رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرسول فى مصر «27»..

محمد الباز يكتب: «مدد يا نبى» تنتصر على فتاوى شيوخ التطرف

محمد الباز
محمد الباز

فى اللحظة التى تعتقد فيها أنك فهمت المصريين تجد نفسك حائرًا فى تفسير سلوكهم وتصرفاتهم، ينصرف ذلك عليهم فى كل أحوالهم، دينهم ودنياهم، مساحات الخير فى شخصياتهم ومساحات الشر على السواء، تجد أحدهم مقتنعًا تمامًا بما تقوله له، وفجأة تجده يسلك سلوكًا مخالفًا تمامًا لما تعتقد أنه اقتنع به أو أقرك عليه.
يمكنك أن تقول إن هناك تناقضًا واضحًا فى شخصياتنا بين الشكل والمضمون، فكثيرًا ما نذهب فى طريق لا نريده، ونقدم على تصرفات لا تناسبنا، ونصاحب من لا تتوافق أمزجتنا معهم، ونرافق من يرهقنا طوال الطريق دون أن نسأل لماذا نتمسك بهم.
شىء من هذا يحدث فى محبة المصريين للنبى، صلى الله عليه وسلم، فقد يرى البعض أن هناك تناقضًا فى حب المصريين لنبيهم وطريقة تعبيرهم عنه.
يعرف المصريون جيدًا الصورة التى رسمها القرآن الكريم للنبى، صلى الله عليه وسلم، ويعرفون الصورة التى حرص الفقهاء على ترسيخها له فى الذهنية الإسلامية.
يعرفون له قدره ومقداره ودوره الذى لعبه فى حياة الإنسانية، ويقدرون أن التعبير عن الامتنان لما قدمه له شروط وطقوس، ومع ذلك فقد صنعوا طقوسهم الخاصة التى يعبرون بها عن عشقهم وذوبانهم فى النبى، صلى الله عليه وسلم.
غنى المصريون للنبى، صلى الله عليه وسلم، كما لم يغن أحد من قبل، دخلوا به إلى مساحة التدليل، علامة على الحب الشديد، فلا يدلل المصريون إلا من يحبونهم.
ولأننا تركنا محطة الحديث عن طلب المصريين المدد من الرسول، صلى الله عليه وسلم، منذ قليل، فما رأيكم أن نبدأ الحديث عن غناء المصريين للرسول من المحطة نفسها، محطة المدد.
تعرف أننى سأدخل عليك الآن وفى يدى محمد الكحلاوى، المطرب الذى تحول المديح النبوى على يديه إلى أغنية، يتم تلحينها وتوزيعها وإخراجها.
الكحلاوى من مواليد العام ١٩١٢، عاش سبعين عامًا، فقد توفى فى العام ١٩٨٢.
يمكننا أن نقسم حياته إلى قسمين، الأول استغرق منه ما يقرب من الأربعين عامًا، والثانى بدأه فى منتصف حياته تقريبًا.. وهو الذى نذر فيه نفسه ليكون مغنيًا للرسول فقط، بعد أن قطع شوطًا كبيرًا فى الغناء بكل أشكاله وإنتاج الأفلام البدوية تحديدًا.
هل تؤمنون بالرؤى والأحلام؟
حتى لو كنتم لا تؤمنون بها أو تثقون فيها، أعتقد أن صاحبة الرواية ستجعلنا نطمئن لما تقوله.
هى الدكتور عبلة الكحلاوى، ابنة محمد الكحلاوى والداعية الرائقة الصافية وأستاذة الفقه فى كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بجامعة الأزهر.
فى أحد حواراتها الصحفية كشفت عبلة عن سر تحول والدها من المطرب والممثل الذى كان رائدًا فى الأعمال البدوية إلى مطرب الرسول الأول إذا جاز التعبير.
تقول الدكتورة عبلة: بدأ أبى حياته الفنية مطربًا وممثلًا، وفى منتصف حياته أصيب بمرض فى أحباله الصوتية، وفقد القدرة على الغناء تقريبًا، وظل على هذا الحال لفترة طويلة، بل تأثرت قدرته على مجرد الكلام، للدرجة التى ضاق فيها بكل شىء، فى منامه رأى شخصًا لا يعرفه يقول له: سيعود صوتك بشرط واحد ألّا تغنى من الآن إلّا للرسول، صلى الله عليه وسلم.
ظل الكحلاوى محتفظًا بهذه الرؤية لم يخبر بها أحدًا، حتى عاد له صوته بعدها بأيام، فقرر ألّا يغنى إلّا للنبى، صلى الله عليه وسلم، وهو ما حدث بالفعل، فعندما طلبوا منه أن يغنى أمام الرئيس جمال عبدالناصر، وكان مفروضًا أن يغنى بعض الأغانى الوطنية، اعتذر لمن دعوه، فقد نذر أمام الله ألا يغنى لأى إنسان آخر مهما كان، بعد أن غنى للنبى، صلى الله عليه وسلم.
عندما تقلب فى أوراق محمد الكحلاوى ستجد لديه ١٢٠٠ أغنية أداها طوال حياته، من بينها ٦٠٠ أغنية دينية تدور كلها حول النبى، صلى الله عليه وسلم، والغريب أنه عندما دفعته روحه الوطنية أن يغنى لانتصارات حرب أكتوبر، استدعى النبى، صلى الله عليه وسلم، أيضًا، فغنى: على نورك قمنا وعدينا يا رسول الله من بدرى كتايب حوالينا كبروا لله.
لن أزايد عليك وأدعى أننى أعرف الأغانى التى نثرها محمد الكحلاوى تحت قدمى النبى، صلى الله عليه وسلم، أكثر منك، لكننى سأتوقف أمام ما يمكننا اعتباره درة التاج فى مديح النبى المغنى عند الكحلاوى.
فعل ذلك مرتين فى حقيقة الأمر.
المرة الأولى فى أغنيته «لأجل النبى».. والتى يلخص فيها العلاقة الخاصة جدًا التى تربط بين النبى والمصريين على وجه التحديد، رغم أنك يمكن أن تتعامل مع ما قاله على أنه يصف العلاقة بين النبى والمسلمين جميعًا، لكننى سأتحفظ على ما تذهب إليه، فالروح مصرية خالصة، والمزاج مصرى خالص.
ما رأيكم أن نستمع إلى «لأجل النبى» هذه المرة ونضعها على طاولة التشريح المصرية.
تتوقف فى الأغنية عند «القعدة» الحلوة لا لشىء إلا لأنها عند النبى، يمكنك أن تراجع كل الذين ذهبوا إلى هناك، أقاموا حول المسجد النبى، تجدهم لا يقر لهم قرار، يريدون أن يقضوا الوقت كله فى مسجد النبى وبجوار قبره وفى روضته، ولم يكن صعبًا على الكحلاوى أن يدرك حلاوة هذه القعدة، فمن بين ما ينسب له أنه ظل لأربعين عامًا من حياته يحج بيت الله الحرام ويزور قبر النبى دون انقطاع.
أنهت «لأجل النبى» الجدل العقيم حول الاستعانة بالنبى أو بآل بيته، فقبل أن يدخل الكحلاوى ساحة الرسول يتوجه إلى الله، ليفوض له الأمر كله، يحدثه: يا إله الكل كلى إنت عالم بيا كلى.. يظلمونى أنت شايف يتهمونى أنت عارف.. برده عارف من عبادك إيه حصلى.
وأنت تردد مع الكحلاوى ما قاله، تضع الأمر كله بين يدى الله، معترفًا بأن الأمر كله منه وإليه، وأنه لا يقدر على شىء فى ملك الله إلا الله وحده، والنبى هنا شفيع، فأنت تستحلف الله برسوله، تطلب منه بجاه نبيه: أنا فى جاه النبى تكرم عبيدك والنبى.
لا يطلب المادح شيئًا لنفسه، يريد من الله أن يكرم العباد وينصر البلاد: لأجل النبى لأجل النبى لأجل النبى تنصر بلدنا والنبى لأجل النبى.
وحتى لا يقتحم الشك قلبك يعود المداح للتأكيد على تفويض الأمر كله لله: يا إله الكل عنى من العباد ما حد عنى... يا نصيرى يا إلهى يا مجيرى أنت جاهى غير بابك لم يكن لى.
ثم يدفع الكحلاوى بالنبى شفيعًا بين يدى الله فيطلب: أنا فى جاه النبى تكرم عبيدك والنبى أنا فى جاه النبى تقبل صلاتى على النبى.
هنا يمكن أن نرصد حالة الذوبان الكاملة، فالنبى وسيلة وهدف، فالمداح يتشفع عند الله بجاه النبى لا لشىء إلا من أجل أن يقبل الله الصلاة على النبى.. وهو ما يضعنا على الطريق الطويل الذى يقودنا إلى النبى، صلى الله عليه وسلم، فنحن نحبه من أجله.. ودون ذلك لا شىء.
الأغنية الأكثر عظمة وعبقرية كانت «مدد يا نبى»، وأعتقد أنها الأشهر من بين ما غناه الكحلاوى فى حب النبى، صلى الله عليه وسلم، وكتبها الصوفى الكبير عبدالفتاح مصطفى.
هنا لا بد أن نتوقف عند المعانى التى تتابعت فى تدفق روحى هائل، فالهائم فى حب النبى يتحدث معه.
يقول: أنا جيت أزورك يا نبى وأقول مدد شاهدت نورك يا نبى زاد المدد.
ويقول: الورد كان شوك نور فى بساتينا والأرض كانت تراب صبح التراب حنة.
ويقول: حتى الحمام كان ينوح لأجل النبى غنى قلت لحمام الحما خد من دموعى شهود.
ويقول: الورد كان شوك ولان الشوك على كفوفنا علشان مديح النبى عطر شفايفنا.
ويقول: الورد كان شوك ونور لما جينالك هانت ولادنا وهان الغالى علشانك.
لست فى حاجة لشرح ما خفى.
ولا لتفصيل ما أجمل.
فالصور التى أمسك بها عبدالفتاح مصطفى، وهو يطلب المدد من النبى، لم يقترب منها أحد قبله ولا بعده، وتخيل فقط أنت أن حضور النبى القوى يجعل الشوك ينور فى البساتين، وتراب الأرض يصبح حنة، والحمام الذى ينوح من أجله يغنى.
لم يكن هذا غناء أبدًا.. إنه وجد منطلقًا يحافظ فيه عبدالفتاح مصطفى ومن ورائه الكحلاوى على خصوصية النبى، فهو لا يفعل شيئًا، بل الأشياء هى التى تتفاعل من أجله.
لا يحول النبى الشوك إلى ورود.. ولكن الشوك هو الذى يتحول.
لا يحول النبى تراب الأرض إلى حنة.. ولكن التراب هو الذى يتحول.
لا يجبر النبى الحمام الذى لا يتوقف عن النوح على الغناء.. بل هو الذى يغنى.
احتاج شيوخ التصوف الكبار إلى فتاوى كثيرة حتى يزيلوا من أذهان الناس أن طلب المدد من النبى، صلى الله عليه وسلم، أو من آل بيته أو من الأولياء فيه مس من الشرك أو هو الشرك نفسه، وإذا بأغنية واحدة تنهى الأمر كله، فما أطيب أن يردد الناس وراء الكحلاوى قوله «مدد يا نبى.. يا نبى مدد».
لو قلت لهم بعد ذلك ما قلت، ولو دفعت فى طريقهم ملايين الفتاوى وآلاف المقالات ومئات الكتب تطعن بها فى عقيدتهم فلن يصدقك أحد، فقد قرر المصريون أن يردوا على الفتاوى المتطرفة بالغناء.
لدىّ هنا اعتراف لا أعرف إن كان سيروق لكم أم أنكم ستتجاهلونه تمامًا.
لم يلمس محمد الكحلاوى قلبى فى أى مرة استمعت منه إلى «مدد يا نبى»، فعل ذلك معى طفل صغير أدى الأغنية على المسرح الكبير بدار الأوبرا فى واحد من الاحتفالات بذكرى المولد النبوى الشريف، اسمه متولى هلال، أعتقد أنكم تعرفونه.
فى كل مرة يقودنى الشوق إلى سماع الأغنية أذهب إلى متولى هلال، لا يستوقفنى الكحلاوى.
الطفل الصغير وضع الله فى حنجرته من الحلاوة والخضوع والخشوع والرهبة والحنان والقوة ما لا يمكننا أن نتصوره، جربوا واسمعوها منه، أعتقد أن الأمر سيكون مختلفًا تمامًا.
ظل متولى هلال بالنسبة لى مجهولًا تمامًا، لا أعرف عنه شيئًا، ولم يهتم به كثيرون، فيما أعتقد، رغم عبقريته، حتى وجدت بعض المعلومات المتناثرة عنه فى تقارير صحفية قليلة، بعد أن تقرأها قد تتعجب، ما الذى قادهم إلى هذا الصغير؟!
عبقرية متولى هلال انتهت قبل أوانها، وقتها كان عمره لا يزيد على ١٣ عامًا، أثناء مشاركته فى أحد الأفراح وجده المحيطون به جثة إلى جوارهم بعد أن أصابته رصاصة بالخطأ.
عاش متولى فى منطقة الزاوية الحمراء بالقاهرة، واكتشفه الشاعر أمل الطائر عندما استمع إليه وهو يغنى فى أحد الأفراح بحى الشرابية، فقاده إلى دار الأوبرا التى وقف على مسرحها كمطرب كبير يمتلك أدواته ويقدر على انتزاع آهات الإعجاب من متذوقى الفن الكبار.
حاول بعض المنتجين استغلال موهبة متولى هلال، أنتجوا له ألبومين بالفعل، لكن لم يبق منه إلا أداؤه الرائع لـ«مدد يا نبى» وهو الأداء الذى تميز به عندى عن أداء الكحلاوى، وأداء كل من حاول أن يؤدى هذه الأغنية حبًا وتقربًا وكرامة للنبى، صلى الله عليه وسلم.
قد تعتقد أن أغنية «مدد يا نبى» انتصرت بشكل كامل، لكن الواقع يقول إن هذه الحقيقة أصابها شرخ عابر.
استمعتم إلى أغنية «مدد يا رسول الله» التى أداها محمد منير بإحساسه المميز.
تقول كلماتها:
«مدد مدد مدد.. مدد مدد مدد.. مدد يا رسول الله أقسمت بالفرقان وبسورة الإنسان العدل فى الميزان لكل خلق الله.
مدد مدد مدد.. مدد مدد مدد.. مدد يا رسول الله أقسمت بالإسراء وبراءة العذراء الدم كله سواء حرام بأمر الله أنشودة المسيح رسالة حرة على الأرض السلام وبالناس المسرة.
مدد مدد مدد.. مدد مدد مدد.. مدد يا رسول الله أقسمت بالحميم وبصورة التحريم أنى لا زلت سقيم فى حب رسول الله.
تشعر من دخلة محمد منير إلى ساحة الأغنية بأنه يستعين بروح الكحلاوى، لكن عندما تتأمل كلماتها تتأكد أنها جاءت استجابة لحالة التناحر الدينى التى شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، وكأن كاتبتها الشاعرة كوثر مصطفى عمدت إلى استدعاء النبى، صلى الله عليه وسلم، وطلبت منه المدد لينهى الصراعات الكثيرة التى خلفها أتباع الأديان وراءهم.
لكن قد يكون غريبًا عندما تعرف أن هذه الأغنية تحديدًا تعرضت لما يشبه محاولة الإجهاض، وهنا أعود إلى تقرير صحفى كتبه الصحفى الفنى المرموق مصطفى حمزة.
كشف حمزة عن أنه قبل أن تصبح أغنية «مدد يا رسول الله» إحدى الفقرات الرئيسية فى الاحتفالات الدينية، خاصة المولد النبوى، ظل كليب الأغنية أسابيع طويلة ممنوعًا من العرض بالتليفزيون المصرى بسبب فتوى دينية.
قصة الأغنية بدأت مع محمد منير تقريبًا فى العام ٢٠٠١، تحديدًا بعد تفجيرات سبتمبر فى الولايات المتحدة الأمريكية، وهى التفجيرات التى كشفت عورة الجميع.
فكّر منير فى الرسالة التى يجب أن يحملها ألبومه «الأرض.. السلام»، واستقر على أن تكون الرسالة مزدوجة للغرب وللمسلمين فى الوقت نفسه، يقول للجميع من خلالها إن الإسلام يدعو إلى التسامح ولا يعرف العنف.
طرح منير الأغنية بالفعل فى العام ٢٠٠٢، وكانت المفاجأة أن التليفزيون المصرى تردد فى إذاعتها رغم رسالتها الواضحة، وكانت الحجة التى رفعها مسئولو التليفزيون فى وجه صنّاع الأغنية أن هناك فتوى وصلتهم من أحد الشيوخ تُحرّم الأغنية.
حملت الشاعرة كوثر مصطفى على عاتقها مهمة التصدى إلى هذه الرؤية الظلامية والمريبة، هى التى كتبت الأغنية، وتعرف جيدًا قيمتها وما تحمله من رسائل سامية، طلبت منهم أن يظهروا لها الفتوى التى يقولون إنها تُحرّم الأغنية، لكن لم يطلعها أحد عليها، فيما يبدو أنه لم تكن هناك فتوى من الأساس، قالوا لها إن الفتوى التى معهم تقول إنه لا يجوز طلب المدد من الرسول، صلى الله عليه وسلم، وإن هذا شرك بالله.
وكأننا تأخرنا عشرات السنين، وكأننا عدنا مرة أخرى إلى الجدل العقيم والسقيم حول هذه المسألة.
كان طبيعيًا أن تتحرك كوثر مصطفى حتى تحمى أغنيتها، طلبت الرأى من الدكتور محمد الفيومى، أحد علماء الأزهر، وتحدثت مع الكاتب الكبير أحمد بهجت، وقد اتفقا على أن القيم التى ذهبت إليها الأغنية، وما تدعو إليه من تسامح، تعبر عن فهم لصحيح الدين ولا يجوز منعها إطلاقًا.
وجد المسئولون عن التليفزيون أنفسهم فى حرج، فاضطروا إلى الإفراج عن الأغنية التى تمثل جزءًا مهمًا من تراثنا الغنائى فى حق النبى، صلى الله عليه وسلم.
الأزمة التى لا بد أن نواجه بها أنفسنا أننا بالفعل تأخرنا فى الغناء من أجل النبى، صلى الله عليه وسلم، والدليل على ذلك أننا احتفينا بأغنية كان يؤيدها سامى يوسف، تقريبًا كانت الأغنية دون كلمات، ربما جذب الناس إليها أنها كانت غريبة، أو أن مطربًا غير عربى يترنم فى حب النبى، لكن سامى يوسف كان مجرد موضة، ثم لم يبق منه شىء على الإطلاق.
المعجزة الحقيقية التى توقفت عندها أن الغناء للنبى، صلى الله عليه وسلم، لا يبقى إذا كان لوجهه، وهو ما جرى مع أغنية حمزة نمرة.
الأغنية تحمل اسم «مدد»، ربما طمعًا فى أن تحصل على بعض ما حصلت عليه الأغنيات السابقة التى كانت تتغنى فى المدد الذى ننتظره من النبى، وربما يكون حمزة حلم ببعض مجد محمد الكحلاوى أو محمد منير، لكنه سقط تمامًا، وتحوّلت أغنيته إلى مجرد أغنية من الأغنيات الكثيرة التى يسمعها الناس لمرة أو مرتين ثم تدخل ملف النسيان.
كلمات أغنية حمزة نمرة لا روح فيها ولا إحساس، تقول: يا حبيبى يا رسول الله يا مبعوث فينا نورت المدينة جئت بالرسالة والأمر ابتدا يا أميا علم بالصدق تكلم اللهم سلم على نور الهدى مدد يا نبى مدد يا خير البرايا ومبتدى الحكاية أحضرت الهداية ومحلى بالرضا يا خير الأنام يا مسك الختام أنت لى إمامى.
لن أخوض فى هذه الكلمات، ولن أقترب من أداء صاحبها، كل ما عندى أن هذا المطرب الذى يحمل هوى إخوانيًا فى قلبه، لم يمنحه النبى، صلى الله عليه وسلم، بركته عندما قرر أن يغنى من أجله.