر جليًا على حد قوله من خلال نشاط العمالة في تصنيع بدل العزل بكامل طاقتهم لإنتاج كميات تكفي السوق المحلي ولا يظهر أيًا من اشكال النقص بكمياتها مثلما حدث في العديد من الدول الكبرى في ظل هذه الأزمة.

وأكد العشري أن أغلب العمال بمصنعه هم من السيدات، موضحًا أنهم أثبتوا أنهم الأكثر كفاءة والتزامًا، ليقول: «السيدات يعملن بكل كفاءة والتزام وتفاني في العمل»، متابعًا أنهم لم يكتفوا بساعات العمل التي حددها المصنع بل أقبلوا على العمل لساعات إضافية بما يتفق ومواعيد الحظر التي حددتها الدولة، رغبة منهم في زيادة الإنتاج وزيادة راتبهم الشهري حيث تباينت رواتبهن بين 4000 و6000 إلى أن وصل إلى 8000 جنيهًا حسب إنتاجيتهن.

وأضاف أن بدل العزل التي ينتجها مصنعه هي ذات الاستخدام الواحد، وتعد أكثر أمنًا من نظيراتها التي يعاد استخدامها، حيث أحيانًا لا تضمن عمليات التعقيم والتطهير لها أن تتم على نحو جيد، ويتراوح سعر بيع البدلة الواحدة بمصنعه حسبما يقول بين 30 إلى 40 جنيهًا.

وأكد أن المصنع يعمل حاليًا بكامل طاقته الإنتاجية لتلبية الكميات المطلوبة نظرًا لزيادة الطلب على تلك البدل، مشيرًا إلى أنه يتعامل مع شركات توزيع تقوم بدورها بتوريد هذه البدل إلى العديد من المستشفيات الحكومية والخاصة.

صاحب مصانع ملابس طبية: الدولة تدخلت لضبط أسعار البدل بالأسواق

أما أحمد عزمي صاحب العديد من الملابس الطبية، قال إنه يعمل بهذا المجال منذ حوالي 20 عامًا، وأنشأ 3 مصانع اثنين منهم بالقاهرة ومصنع بالإسكندرية وواحدًا بمحافظة الإسماعيلية، جميعهم كانوا متخصصين بإنتاج البالطو الطبي و«الجاون»، إلا أنه ومع تغير الظروف واحتياج الدولة لمزيد من بدل العزل، اتجه إلى تصنيعها بل والتنوع فيها بين بدل ذات الاستخدام الواحد وبدل متعددة الاستخدام.

وأوضح أن البدل ذات الاستخدام الواحد يقبل عليها الأطباء نظرًا كونها أكثر أمانًا من مثيلتها التي يعاد استخدامها مرة أخرى، فالأولى يمكن التخلص منها سريعًا، وبالتالي عدم السماح لأيًا من الفيروسات البقاء مدة أطول، مما قد يؤدي إلى انتشار هذه الفيروسات أو التصاقها الجسم.

ويشير عزمي إلى أن البدل ذات الاستخدام المتعدد تصنع من مادة "البروبلين" ويمكن تطهيرها أكثر من مرة عبر جهاز "الأوتوكلاف" عند درجة حرارة 130 إلى 150 درجة مئوية، كما أنها تتكون داخليًا من عدة طبقات عازلة، ويضيف حمدي أنه يعمل عل تصنيع البدل مستخدمًا أقل المساحات لحياكتها، حتى لا يتسرب الهواء الذي قد يكون محملًا بالفيروس من فتحات الحياكة الصغيرة.

ويقول إن المصنع ينتج حوالي 1000 بدلة عزل يوميًا على مدار 8 ساعات عمل من العمال الذين يبلغ عددهم 50 عام وعاملة، وتباع البدلة المتعددة الاستخدام الواحدة بسعر 300 جنيه، أما البدلة ذات الاستخدام الواحد فتتراوح أسعارها بين 30:50 جنيهًا حسب جودة خامتها.

وأكد أن الدولة تدخلت في شأن أسعار بيع وتوريد بدل العزل للمستشفيات الحكومية واستطاعت السيطرة على هذا السوق من يد بعض مستغلي الأزمات، وذلك عن طريق هيئة الشراء الموحد التي استطاعت تحديد سعر موحد لشراء بدل العزل من المصنعين، يضمن تحقيق مكسب مناسب للمصنعين، وفي نفس الوقت يمنع فرص احتكار السوق والمغالاة في الأسعار كما حدث من قبل في شأن الكمامات قبل تدخل الدولة.

وأضاف: «تقوم الدولة بشراء بدل العزل ذات الاستخدام الواحد بسعر 36.25 جنيهًا للبدلة الواحدة، من بعض الشركات الكبرى التي بدروها، تحصل على الإنتاج من مصانعنا».

مدير معارض ملابس طبية: لابد من تقنين أوضاع المصانع غير المرخصة

أحمد حمدي مدير معارض إحدى مصانع الملابس الطبية بطريق مصر اسكندرية الزراعي، يؤكد أن بدل العزل يمكن تصنيعها من عدة مواد سواء كانت منسوجة أو غير منسوجة، وبمصنعه يتم تصنيعها من مواد غير منسوجة لتستخدم مرة واحدة فقط، موضحًا أن خامة بدل العزل الأصلية ما زالت إلى الآن يتم استيرادها من العديد من الدول، على رأسها المملكة السعودية التي بها أكبر مصنع لخام بدل العزل بالشرق الأوسط.

وينوه حمدي إلى أن هناك العديد من مصانع الملابس اتجهت مع أزمة فيروس "كورونا" إلى تصنيع الملابس الطبية بسبب الركود الذي حدث بصناعة الملابس مبينًا أنها تعمل بذلك دون ترخيص من الدولة، وهو الأمر الذي يحتاج النظر فيه لتقنين أوضاع هذه المصانع.

كما يشيد عزمي بقدرة مصر ممثلة في مصانعها في إدارة أزمة فيروس "كورونا" من توفير كافة المستلزمات الطبية الضرورية لمواجهة هذا الفيروس، موضحًا أن مصنعه كان ضمن المصانع التي صدرت بدل العزل للصين، كما أنه ينتج حاليًا كميات ضخمة من هذه البدل لتغطية احتياجات السوق، ويضيف أن جمعية أهل مصر كانت أولى الجمعيات التي تعاونت مع مصنعه لشراء كميات كبيرة من إنتاجه من بدل العزل لتوزيعها على مستشفيات الحميات والصدر الحكومية.

كما يؤكد عزمي على أنه يتبع بمصنعه كافة الإجراءات الوقائية للحماية والحفاظ على صحة جميع العاملين، وذلك من خلال إلزامهم بارتداء كافة ملابس وأدوات الواقية أثناء العمل بداية من الكمامات والقفازات الطبية، وأغطية القدم والرأس مع الاستخدام الدائم للكحوليات والمطهرات لتجنب أي إصابة بين العاملين في ظل انتشار هذا الفيروس وعملهم، موضحًا أنه مثل غيره من المصانع قد أغلق أبوابه بعد انتشار الفيروس خوفًا على عاملينه وصحتهم إلا إنه ومع ازدياد الطلب على بدل العزل، أعاد العمل بالمصنع مرة أخرى ولكن بشروط وإجراءات حماية صارمة حتى لا يتضرر أحدًا.


الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات المصرية: صنعنا بدلة عزل يتم غسلها وتعقيمها أكثر من 30 مرة

ومع محاولات العديد من المصانع توفير مستلزمات لحماية الجيش الأبيض من فيروس "كرورونا" أو للتقليل من الإصابات به تمكنت إحدى الشركات المصرية، المتخصصة في تكنولوجيا تصنيع الملابس من صناعة بدلة وقاية للأطقم الطبية والتمريض يمكن أن يتم غسلها وتعقيمها أكثر من 30 مرة مع تفاديها لأي عيوب ببدل العزل، فأكد عمر المنير، الرئيس التنفيذي لها، أنه مع بداية أزمة كورونا بدأ فريق العمل في البحث عن حلول لحماية الفرق الطبية في مستشفيات العزل، لتتلقى اقتراحا من شركة شريكة لها متخصصة في الاستثمار التكنولوجي بالمجال الطبي لابتكار Overall يكون معالج بطريقة تكنولوجية تتلافى كل عيوب المنتجات الموجودة بالأسوق وتقدم الحماية اللازمة لمرتديه.

وأضاف المنير أنه قد بدأ العمل إنتاج هذه البدلة فورًا وأول خطوة كانت التعرف على المنتجات المماثلة في السوق للاستقرار على المواصفات الأساسية، والتي شملت خفة في الوزن حتى لا تمثل حمل على الطبيب.

وبحسب المنير فيمكن تعقيم البدلة أكثر من مرة وتستطيع الحفاظ على التعقيم لفترة أطول كما أن الخامات المصنوعة منها غير مسببة للتعرق لمرتديها.

وأكد أنه كان هناك تحديًا لتطوير بدل وقاية أكثر استدامة وقابلة للغسل وخفيفة في الوزن، فكان من المطلوب تصميم البدلة بقدرة تحمل نحو 30 غسلة لتقليل عمليات التدوير، ويمكن تعقيمها بسرعة ومضادة لرائحة العرق ووزنها خفيف وسعرها منخفض".

وكشف عن أن هناك تطوير لخطوط إنتاج تكفي استهلاك مستشفيات العزل في مصر لمدة شهر على الأقل من هذه الملابس الواقية على أن يتم تصدير الفائض لمختلف دول العالم لمساعدتهم في تجاوز جائحة فيروس كورونا، وبحسب قوله فلا يتجاوز سعر هذه البدلة 250 جنيهًا فقط، مؤكدًا أن الشركة تبيع بدلة الوقاية عبر موقع إلكتروني، من خلاله يسمح للعميل شراء البدلة والتبرع بها لأي مستشفى يريدها، على أن توصل الشركة هذه المنتجات للمستشفى.